خاص- ثقافات
*جهاد الرنتيسي
تفتح غرائبية عوالم مجموعة القاص مصطفي تاج الدين الموسى “آخر الاصدقاء لامرأة جميلة” هامشا للبحث عن مظاهر “قسوة الغرابة” في الحياة اليومية لمجتمعاتنا الشرقية.
لا يكتفي في قصته “في لوحة تشكيلية” المهداة إلى سكان اللوحات بالتأشير إلى غربة الكائن عن المحيطين به كما جرت العادة ففي التفاصيل ايحاءات بغربة الزمان والمكان عن سياقات الحياة المعاشة.
في “أزمة انثوية حادة” يعاين الحالة النفسية لبطلته في خوفها وبعد مغادرتها حالة الخوف التي راكمتها الأوهام وينتقل بخفة بين عالمين مختلفين بعد مواجهة الحقيقة الماثلة في المرآة.
يجري في “أسمائي بين المشفى والأبدية” حيث تمرض الذاكرة والخيال مقاربة سريعة بين حياتين إحداهما متخيلة والأخرى مشتهاة دون أن يخلو الأمر من دلالات انتصار الأخيرة على الأولى.
تتحول الحرب وأجواءها في “الجريمة الأولى والأخيرة” إلى خلفية للجريمة وهي تعيد صياغة نفسيات الناس وخيالاتهم وطرق تفكيرهم ونظرتهم للحياة.
تراوح قصة ” الخطة العظيمة” التي لا تخلو من العبث بين رغبة ملحة في الهرب من الموت وإعادة خلق الكون ومحاولة الوصول إلى مجتمع يخلو من الحروب لتنتهي إلى حلم شبيه بأحلام اللاجئين.
يلتقي الخيال مع السخرية السوداء في القصص الثلاث “امرأة غامضة” و “آخر الاصدقاء لامرأة جميلة” و”بالون في المدرسة” لإظهار هيمنة تابو الجنس على اللاوعي.
من خلال ” حكاية الروح التائهة في اوروبا” يرصد التفاصيل العالقة بين الحياة المتقمصة والهوية الضائعة ليبلغ التداخل بين الاثنتين ذروته مع نزع جلد الذات دون التحول إلى الآخر، فيما يلتقط قارئ قصة “قبو التماثيل” بسهولة قابلية التعايش مع فكرة تحجر البشر في بلاد تخلد قادتها بالحجارة، ويعلي من فضيلة الشك في “لعبة الأيدي” ،ويتحول الجنس في “ما حدث مع الرفيق شاكر ليلة البارحة” إلى مظهر لحالة تشوه سياسي بدلا من أن يكون تعبيرا عن رغبة وحاجة إنسانية.
وللزعيم الأوحد حضوره الملغز والمرمز ـ في قصص المجموعة ـ عبر صوره وتماثيله فهو يمنح ابتسامة ما حينا وينظر بحدة في بعض الأحيان ويعطي الأوامر في كيفية ممارسة الجنس في أحيان أخرى ليؤكد وجوده في تفاصيل حياة الناس.
بعيدا عن المباشرة وقريبا من السخرية والعبث يجرد الموسى شخوصه من الوعي دون أن يفقدها خصوصيتها ليقيم عالما غرائبيا يكشف غرابة العالم الذي تعيشه شعوب منطقتنا .
____________
ـ كاتب من الاردن