صدر حديثاً عن منشورات المتوسط – إيطاليا، مجموعة شعرية جديدة للشاعر السعودي أحمد الملّا، حملت عنوان “إياكَ أن يموتَ قبلَكَ“. وعند العتبة الأولى للكتاب نجد أنفسنا في حديقةٍ مهجورةٍ ينتصب في آخرها “تمثالُ الشاعرِ” مواجهاً العالم والناس بصدرٍ أعزل إلا من القصائد التي تبدو لوهلةٍ أنَّها متاحة، وقبل أن يتفرَّقوا، تراهم يصوِّبون سهامهم نحو التمثال، ولا يهم إن كانت الإصابات مُحقَّقة أو خاطئة؛ طالما أن هذا البيان الشعري سيمتدُّ ظلاًّ عالياً يطالُ كلَّ شيء يقع بين يدي الشاعر.
بهذه القسوة، ينحتُ الملا صخرَ اللغة، مُتوارياً خلف ضرباتِ نحَّاتٍ محترفٍ، صنعته تستدعي وجود فراغٍ شاسع حول كتلة الكائن قيد التشكل. مبتكراً طرقاً عدَّة في البحث عن الكلمات، الهاربة والمختبئة خلف أشياء العالم. يُهدي الشاعر جلَّ نصوص الكتابِ إلى أصدقائه، مطارداً أطيافهم كأقمارٍ في بئر، متعثِّراً بالليل، يختبر الألم والغضب والطيران في الغرفة وحيداً، محاولاً تجاوز “موتٍ طائش” برصدِ المزيد من الاحتمالات.
سأموتُ بشَعْرٍ طويلٍ
ولحيةٍ كَثَّةٍ بيضاء
في مغارةٍ عالية،
فلا حاجةً إلى كَفَن
أو قبر،
سأموتُ على هيئةِ قفزة
من قطارٍ سريع،
أو طلقةٍ صائبة
أكونُ فيها المَقذوفَ والمُهمَل،
سأموتُ مُتشبِّثاً بحَبلٍ مَعقود
وأصعدُ مع إشارة الملاك
يتخطّى الشاعر عبر قصائده، حاجز الخوف المتأصل فينا، يفتح باب الشك والتساؤل على مصراعيه، متمسكاً بوحشيةِ الحلم وما يمنحه التوق الدائم للحرية من مساحاتٍ للَّعب، والحيلِ الصغيرة التي نقتحم بها الظلام والعتمة، نداري بها الألم ونفضح العالم من حولنا باقتراف المزيد من الشعر.
“إياك أن يموتَ قبلَكَ” للشاعر السعودي أحمد الملا، مجموعة شعرية جديدة، صدرت في 128 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة براءات التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.
أحمد الملّا: شاعر سعودي، مواليد 1961 بالأحساء. أصدر شعراً: ظل يتقصف 1995. خفيف ومائل كنسيان 1997. سهم يهمس باسمي 2005. تمارين الوحش 2011. كتبتنا البنات 2013. الهواء طويل وقصيرة 2014. علامة فارقة 2014. ما أجمل أخطائي 2016 والتي ترجمت بالعنوان ذاته إلى الانجليزية 2017. ساهم في إعداد كتاب مختارات الشعر السعودي، وأنطولوجيا الشعر الحديث، بالإضافة إلى كتابته لعدة سيناريوهات ومسرحيات. والإشراف على إدارة عدد من المؤسسات والجمعيات والأقسام الثقافية، وله مقالات رأي صحفية منتظمة. شارك في عدة مهرجانات شعرية محلية ودولية. تحصل على جائزة محمد الثبيتي الشعرية 2016.