رَقْصِي لِشَجَرَةِ الغُفْرَانِ

خاص- ثقافات

*عبد اللطيف رعري

سَاعَاتٌ رَهيبَةٌ فِي جِلْبابِ الانتِظَارِ
سَتٌمزِّقٌ الاسْمَالَ والاحْلاَمَ
سَتٌعرِي الاغْرَاسَ وتُنْهِي الأقْوَاسَ
مِنْ نَبضِي الغَاضِبِ حَتَّى مَحْبسِ الانفَاسِ …
وتُجِيزُ العَثْرَةَ فَوْقَ صَفِيحٍ حَارِقٍ
مِنْ أصْلِ سَعيرٍ لَا يُتِمُّ لِلنَّارِ نِهَايةٌ
وَلاَ يُلهِمُهَا قَطٌّ سُبُلَ البِدَايةِ …
سَاعَاتٌ تُلْغِي مَوَاسِمَ الشَّهَوَاتِ …
وَتحْجِبُ دَلَالَ السَّنَوَاتِ عَنْ أعْمَارِنَا
سَتَغارُ مِنْ أهَالِينَا وَترْمِيهِم بتُرَابٍ
فِي البُطُونِ
سَتغَارُ مِنَ القَرِيبِ والبَعِيدِ وَمَنْ مَجْرَاهُ طَلَّةٌ للمَنُونِ
سَتُوهِمُ الاعْوَرَ وَالمَارِدَ
والاعْرَجَ بوَابِلِ الظُّنُونِ
فَكَفَانَا بأثْوَابِنَا شَرَّ البَليَّةِ
وَمَا كَفَاهُم فِي البَسِيطَةِ عَنَثًا وتَدَلُلاً
سَاعَاتٌ رَهيبَةٌ فِي الانتِظَارِ

فَتَعَالُوا مَعًا لِلرَّقصِ
فَلهِيبُ النَّارِ لاَ يُحرِقُ الظِّلاَل
وَهَاتِهِ الألوَانُ الكَاشِفَةُ
لَمْ تَعُد تُعِيرُ الشَّمسَ حُظُوظَها الأوْلَى
وَأنْ نَسْتحِمّ قُرْبَ طَيفٍ يَحْمِلُ رَسَائِلَ الأبَدِ
فلَنْ نُضَاهِيَ دُخَانَ المِئذنةِ القَدِيمةِ بُرُودَةً
وأّن نُجفِّف بِعُيُونِنَا سَاحَاتَ الغَضَبِ
مِنْ عَرَقِ الافنَانِ الضَّائِعَةِ
لمَّا كَسَّرَهَا تَعَبُ المَيَالِ بَغْتَةً
وأقْصَاهَا مِنْ شُمُوخِ الاعتِلاءِ
فَلنْ نَعْدِلَ بَيْنَ الكَلمَاتِ …
وَلنْ نُبقِي طَابُورَ الأزْمَانِ فِي خُلْدِيةِ الأشْجَارِ
وَلَنْ نَمْسَحَ عَنِ القَمرِ مَللَ قُصُورِ أعْمَارِنَا …
فالتّالية مِنْ أدْرَاجِنَا نَكْبَةٌ ..
وَمَا يَليهَا فِي نَفْسِ المَقامِ نَكْبَةٌ …
فَكَمَا قَوَّمْنَا أعْوَادَنَا بِرُضَابِ السِّنِين
مُجْبَرُونَ أقْوَى مِنْ الامَدِ
عَلَى نَقلِ تُرْبتنَا لِجَبلٍ لاَ يَهَابُ دَهْشَتُنَا
لتَنمُو بَيننَا شَجَرَةُ الغُفْرَانِ
تحْرُسُهَا صِغَارُ العَصَافِيرِ
ونَحُجُّ اِليْهَا…
تَرْويهَا صِبْيةُ الجَنَّةِ بِتعَالِيمِ الرُّسُلِ وَالأنْبِياءِ
فَنَنحَنِي لهَا
مُجْبرُونَ علَى نَقْرِ السَّماءِ بِأسْمَاءِ الأزَلِ
فهِي السَّماءُ ….
وهِي اخْتفَاءُ الاسماءِ…
تعَالُوا نَرْقُصُ مَعاً
فُالخَدْشَةُ دَامِيَّةٌ في الظَّهرِ حَتّى النَّصْرِ
ولَنْ يُسعِفَنَا حَظُّ َالمَوَالِي
لنَختَارَ أشْعَارَنَا مِنْ حَاوِياتِ الإمْبرَاطُورِ الشَّقِي
ولَا مِنْ مَمَراتِ السُّجُونِ الضَّيقِةِ …
وَلاَ مِنْ مِخْيالِ عَاصٍ عَتِّي
لنَرْقُصَ مَعَ لَهِيبِ النَّارِ
فالرَّقْصُ عَادَتُنَا لِنعْبَثَ بِالجَسَدِ كَمَا نَشَاءُ
وكَمَا العَبَثُ يَشَاءُ…
عَادَتنَا لِحَرْقِ شَوَاهِدَ الخُرَافَةِ بيْنَ أَصَابِعِ الطُغَاة
لِصَباحِنَا الأبْيَضِ…
وَلِلبَيَاضِ الأبْيَضِ فِي صُدُورِنَا
عَادَتُنا للْحُلمِ بِالبَقَاءِ أنْشُودَةً صَارِخَةً…
تُسْقِطُ القِنَاعَ عَن القِناَعِ
وَسَخَاءُ الأيَادِي لِحَالهَا تلْطُمُ الجُرْحَ بِالمَاءِ
فَمَنْ أغْوَتهُ غَاوِيتَهُ
فَليُهْدِي مَا يَشَاء لِشَياطِينِ الأرْضِ وَالسّمَاءِ
فَكَمَا غَرَّنَا سَرَابُ الطَّرِيقِ بِالبُعْدِ
وكَمَا غَرَّتنَا عَتمَةُ اللَّيلِ بِالفَجْرِ…
وغَرَّتنَا الحَبيبةُ بِالقُبلاتِ …
وَغَرَّتنَا سَنَواتُ الاسْرِ بالسَّرَاحِ
فَالرَّقْصُ اليَومَ مُبَاحٌ
مِنَ الصَّباحِ حَتَّى الصَّباحِ….
فتَعَالُوا نَرقُصُ مَعاً
تحْث شَجَرةِ الغُفرَانِ
فكم نحنُ مُجبرُونَ عَلى رَفعِ أعْلامِنَا
لنلثُمَ السَّماءَ ونُعِيدُ الذِّكْرْى لذِكْرنَا
فوَحْدهُ الرقْصُ قِبلةٌ لِهَوانَا
والرَّقْصُ عَادَتُنَا لِنعْبَثَ بِالجَسَدِ كَمَا نَشَاءُ
وكَمَا العَبَثُ يَشَاءُ…
فتَعَالُوا نَرقُصُ مَعاً
مِنَ الصَّباحِ حَتَّى الصَّباحِ.
الرَّقْصُ اليَومَ مُبَاحٌ…

عبد اللطيف رعري
17-04-2018

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *