في رثاء الأستاذ أمين آل هاني لذكرى عام خلى على رحيله
يونيو 14, 2018
خاص- ثقافات
*يونس عاشور
لقد عَرفتك من خلالِ صفاتك الحَسَنَة.. وخَصَائِص شخصيّتك المُنْتَظِمَة.. في قوالبِ العلم والمعرفة والأخلاق.. التي كانت تُتَرْجِم جُلُّ مبادئك وقيمك وقولك الناصع.. ذو البيان الساطع.. في جواهر الكلام النافع.. والخُلُق الرفيع اللامع.. الذي كانَ يشعُّ نوراً بينَ جنبيك من خلالِ أخلاقك وتواضعك وتعاملك المُهَذَّبٌ مع الآخرين ..
وأتذكّر حِينما ألتَقَيْتُك.. وتعرّفتُ عليكَ للوهلة الأولى.. أدركت حقيقة سمو نفسك.. وصفاء شخصك الكريم .. فكانت ابتسامتك لا تُغادر شَفتيك.. تُتَرجم صِدق خُلُقك الرّفيع بِنُصحٍ وتوجيهٍ وإرشادٍ مُنطلِقاً من معاني فهمك لكتاب الله العزيز.. الذي كُنْتَ مُرْتَبِطاً بهِ إرتباطاً حميمياً وصميمياً فكنت تُطَبّق توجيهاته وتعليماته وإرشاداته نحو الطريقة .. نحو المنهج .. أو قل نحو المنهاج الذي يجهله كثيرُ من الناسِ في وقتنا الحاضِر بسبب غياب الفهم والإدراك لاستنباط ماهية المعنى الحقيقي لترجمة آيات القرآن الحكيم والعمل بها من أجلِ الاستقامة .. استقامة الذات نحو السمو والمجد والرفعة وكل معاني الفضيلة الإسلامية الحقّة التي نفتقرُ لمفاهيمها ومعانيها بسبب عدم النُضْج والتذوق الصحيح لحلحلة المُعضلات والمُشكلات والعوائق المتتاليات التي تُشكّل حاجزًا مانعاً لكيلا نستطيع الفقز فوق مفاهيم الجهل ومشتقاته والوصول إلى الحكمة والموعظة والكلِمة الهادِفة الحسَنة التي تُعالِج مواطِن الضعف والتقهقر داخل كيان الإنسان فتعملُ على صياغةِ الذات نحو التكامل والتواصل البنّاء القائم على جماليات الإبداع الذاتي المُنْطَلَق من فهم التصُّور القرآني الصحيح ..
وتلك هي الحقيقة التي كانت مُتجسدة ومتجلّية وناصِعَة في شخصيتك الكريمة.. من خلال إبداعاتك ورسم منطقاتك وتحقيق أهْدَافِكَ وتَصوراتك النبيلة التي تكاملت مع توجّهاتك ورؤاك لفهم وتفعيل المهام وتسنّم القيادة والمسؤولية.. فها أنت قد حقّقتَ شيئاً لم نكن نعرفه من ذي قبل
هو موضوع الرياسة (الرئاسة)..!!
لتكون أنت من يقوم بدورِ توجيهٍ وإلقاء مُحَضَرات في ندواتٍ قرآنيةٍ مُختلفة.. وفي مناطق وقرى مُخْتَلِفَة..
تقومُ بدورٍ توعويٍ ونُصحٍ وإرشادٍ تربوي مبنيًا على أُسس وقواعدَ متينة يشهدُ على ذلك أقوالك ومُحاضراتك التي كنّا نسمعها ونَسْتَبْصِرُ بها فنقوم بعملية صهر وتحويل المعنى إلى فكر والقول إلى عمل والنظر إلى تأمل والاتجاه إلى تحويل وصياغة تعمل على بلورة مقولات تربوية وعملانية جديدة بين الذات والفكر .. بين الموضوع والقراءة الحية التي تستثمرُ دلالاته ومعانيه وتوجيهاته ذي الصبغة العقلانية باعتبارها هدفاً منشوداً وفكراً مقصودًا لأولئك الَّذِينَ يدركون معاني ومفاهيم الفكر النابض..
ها أنت قد رحلتَ عنا قبل عامٍ مضى..
وسيبقى أثرك وقولك وفكرك يتجلّى من حينٍ إلى حين..
يبني طموحاتك .. ويحقق تطلعاتك .. ويستثمر رؤاك ومنطلقاتك التي كانت تُلهِم من يفتقر إلى توجيه وفكر ومعنى غائب ..
نعم نحنُ من سَنُكمِل خطاك ..
وسنبقى نحيى معاك ..
مع قولك الصادق .. وفكرك الناطق ..
الصادق بتجسيد واقعك الأخلاقي ..
والناطق بتحقيق فهمك وهدفك القرآني ..
المتمثل في نُظجِ وعيك وتهذيب شخصيتك ..
وحسن تعاملك مع أبناءِ مُجتمعك ..
الذين أحببتهم بقلبك ..
فأحبوك بقلوبهم والتفوا حولك ..
وهاهم اليوم يهتفون بأصواتٍ عالية ..
نعم لمعنى الإنسانية التي جسدتها وجسدت قيمها..
وعرفت كيف تتعامل بها ومنها وإليها ..
لِنكن أمُناء كما كنت أيها “الأمين” مؤمناً بمبادئ معاني الحياة الإنسانية ..
منطلقة من كتابٍ الله الحكيم.. ومن ربّ عادل حكيم هو الله سبحانه وتعالى ..
نرتجي رحمته في كل حين ..
رحمك الله يا أستاذنا .. يا معلمنا .. يا مربينا..
فسلاماً عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تُبْعَثُ حيّا مع النبيينَ والشهداء والصدّيقين..