حاورها : محمد السمهوري
تغوص الروائية الفلسطينية سناء أبو شرار في عوالم غير متوقعة في عالم الرواية الحديثة، فقد أخذت على عاتقها تسليط الضوء على القضايا الإنسانية بأبعدها الاجتماعية، معتمدة على مقابلة شخصياتها في الواقع، وعكس هموم تلك الشخصيات في قالب إبداعي أدبي رصين.
رسائل عديدة تحملها الكاتبة أبو شرار للمجتمع، وتسلط الضوء على عذابات متوارية، كأنها تسعى إلى تفجير قنابل الألم وضيق الروح.
وأكدت الكتابة الفلسطينية سناء أبو شرار عبر أعمالها الروائية، أن من يهمها هو الإنسان وما يشعر به وما يفكر به وما يُقلقه، ورفضت الكاتبة الكتابة عن قضايا تُشعر القارئ بغربة عن ذاته وعن مفاهيمه الإنسانية والاجتماعية.
رحلة ذات لرجل شرقي
وعمدت أبو شرار في روايتها “رحلة ذات لرجل شرقي” إلى عكس ما يتوقعه القارئ فيما يتعلق بالرجل في المجتمع الشرقي، وأنصفته، حيث قالت “إن الذي دفعها لكتابة هذه الرواية هي فكرة راودتها بأن المرأة بحاجة لمعرفة أعمق للرجل، وقد تفاجأت بالتشابه العميق بين الرجل الغربي والرجل العربي، وأن الاختلاف يكمن في الفروق الاجتماعية والدينية ولكن ليس الإنسانية، واكتشفت عدم معرفة المرأة العربية للرجل بشكل علمي وموضوعي، فالرواية ليست دفاعاً عن الرجل ولكنها نظرة موضوعية له وإنسانية بناء على دراسات وعلى مراقبة للمجتمع، ومن غير المنطقي أو المعقول تعميم بعض الحالات الشاذة والعنيفة على مجمل المجتمع العربي، فالرجل العربي بأغلب الحالات رجل مسؤول وعطوف، كما أن الدين الإسلامي فرض عليه واجبات ثقيلة لابد أن يفي بها تجاه الله قبل أن يفي بها تجاه زوجته”.
وتضيف في السياق ذاته: “أعتقد أنه مظلوم بحال تم إلغاء إنسانيته والتعامل معه من منطلق الحالات الشاذة والغريبة وهو مظلوم بحال تم نسيان كل ما يقدمه للمرأة وحين يُخطئ يتحول لعدو لها ولأولاده”.
وأكدت الكاتبة أبو شرار أنها كتبت ثماني روايات وجميعها بمواضيع مختلفة، مشيرة إلى أن الرواية بالنسبة لها هي انعكاس فكر إنساني واجتماعي، ثقافي وشعوري يتم مزجة ببراعة ليصل إلى فكر وقلب وعقل القارئ.
وأشارت إلى أنه لا وجود لرواية عشوائية لديها، فجميع رواياتها تختار مواضيعها بعناية، وتوجه من خلالها رسالة إنسانية محددة لمن يقرأها.
وأضافت: “تجربتي الروائية قدمت لي عوالم أتجول بها بحرية وانطلاق إنساني عميق مع التقيد بقيم أخلاقية ودينية أحترمها وأحبها، عالم الرواية عالم الثراء النفسي والثقافي وعالم خفيف في أعماق عالم واقعي ثقيل، لم أمنح الرواية ما تستحقه بقدر ما منحتني من ثراء فكري ومن التعمق بالذات البشرية بتعقيدها أو ببساطتها وكذلك جعلتني أكتشف أن الحياة من خلال الرواية نوافذ مشرعة باتجاه الوجود بأكمله”.
شخصيات تحت المجهر
حالة روح
وتضع الكاتبة أبو شرار شخصياتها تحت المجهر، محاولة عبر أعمالها أن لا تدين بالقدر، فالقضية في أعمالها لا تأخذ أشكال التحييز الجنسي، فالكل تحت مشرط الجراح بشر سواء مرأة أو رجل.
وتفسر الكاتبة موقفها بالقول “هذا عدا عن وجود أمثلة رائعة للكثير من الرجال بعطائهم وإنسانيتهم، ولكنني أكتب عن معاناة المرأة لأنني أؤمن أن على المرأة وقبل أن تطالب الرجل أن تبحث عن ذاتها وأن تجد القوة المعنوية بروحها وألا تطالب الرجل بأن يكون سبب السعادة، لذا أصف معاناتها كي ترى نفسها وضعفها وتسعى دائماً لبناء هذه الذات، أو لترميمها قبل أن تطالب الرجل بهذا البناء المستحيل دون مساعدتها لذاتها”.
الكاتبة في سطور
تتحدر الكاتبة سناء أبو شرار من عائلة مثقفة ومناضلة، فهي شقيقة الراحل الشهيد ماجد أبو شرار، كما أن إقامتها في غير مكان وضعها في مواجهة مع قضيتها الوطنية، قضية فلسطين، محاولة تقديم صورة منوعة عن معاناة الشعب الفلسطيني عبر رواية “جداول دماء وخيوط الفجر”، وكتبت أيضا عن المعاناة الفلسطينية في أمريكا وكندا في رواية “رائحة الميرامية”.
وتقول في هذا الصدد “القضية الفلسطينة تتجاوز معاناتها حدود المكان ولابد لكل كاتب فلسطيني أن يكون لديه إبداع، لا محدود لوصف المعاناة الفلسطينية بصورة غير تقليدية، أو مكررة لابد أن يكتب عن أشكال لا حدود لها لهذه المعاناة سواء على أرض فلسطين، أو خارجها سواء تاريخيا، أو حالياً أو في المستقبل.
وتعتبر الراوائية أبو شرار أن القارئ العربي لا يحتاج إلى الدخول في تعقيدات الرواية وتقنياتها بل يحتاج إلى مضمونها والشكل الأقرب إلى تلمس قضاياه الاجتماعية والثقافية والإنسانية و الحسية، منوهة إلى أنها ليست في موقع يقيم الرواية العربية، مضيفة أن ما تفضله هو الكتابة للإنسان البسيط.
– عن العربية نت