قراءة في كتاب «دلالات الأسماء في حياة الإنسان» للدكتور أحمد أبو الرُّب

(ثقافات)

قراءة في كتاب «دلالات الأسماء في حياة الإنسان» للدكتور أحمد أبو الرُّب

مدني قصري

 

في كتابه “أسرار الأسماء في حياة الإنسان”، وهو ثاني كتاب يصدره المؤلف حول سر الأرقام في حياة الإنسان، يطلعنا الباحث الأردني الدكتور أحمد أبو الرُّب، وهو متخصص في علم الأرقام عن علاقة سر علاقة الأسماء بالأرقام في حياة الإنسان.

من المعروف تاريخياً أن علم الأرقام ودلالاتها يعلّمنا أن الإنسان مكوّن من طاقة جوانية ، ومحاط أيضاً بطاقة الكون الذي يعيش فيه. ومن هنا فإن هذا العلم يساعدنا على العيش في تناغم مع هذه الطاقات ، وعلى التحكم في مصائرنا. يرجع الفضل للفيلسوف اليوناني فيثاغورس في نشر علم الأرقام في الغرب إبتداء من القرن السادس قبل الميلاد. ومن بعده علّم الإغريق الأوائل أتباعهم أن الأرقام أساسية لفهم جوهر الحياة نفسها. فقد لقّنوهم كيف أن الأرقام من 1 إلى 9 تمثل مجموع العملية الإبداعية منذ أن بعث الخالق هذا الكون من سديمه ، إلى غاية الإيقاعات الحيوية التي تحرك الإنسان. بمعنى أن الأرقام مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعلم الفلك الذي انبثق عنه علمُ الأبراج الذي يوحي أن الحياة البشرية تستجيب للإرتجاجات الكونية.

وقد قال العالم الإيطالي غاليليو الذي عاش في القرن الوسيط”أن الطبيعة كتابّ مكتوبّ بلغة الأرقام”. وزّعت مادة كتاب “أسرار الأسماء في حياة الإنسان” على خمسة عشر فصلا ، خصص الفصل الأول للحديث عن علم الأسماء وعلم الغيب ، وخصصت الفصول الثلاثة اللاحقة للحديث عن العوامل المؤثرة على حياة الإنسان ، وكُرس الفصلان السادس والسابع للحديث عن تحليل لفظ الجلالة ، والتفسير الرقمي لاسم الرحمن.

وتحدث الفصل الثامن عن الاختيار غير المدروس لأسماء الأبناء. وخصص الفصل التاسع لظاهرة تغير الأسماء. أما الفصلان العاشر والحادي عشر فقد خصصا للحديث عن أسرار الحروف والأرقام في حياة النبي إبراهيم ، والنبي يوسف عليهما السلام. وتحدث الفصل الثاني عشر عن أسرار الحروف والأرقام في الحياة الزوجية ، وكرّس الفصل الثالث عشر للحديث عن الأسماء ومعانيها ، والفصل الرابع عشر لأسرار عادات ورموز الزواج. وانتهى الكاتب بالفصل الخامس عشر الذي تناول فيه أسرار الرقم 22 وعلاقته بالشمس وبالرقم 17 إذ يرى المؤلف أن رقم 22 هو رقم المتناقضات أو الثنائية التقابلية أو التبادلية ، “ويمكن توضيح هذه التناقلات المتقابلة في هذا المثال من الآية الكريمة “هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم”.

وقد بيّن الباحث أيضاً الدلالات الإيجابية والسلبية لهذا الرقم في حياة الإنسان. وقد شدني في الفصل الثالث عشر من هذا الكتاب فقرةّ تحت عنوان “أسماء ومعانيها” تناول فيها المؤلف قائمة بأسماء عديدة تقابل كل اسم فيها الصفاتُ الثابتة المرتبطة بهذا الاسم ، بناء على دلالات الحروف وأرقامها. فالمؤلف يثبت أن لكل إنسان من اسمه نصيباً قائلا “إن الله سبحانه وتعالى يلهم الوالدين بإطلاق الأسماء على الأبناء لتناسب حكمته تعالى بين اللفظ ومعناه ، ولهذا أمر الرسول (صلعم) بتحسين الأسماء”. وفي هذا السياق أيضاً خصص المؤلف فصلا تناول فيه بالدراسة والتحليل الإختيار غير المدروس لأسماء الأبناء ، فأورد قصة أول عملية في تغيير الأسماء وهي عملية تغيير إسم النبي ابراهيم عليه السلام ، فقد كان اسمه “ابراهم” بدون حرف الياء قبل الميم ، ثم أصبح فيما بعد “إبراهيم”.

كما أورد أمثلة كثيرة عن ظاهرة تغيير أسماء الخلفاء في العهد العباسي حيث كان كل خليفة يختار اسما جديداً بعد أن يُبايع بالخلافة ، لكن بعض الخلفاء لم يحالفه التوفيق في اختيار الاسم. وقد ذكر لنا المؤلف أيضاً أمثلة عن تغيير الأسماء في الجاهلية ، وتغيير أسماء الرؤساء في العصر الحديث ، ومنهم على سبيل المثال الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر: “ولد جيمس أورل كارتر James Earl Carter بتاريخ 1 ـ 10 ـ 1924 فكان الرقم الإسمي له غير منسجم مع الرقم الميلادي ، حيث كان الرقم الإسمي يساوي 10 وكان الرقم الميلادي يساوي 9.

وعندما وصل إلى مركز الرئاسة أجرى تعديلا على اسمه فأصبح على النحو التالي : jimmy Carter وبذا أصبح الرقم الإسمي بعد التعديل يساوي 9 فحدث التوازن بين الرقم الميلادي والرقم الإسمي ، وقد ساعده هذا التوازن كثيراً في النجاح ، فبقي “جيمي كارتر” محافظاً على موقفه السياسي في الحياة السياسية الأميركية حتى بعد مغادرته البيت الأبيض”.

وتجدر الإشارة إلى أن دراسة المؤلف تركز أكثر على الناحية التنبؤية للإنسان ، فيما يقول أخصائيو دلالات الأرقام في الغرب ، إضافة إلى الناحية التنبئية ، إنه حين نكتشف دلالات الأرقام نستطيع أن نكتشف أسراراً عن ذواتنا ، ومن ثم يمكننا أن نحدد خياراتنا في الحياة. وأكثر من ذلك يمكن لمسؤولينا أن يلجأوا لعلم الأرقام (وليس فقط الرياضيات الحديثة) في تخطيط وبناء المدن ، وتنظيم الإقتصاد ، وتحسين البيئة ، وترشيد النفقات العامة وغيرها. يبقى أن نقول إن كتاب “أسرار الأسماء في حياة الإنسان” إضافة قيمة إلى علم الأرقام الحديث. ومن يدري ، فقد يستفيد منه الباحثون ، عرباً وأجانب ، في دراسات مقارنة… لاحقاً. و”للقارىء – كما قال الدكتور أبو الرُّب في مقدمة هذا الكتاب – أن يقبل ما يشاء فيما قرأ، وله أن يرفض ما يشاء”.

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *