خاص- ثقافات
*عبد العالي النميلي
وَحْدَهُ ،
مِنْ شُرْفَةِ مَنْزِلِ أَبي الْخَرِبَةِ الْقَديمَهْ ،
يُطِلُّ مِنْ تَحْتِ قُبَّعَتِهِ السَّوْداءِ الْمائِلهْ ،
تَتَراقَصُ صورَتَهُ الذّابِلَهْ
في غُبارِ الْوَقْتِ ،
وَنَشيجِ الرّيحِ الْهائِمَهْ .
هَلْ يَعْرِفُ
أَنّي أَنْوي التَّسَلُّلِ إِلى مَخْدَعي ،
لِأُوقِظَ الطِّفْلَ الرّاقِدَ تَحْتَ جَفْنِ الْقَمَرْ
يَحْلُمُ في مَأِمَنٍ
مِنْ تَجاعيدِ الطّريقِ ،
بِحِصانٍ أَشْقَرْ
يُحَلِّقُ خارِجَ إِغْراءاتِ التُّرابِ ،
كَيْ يَتْلُوَ
عَلى إيقاعِ أَصْداءِ الضِّفَّةِ الْمُقابِلَهْ
نَشيدَهُ الْأَخْضَرْ ؟
وَأَنْتَ يا أَبي
يا امْتِدادَ الْحَسْرَةِ في شَراييني ،
أَعْرِفُ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ تَجْتازَ
بَرْزَخَ الْوُجودِ
أَنَّكَ ها هُنا تَتَفَقَّدُ ،
في غَفْلَةٍ مِنْ حُرّاسِ الْخَشَبَةِ ،
أَدْوارَكَ الْخالِدَهْ
تُرَمِّمُ أَقْنِعَتَكَ ،
تَجْلو صَدَأَ الْخَيْبَةِ عَنْ
سَيْفِكَ الْيَتيمِ ،
تَبْكي بِحُرْقَةِ الْأُمَّهاتِ
بَنيكَ السّارِبينَ
في مَراعي الذِّئابِ .
وَأَعْرِفُ أَيْضاً يا أَبي
أَنَّهُ لَيَحْزُنُكَ
أَنْ أُلْفِيَ الْعَجوزَ ذا الْقُبَّعَةِ الْحائِلَهْ
في السِّرْدابِ ،
فَيُلْقِيَني في الْبِئْرِ
وَيَبيعَني لِأَوَّلِ عابِرٍ مِنَ الْأَغْرابِ ،
تُراوِدُني فاتِنَتُهُ عَنْ نَفْسي
وَتَقُدُّ ظَهْري
مِنْ أَعْقابِ ،
وَإِذْ أَسْتَغيثُ لا أَجِدُ
شاهِداً مِنْ أَهْلِها لَدى الْبابِ .
اِطْمَئِنَّ يا أَبي
فَهْوَ يَعْلَمُ يَقيناً
أَنّي مُحارِبٌ مَغْدورٌ
فاقِدُ الرّوحِ مُنْذُ أَحْقابِ .
(15 ماي 2016 . أكادير-المغرب )