مهرجان فاس للسينما و الفلسفة..دلوز و السينما

خاص – ثقافات

*د.عزيز الحدادي

بهذا العنوان نكون قد اكتشفنا قارة أخرى بواسطة مهرجان الأغورا للسينما و الفلسفة ، حيث سيتم توجيه الفكر و السينما إلى حضارة الصورة ، و بعبارة أخرى ينبغي توجيه سؤال : ما فلسفة السينما إلى سؤال ما استيطقا السينما ؟ هكذا سيصبح هذا اللعب الأفلاطوني بالصورة محررا لها من الكهف .

 سينما 1 و سينما 2 ، تكرار يستحق تأملات فلسفية و استيطقية ، من خلالهما يبدو أن كل اهتمامات دلوز توجهت نحو الحداثة السينمائية (برغمان ، روسوليني ، فيسكونتي ، سكركوزي ، مارغريت ديراس ، غودار ، هؤلاء الذين احترفوا مهنة العرافة ليتنبأوا بمستقبل الإنسانية في هذا العالم المهدد بالأفول في شفق الأصيل ، فكيف استطاع دلوز أن يواجه هذا الأفول بالاستيطيقا ؟ هل تحولت السينما إلى مطرقة للهدم ؟ كما كانت عند نيتشه ؟ هل الحلم بالصيرورة الثورية يعتمد على رومانسية العين ؟

 من أجل قراءة دلوز و السينما لا بد من المقاومة ، و إلا يصعب اقتحام عالمه الفلسفي و الاستيطقي ، لأنه بقدر ما هو صانع و مبدع للمفاهيم بقدر ما قام بالهيمنة على امبراطورية الصورة ، عندما تسلل خلسة إلى امبراطورية البؤس اكتشف على امتداد الصورة زمن أن الروح الثورية التي تعتمد على الرؤية الخالصة كأداة معرفة و حركة , تؤدي إلى الصورة الخالصة .

كتب دلوز إلى صديقه سيرج داني رسالة ، يقول فيها : ” لم نعد نثق في الأحداث التي تواجهنا كالحب ، و الموت .. و كأنها لا تهمنا إلا بشكل ثانوي ” فما الذي دفع دلوز إلى هذا التشاؤم ؟ هل خدعته ثورة ماي 68؟ هل خسوف الاستيطقا في السينما ؟

لا بد من إنقاذ الصيرورة الثورية بواسطة حضارة الصورة ،فهذه الروح الثورية تحدد معنى نقد السينما عند دلوز ، إبعاد العدو التيليفزيون كفشيستي جديد .

  يقوم يقوم بالدعاية للدولة ، يستغل السينما ، قال ذلك و هو يكتب الصورة زمن .التيليفزيون يعلم الناس مشاهدة ما تريده الدولة .

   يجب نقل النضال إلى قلب السينما ، إبداع الفن من أجل المقاومة .

  ينبغي على السينما أن تنقلب على كل الأنظمة التي تريد التحكم فيها ، فبواسطة  ثقافة المقاومة تستطيع ذلك .

فالمؤلف السينمائي يشبه الرسام : الذي يرى بأن الصباغة قبل الرسم ، ليس هناك سطحا أبيضا بالنسبة للرسام ، كما أنه ليس هناك شاسة ناصعة البياض بالنسبة للمخرج السينمائي .

كان دولوز يخشى أن تنتقل العدمية إلى السينما ، و لذلك أراد أن يحميها بالاستيطقا ،هكذا كتب سينما 1 و سينما 2 . ومع ذلك نتساءل: فكيف تكتشف السينما رؤيتها للواقع ؟

  بواسطة المونتاج تبدع السينما رؤيتها للواقع ، إذ على إيقاع الحركة من خلال تعاقب الصورة يتم وضع الحقيقة في العمل الفني ، هكذا يتحدد مصير الحقيقة في السينما أثناء مرحلة المونتاج ، لكن يظل التساؤل الهايدغري ملحا ، فهل تتحكم التقنية في الفن و بعبارة أخرى هل النزعة التقنية تتحكم في كينونة الفنان و العمل الفني ؟

  السينما ،كما يقول دلوز هي طريقة خاصة لابداع العالم ، و بالأحرى خلقه .

   عندما ينتظر المشاهد أن يتحول العالم إلى فرجته الصورة حركة ، الصورة زمن بإمكانهما أن يلتقيان في فيلم إسمه دلوز .

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *