جماليات المكان في قربان مؤاب

خاص- ثقافات

* حنين ابداح

المقدمة

لا جرم بأن المكان أقدم تاريخيًّا في الوجود والكينونة من الإنسان، وإن كان الإنسان هو الذي يُشكل المكان ويُحوّله حسب احتياجاته، ووفقًا لثقافته، فالإنسان كما يرى لوتمان “يُخضع العلاقات الإنسانية والنظم لإحداثيات المكان، ويلجأ إلى اللغة لإضفاء إحداثيات مكانية على المنظومات الذهنية” (سيزا أحمد قاسم، بناء الرواية، ص75) ووجود الإنسان في المكان يؤدي إلى توطيد العلاقة بينهما، وتتنامى هذه العلاقة “حتى أصبح المكان واحدًا من القضايا التي يخترقها الإنسان بالبحث بغية التعمق في هذا المحسوس وتمام إدراكه”(مصطفى الضبع، استراتيجية المكان، ص60) وكذلك فإن لا عمل روائي خارج نطاق المكان؛ حيث لا يمكن تصور أحداث وشخصيات تفتعل تلك الأحداث في اللامكان.

تنهض هذه الدراسة للوقوف على جماليات المكان في رواية قربان مؤاب، وقد ائتلف من خمسة مطالب رئيسة هي: (مفهوم المكان وأهميته، المكان بين الواقع والخيال، قربان مؤاب بين التاريخية والدينية، العلاقات المكانية بالشخوص، العلاقات المكانية بالأزمنة)؛ رغبة في بيان جمالية السرد الروائي، وحُسن توظيفه للأنساق اللغوية، فهي مهمة تتعلق بالوظائف والأدوار التي تؤديها الوحدات (المكونات) داخل الفضاء المكاني.

اعتمدت الدراسة؛ لتحقيق هدفها على ما يوفره المنهج الوصفي من معطيات لرصد المكان في الرواية، وتحليل ما لها من وظائف وقيم تعبيرية؛ من خلال تصنيفها. مستعينًا بكتب الأدب الحديث المعنية بنقد العمل الروائي، وكتب التاريخ المؤابي، لتعضيد متنها وإغناء جعبتها؛ بما يقوي جماليات المكان التي تلمسها هذا البحث.

بين يدي الرواية

صدرت الرواية عن وزارة الثقافة، 2014م، ويمكن وصف الرواية بأنها ضمت بين دفتيها ثنتين وعشرين ومئتين صفحة من القطع المتوسط، وبخط 12؛ بحيث تتسع الصفحة لحوالي عشرين سطرًا.

تلفت عتبة النص الأولى العنوان “قربان مؤاب” انتباه القارئ بما يقدِّمه من إيحاءات، وهو ما يمكن أن يساعد على تأويل النص، إذ هو في واجهته، فهو على هذا أول لقاء بين المبدع والمتلقي قبل الولوج في النص نفسه.

وبالنظر إلى عنوان “قربان مؤاب” يمكن الإشارة إلى أمور تتعلّق بوظيفة العنوان عامة، وهي أنَّ العنوان كشف الغمام عن مدلولات النص، ووفقًا للعلاقات الأفقية الدلالية بين العنوان والنص، فإن العنوان تصاحب مع محتويات الرواية.

فمبدع النص (عبابنة) لم يتخلَّ (نصيًّا) عن أثر العنوان ودوره المفتاحي، ولم يسلمه إلى جسد النص نفسه، فنطق العنوان بفكّ شيفرات النص، وفكّ مُعميات النص الذي وُفق الكاتب في انتقائه.

ثم مرورًا بالغلاف -عتبة النص الثانية- الذي يكسو الرواية بألوانه الهادئة الكموني والبني، كما احتوى الغلاف صورة شجرة ووراءها نفق.

أما العتبة الأخيرة من عتبات النص فهي “تقديم” كان قد تصدّر الرواية عوضًا عن الإهداء، حيث جاء هذا التقديم مرآة تعكس اهتمامات الروائي وإلمامه بالمؤابية لغةً وتاريخيًا.

وبالحديث عن لغة الرواية فعلى الرغم من وضوحها وبساطتها إلا أنها لغة مُكثفة سيكولوجيًا ودلاليًّا فهي لغة عالية المستوى بكل المقاييس؛ حيث استطاع عبابنة أن يُسخّر اللغة لتوظيف الخيال الإبداعي، وصقل الموهبة الإبداعية فاستخدم الفصحى، وراوح بين الحقيقة والمجاز.

والجدير بالذكر أن نقول أنّ اهتمامات عبابنة البحثية في الساميات عامة ومؤلفاته العديدة بها كان لها أثر من قريب أو من بعيد في ولادة هذه الرواية.

  • مفهوم المكان وأهميته

  • المكان في اللغة والاصطلاح

يُعرف المكان “لغة”، على أنه المنزلة، يقال هو رفيع المكان والموضع (ابن منظور، لسان العرب، مادة (مكن))، والمكان موضع لكينونة الشيء فيه، والجمع أمكنة وجمع الجمع أماكن (الرازي، مختار الصحاح، مادة (كون)).

أما المكان اصطلاحًا، فتعددت تسمياته تبعًا للترجمة، فكان مصطلح الحيز المكاني، والبيئة المكانية، والمكان الروائي، والفضاء الروائي، والأخيران هما الأكثر شيوعًا. و”يمكننا النظر إلى المكان بوصفه شبكة من العلاقات والرؤيات ووجهات النظر التي تتضامن مع بعضها لتشييد الفضاء الروائي، فالمكان يكون منظمًا بنفس الدقة التي نظمت فيها العناصر الأخرى في الرواية، لذلك فهو يؤثر بعضها، ويقوّى من نفوذها، كما يعبر عن مقاصد المؤلف”(حسن بحراوي، بنية الشكل الروائي، ص32) “فالفضاء الروائي أكثر شمولًا واتساعًا من المكان، فهو أمكنة الرواية كلها، إضافة إلى علاقاتها بالحوادث والمنظورات الشخصيات” (سمر أحمد الفيصل، بناء الرواية العربية السورية، ص256)

ونخلص للقول إن: “مصطلح الفضاء الروائي يتسع ليشمل العلاقات المكانية أو العلاقات بين الأمكنة والشخصيات والحوادث، ويعلو فوقها كلها ليصبح نوعًا من الإيقاع المنظم لها” (سمر أحمد الفيصل، بناء الرواية العربية السورية، ص253)

وسنأتي لدراسة العلاقات المكانية بالشخصيات والأزمنة ودورها في سرد الأحداث في قربان مؤاب فيما بعد من هذه الدراسة.

  • أهمية المكان في العمل الروائي

اهتم دارسو الرواية بدراسة المكان، مما نشأ عن هذا الاهتمام علم قائم بذاته خاص بدراسة المكان، وهو علم الطوبولوجيا الذي يُعنى بدراسة “أخص خصائص المكان من حيث هو مكان، أي؛ العلاقات المكانية المختلفة كعلاقة الجزء بالكل، وعلاقات الاندماج والانفصال، التي تعطينا الشكل الثابت للمكان، الذي لا يتغير بتغير المسافات والمساحات والأحجام” (يمنى طريف الخولي، إشكالية الزمان في الفلسفة والعلم، ص81-82)

ومما لا شك فيه أن المكان يتطور أحيانًا في الرواية ليشكل الدور الرئيسي فيها، بحيث تدور أحداث لتعكس دور الذي يفعله المكان في الشخصيات، فلا غرابة بعد هذا من العنونة التي تُجسدها ثلاثية نجيب محفوظ التي جاءت بأسماء أمكنة: (قصر الشوق)، و(السكرية)، و(بين القصرين)، وبهذا يكون المكان في الرواية عنصرًا فاعلًا، في تطورها وبنائها وفي طبيعة الشخصيات التي تتفاعل معه، وفي علاقات بعضها ببعض.

يشغل المكان في (قربان مؤاب) بوصفه هيمنة طاغية تستعمر أرض السرد وتتوغل في مفاصلها بشكل ملحوظ. ومما يعكس هذه الهيمنة؛ أثبت الروائي في نهاية روايته قائمة بأسماء الأماكن الواردة في الرواية بلفظها في الدولة المؤابية، مُبينًا بجوار كل كلمة بما هي معروفة الآن، وتراوحت الأماكن البالغ عددها خمسة وعشرين مكانًا بين أماكن فلسطينية وأردنية؛ ذلك أنَّ الدولة المؤابية كانت قائمة في تلك الأنحاء.

  • حشبون: مقر الملك ميشع والمؤابيين (حسبان).

  • ديبون: ذيبان العاصمة القديمة للمؤابين.

  • ربّة مؤاب: الرّبّة.

  • كير حارس: الكرك.

  • معون: معان ويقال إنها ماعين. ولكنها استعملت اسمًا لمعان.

  • جلعاد: جبال البلقاء.

  • جبال جاد: جبال البلقاء.

  • رامات جاد: مدينة في البلقاء.

  • ربّة عمون: عمان.

  • مؤاب: المنطقة الممتدة من البلقاء إلى معون.

  • باشان: شمال الأردن.

  • آبل شطيم: مدينة صغيرة شمال شرق البحر الميت.

  • برية آدومية: الصحراء الفلسطينية.

  • أريحا: مدينة شمال غرب البحر الميت.

  • بحيرة الملح: البحر الميت.

  • وادي العرباه: وادي عربة.

  • أورشليم: القدس.

  • يبوس: القدس.

  • شكيم: نابلس.

  • حبرون: الخليل.

  • بينة: قرية قرب يافا.

  • أيلة: العقبة.

  • وادي مؤاب: وادي الموجب.

  • وادي كير حارس: وادي الكرك.

  • ميدبا: مأدبا.

ضجت الرواية بهذا الكم من أسماء الأماكن ولعل المتأمل في الأماكن السالفة الذكر ليعرف بأن الدولة المؤابية كانت قد امتدت حضارتها من شمال الأردن فجاء ذكر باشان (شمال الأردن)، ووسط الأردن المتمثل في عاصمة الأردن عمان، والتي كانت معروفة آنذاك بربّة عمون، ولا جرم إذًا من أن تحظى عمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية بأن تكون عاصمة الثقافة العربية الإسلامية لعام2017م، فكانت محط وتعاقب العديد من الحضارات، وقد كشفت هذه الرواية عن إحدى هذه الحضارات الحضارة المؤابية، وامتدت الدولة المؤابية لتصل إلى جنوب الأردن فعرفت  الكرك (كير حارس)، ومعان (معون) والعقبة (أيلة).

ولعل عبابنة أراد باختيار الدولة المؤابية تحديدًا دونًا عن غيرها من الدول والحضارات التي أقيمت على أرض الأردن، ليعزز بها أن وحدة الدم الأردني والفلسطيني ووحدة الأرض والتاريخ شاهدًا على ذلك، فكان تاريخ الأردن تاريخًا متصلًا بتاريخ فلسطين فكانت الحضارة المؤابية ممتدة إلى فلسطين، فسكن المؤابيون برية آدومية: الصحراء الفلسطينية، أورشليم: القدس، يبوس: القدس، شكيم: نابلس، حبرون: الخليل، بينة: قرية قرب يافا، أريحا: مدينة شمال غرب البحر الميت.

 المكان الروائي بين الواقع والخيال

إن تشكيل المكان في الرواية ووصف معالمها بالتفصيل يقود القارئ للتوهم بواقعية الأحداث، و”المكان في الرواية ليس هو المكان الطبيعي أو الموضوعي وإنما هو مكان يخلقه المؤلف في النص الروائي عن طريق الكلمات ويجعل منه شيئًا خياليًا (بدري عثمان، بناء الشخصية الرئيسية في روايات نجيب محفوظ، ص94)، وهو “المكان اللفظي المتخيل، أي المكان الذي صنعته اللغة انصياعًا لأغراض التخييل الروائي وحاجاته” (الفيصل، سمر روحي الفيصل، بناء الرواية العربية السورية، ص251)  فالنص الروائي يخلق عن طريق الكلمات مكانًا خياليًّا له مقوماته الخاصة وأبعاده المتميزة”(سيزا أحمد قاسم، بناء الرواية، ص74)

الروائي لا يسعى إلى تصوير المكان الخارجي، -وإن بدا أنه يستعين أحيانًا بوصف المكان أو تسميته- وإنما يسعى لتصوير المكان الروائي، ومحاولة المطابقة بينهم هي محاولة مبنية على التوهم لاستعانة الروائي بتسمية ووصف معالم أماكن لإثارة خيال القارئ.

ونخلص للقول: بأنه لا بُدَّ من اليقين بأن المكان في الرواية ليس هو المكان الواقعي، ولو أشارت له الرواية بالاسم سيبقى المكان عنصرًا من عناصرها الفنية.

استطاع عبابنة في قربان مؤاب أن يجعل القارئ مطمئنًا لحقيقية الرواية بسرده الأحداث التاريخية، وأسماء الأمكنة التي أُقيمت عليها الدولة المؤابية.

  • قربان مؤاب بين التاريخية والدينية

الرواية التاريخية هي ضرب من الرواية يمتزج فيه التاريخ بالخيال، تهدف الرواية التاريخية إلى تصوير عهد من العهود أو حدث من الأحداث الضخام بأسلوب روائي سائغ مبني على معطيات التاريخ، ولكن من غير تقيد بها أو التزام لها في كثير من الأحيان، أما الرواية الدينية فهي تلك التي تتخذ من الفكر الديني وسيلة للبناء السردي، وبعث الرؤيا، وتبقى الإيدلوجيا هي التي تحدد تصنيف الرواية، دينية أو سياسية، أو تاريخية، أو غير ذلك.

“وعن الرواية وعلاقتها بالتاريخ يتساءل محمد عزام في كتابه في فضاء النص الروائي قائلًا هل يكتفي الروائي باتخاذ التاريخ خلفية pack ground للحوادث التي يرويها أم أنّ الكتابة الروائية هي إعادة صياغة للتاريخ، وهل هي –في هذه الحال- تاريخ حقيقي أم تاريخ زائف؟ وقد ذهب المؤلف بعيدا في مجاراة إدوين موير (1959-1887) Muir صاحب كتاب بناء الرواية The Structure of The Novel الذي يرى في الرواية تاريخا أصدق من التاريخ نفسه، بلزاك نعرف من رواياته ما لا نعرفه من تاريخ فرنسا في كتب المؤرخين..أي أن نجيب محفوظ في رأي محمد عزام يعد من وجهة النظر هذه مؤرخًا حقيقيًا لمصر، مثلما يعد نبيل سليمان مؤرخًا حقيقيًا لسورية، فكلاهما يدونان ما لا تدونه أقلام المؤرخين.” (إبراهيم خليل، واقع الدراسات النقدية العربية في مائة عام، ص130)

إن القارئ لرواية “قربان مؤاب” ليجد نفسه غارقًا في قراءة رواية مبنية بناءً فنيًّا رصينًا، مزجت بين النظر في التاريخ لمعاينة الحاضر، والنظر في التاريخ لاستشراف المستقبل، وقد نحا الكثير من الروائيين هذا النحو في تحويل التاريخي إلى موضعي رمزي معادل للذات والآخر إلا أن قربان مؤاب تفوقت بمزجها بين التاريخي وبين الديني.

ومن المنظور الديني استدعاء نهاية لبلسام الأمير نهاية استوحها الروائي من رؤيا النبي إبراهيم -عليه السلام- بأنه يذبح ابنه النبي إسماعيل –عليه السلام- وقد توفر الشرط الفدائي لبلسام على اعتبار أن سيدنا إسماعيل هو المعادل الموضوعي له، وظل حدس القارئ للرواية يسير باتجاه فكرة الفدي، لكن سرعان ما ينكسر أفق التوقع، ويذبح الأب ميشع الابن بلسام.

وفي البناء الموازي للقربان، فإن قربان مؤاب لم يكن بلسام بل المسكوت عنه في النص، وهو الذبح الأعظم (الجيوش اليهودية الثلاثة وملوكها)، وبهذه المقاربة يمكن القول: بأن النص يعاين حالة البطل المضاد الجمعي (جيوش اليهود وملوكها) أمام البطل الجمعي (المؤابيون والفلسطينيون والباشنيون).

سيطرت الحرب على أحداث الرواية، وهذا يكشف الهاجس الأكبر في الوعي الجمعي المقتنع تمامًا بالحل الأمثل والأول والأخير للصراع العربي الإسرائيلي، لافتًا نظر الجميع إلى الدور التاريخي المُقدَّم والمنتظر من الأردن للقضاء على النفر المحتل المادي الذي تحدوه رائحة الكباش لا رائحة الجنة، كما قال لهم نبيهم في الجيش وكان قد أنبأ ملوك اليهود (عمري، يهوشفاط، يقشان) بمصارعهم، وفي هذا مقاربة مع الحديث الشريف في بدر الكبرى.

وفي التشكيل السردي المكاني فمؤاب لها حضور استثنائي في الذاكرة الحضارية لذاكرة المنطقة، وهو ما يكسبها أهمية تاريخية وسردية في آن، إذ يتحرى الروائي هذا الحضور ويتلمس القيمة الحضارية والتاريخية لمؤاب.

تتمثل قيمة مؤاب في هذه الرواية بما تنطوي عليه من فضاء مكاني يُعمق صورة المكان الروائي ويجعله أكثر كثافة، إذ يختزن في ثناياه ما تراكم من ذكريات الزمن والحضارة، فكم من أحداث حيكت في خزين هائل من السرد الحكائي اكتنزه هذا المكان، وقد سعى الروائي إلى تمثيله تخييليًا وتصوريًا في ما رواه، وهو يتعزز في الراهن والماضي، في التاريخ والرؤية والحساسية المنبثقة من رحم الأشياء.

  • العلاقات المكانية بالشخوص

أورد الروائي قائمة في نهاية روايته تضمت أسماء شخوص الرواية والبالغ عددهم (واحد وثلاثون) شخصًا وهم:

  • الملك ميشع ملك المؤابين.

  • الأمير بلسام: القربان، ولي عهد مؤاب.

  • القائد بالاق قائد الجيوش المؤابية.

  • القائد داثار بطل معركة أريحا من المؤابين.

  • القائد آروش قائد مؤابي بطل موقعة ربَّة مؤاب.

  • القائد أشهاد بطل موقعتي وادي مؤاب وعروعير.

  • حاروش: ضابط مؤابي من الحرس السري.

  • سبّاق ضابط مؤابي.

  • الأميرة شمايا: بنت ملك ميشع.

  • الملكة المؤابية زوج الملك ميشع.

  • ترعيثا: زوج الأمير بلسام.

  • بلسام: ضابط مؤابي.

  • الملك الباشاني عنق الثاني.

  • حوران: قائد جيوش باشان.

  • بلسطونيوس: قائد القوات الفلسطينية.

  • رُبْسُس: قائد فلسطيني.

  • عمري ملك إسرائيل.

  • راحيل زوج عمري.

  • آدوني: خادم الفاكهة في قصر الملك عمري.

  • بوعز: وزير في بلاط عمري.

  • عوديد: وزير في بلاط عمري.

  • ليئة: وصيفة راحيل.

  • مردخاي: خادم.

  • امرأة الوزير عوديد.

  • راؤبين: جاسوس إسرائيلي.

  • يحصائيل: جاسوس اتخذ اسم: رياط المؤابي.

  • ضابط إسرائيلي: قائد الحامية التي في أريحا.

  • يهوشافاط: ملك مملكة يهوذا.

  • يقشان: ملك آدومية اليهودي.

  • يشباق: ولي عهد آدومية.

  • هليئيل: ولي عهد يهوذا.

هذا العدد الهائل من الشخوص الذي يفوق عدد الأمكنة، يعكس أهمية الشخوص في الرواية وربطه بالمكان الروائي، فكم من رواية لم يتجاوز عدد شخصياتها أصابع اليد الواحدة.

وفي مقاربة ظهور المرأة تحديدا بين شخوص قربان مؤاب كان ظهورًا متراوحًا، ويمكن وضع هذا الظهور ضمن دائرة المتوقع، فظهور الملكة اليهودية (راحيل) ونساء القصر كان ظهور الفاجرات، في المقابل نجد (شمايا) و(ترعيثا) زوجة بلسام وزوجة الملك ميشع ظهرن ظهور النبيلات الطاهرات، فلم يلمع لهن دور في الأمور العسكرية والسياسية، ففي الوقت الذي أطاع عمري راحيل وبعث أدوني إلى ميشع مكان الوزير عوديد نجد أن ميشع لم يطع زوجته في أحب الأمور إليه (الامتناع عن ذبح وله بلسام) فدورها كان ضمن دائرة المتوقع.

  • العلاقات المكانية بالأزمنة

 يقول أوستن وارين: “حين يستخدم المرء تعبير”العالم” فإنما يستعمل تعبيرًا مكانيًا، لكن التخيل القصصي – أو التعبير الأفضل “القصة “- يستدعي انتباهنا إلى الزمان وإلى توالي الأحداث في الزمان “. ويذهب إلى أبعد من ذلك فيصف الأدب عامة بأنه فن زمني (تمييزًا له عن الرسم والنحت اللذين يعدّهما فنين مكانيين).

المكان الروائي محتشد بالعلاقات ومكتظ بالتفاصيل، يتزاوج فيه التشكيل الوصفي والتشكيل السردي على نحو بالغ الحيوية والتعبير، يغلب عليه الحضور الزماني (عندما حلّ المساء دخل الملك عمري مخدع زوجه على غير عادته، متجهمًا عابسًا منقبض المُحيا…).

(غادر آدوني أورشليم بعد أن قدّم تقدمة لبعل حتى يحفظه من أعداء النهار وغواسق الليل، وعندما صار خارج المدينة ألقى نظرة أخيرة على أورشليم، ومضى مُيممًا شطر آبل شطيم، المدينة الغورية الحارة التي تطل عليها حشبون عاصمة المؤابين كما يطل صقر على فريسة له يوشك أن ينقض عليها… وقد استمر في سيره ثلاثة أيام بلياليها مستعجلًا الوصول إلى مدينة آبل شطيم حتى يلم شعث نفسه إلى أن وصل إليها قرب ظهيرة اليوم الرابع… تناول طعامه على مشارف المدينة، ثم تابع وصية الملك…).

جاء هذا المشهد السردي مُكتظًا اكتظاظًا شديدًا بحساسية التشكيل المكاني (الفضائي)، فلم يكتف الروائي بالوصف التفاصيلي الدقيق للمكان والشخوص والتلازم الفاعل بينهما، بل يعمد للزمن لتوفير أكبر مساحة إحاطة وشمول لجماليات وتجليات المكان وعرضها ضمن بناء الفضاء المكاني رصين.

الخاتمة

يمكن القول: إن هذه الرواية كائنٌ حيٌّ، تكاملت فيه العناصر كلها، وتعاضدت فيه الأشخاص والأحداث والأزمنة والأمكنة معًا، بشكل مترابط الجزيئات والتفاصيل، حيث نمت الرواية نموًا طبيعيًّا من بدايتها حتى نهايتها.

تجلت قدرة الروائي في هذه الرواية في توظيف المكان وربطه بل وتداخله بالشخصيات والأحداث والإديولوجيا، حيث وفق الروائي في الربط والتماهي والتداخل بينها، ليؤكد العلاقات والتشابك بينها لتسيير أحداث الرواية، فخرج بهذا عن النمط التقليدي للرواية العربية في ترتيب الأحداث وتسلسلها مكانيّا؛ لغايات تتمثل في: التركيز على الأحداث، وجعلها بؤرة الاهتمام.

ولمعت في هذه الرواية أهمية الشخوص وتداخلها مع المكان، حيث ظهرت حميمية العلاقة بين المكان والشخوص الذي تتحرك في إطاره، فاستطاع الروائي أن يجعل لشخوص روايته وظائف تتحرك من خلالها، فالمكان كفيل بأن يوجه السرد إلى تنسيق الأحداث.

هيمن الروائي المتسلح بفكرة المكان، وهيمن المكان المتسلح بفكرة ربطه بعلاقاته بالأزمنة والشخوص على مقدرات السرد الروائي في رواية (قربان مؤاب) رغبةً في إنجاز سرد روائي، قد لا يلتزم بالقوانين المعروفة داخل المنطق السردي المؤتلف، لكنه ينفتح بحرية على المنطق السردي المختلف.

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *