ستيفن هوكينغ والعلماء… وسيلة الخلاص أداة الجريمة

خاص- ثقافات

*عدنان الصباح

رحل عالم الفيزياء الأشهر ستيف هوكينغ الذي لم يقدم دروسا في الفيزياء فقط بل وكذا قدم دروسا في الإنسانية والسياسة فالعالم الأشهر في عصرنا ظل وفيا لمبادئ السلم العالمي وكان معاديا للحرب على فيتنام وقد شارك هذا العالم المقعد والفذ بمظاهرات ضد الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق ورفض المشاركة في مؤتمر علمي أقيم في إسرائيل احتجاجا على احتلال فلسطين ومعاملة الاحتلال للشعب الفلسطيني ولم يقعده مرض التصلب اللوحي الذي افقده القدرة على النطق والكتابة عن مواصلة العمل والبحث العلمي ليجعل من ذلك أسطورة إنسانية قبل عظمة انجازاته العلمية وقد تمكن من تطوير أساليب بصرية تعويضية لرؤية المعادلات بمنظور هندسية وقد وصف عالم الفيزياء الألماني فيرنير إزريل ذلك بأنه يشبه قدرة موتسارت على تأليف مقطوعة موسيقية في رأسه فقط وقد أبدع موتسارت في تأليف روائع الموسيقى وهو في سن السابعة حيث أصبح حينها قائدا للاوركسترا كما تمكن بيتهوفن الأصم من صناعة موسيقى ” دون ان يسمعها ” أطربت الامبرياليين ليستريحوا وهم يخططون لموتنا مستفيدين من إبداع عظيم ليس لرفاهية البشر بل لموتهم فليس للجوعى وقت لسماع موسيقى لم يسمعها مبدعها كما أن ليس للجوعى قدرة على إدراك أهمية ما قاله اينشتاين عن الزمن ولا عن علاقة الزمن بالفراغ ولا معادلات الكم والكيف واليدناميت الذي كان مفيدا لتفجير المناجم وصناعة ثروة البشر صار نقمة على صانعيه ومستخدميه واداة لموتهم انفسهم.
في العام 2006 نشر هوكينغ سؤالا خطيرا على الانترنت قال فيه ” كيف سيتمكن الجنس البشري من الدوام لمائةِ عامٍ أخرى في ظل عالم تملئهُ الفوضى السياسية والاجتماعية والبيئية؟ ” وتابع قائلا “لا أعرف الجواب. ولهذا السبب طرحت السؤال لأحمل الناس على التفكير في الأمر وليكونوا واعين إزاء الأخطار التي نواجهها الآن. ” وقد ذهب بخياله بعيدا مستلهما كل التاريخ الإنساني مازجا بعبقرية فذة بين العالم الفيزيائي وعالم السياسة والاجتماع وتساءل عن احتمالية أن يغزو الأرض كائنات فضائية وفضح الامبريالية والاستعمار بأبشع الصور عبر هذا التساؤل واصفا ذلك برحلة كولومبوس إلى أمريكا التي انتهت بكارثة لمواطني أمريكا الأصليين امتدت الكارثة بعد ذلك لتطال العالم بأسره وكتب يقول في العام 2010 “إذا زارنا الفضائيون ستكون النتيجة مماثلة لما حصل بعد وصول كولومبوس لأمريكا، حيث لم تنتهي الأمور على خير بالنسبة للأمريكيين الأصليين” وذهب إلى قراءة واعية للتطور البشري وعالم الحاسوب الصناعي وقدراته الذكائية متسائلا عن قدرة العالم على تطوير الذكاء الصناعي إلى ابعد من ذلك ومحذرا من حرب الفيروسات على الانترنت وحروب المعلوماتية وربط ذلك بطبيعة البشر معتبرا الفيروسات الحاسوبية شكلا جديدا من أشكال الحياة قائلا “ربما يفسر شيئا ما حول الطبيعة البشرية، وهو أن شكل الحياة الوحيد الذي أنشأناه حتى الآن هو مدمرٌ تماما. فأعتقد أن هذا يكشف شيئا عن طبيعة البشر… لقد أنشأنا حياة على شاكلتنا”
حذر هوكينغ من الغرائز العدوانية لدى البشر وما يجري من تدمير منظم للأرض عبر تدمير البيئة وما الحروب وأبحاث وصناعة الأسلحة والأنشطة الكيماوية بما فيها أنواع الأسلحة الكيماوية وأسلحة الغاز والأسلحة البيولوجية التي تقوم بها قوى الرأسمال المستغولة على الثروة إلا أدوات هدم منظم للأرض وبالتالي سعي حثيث لحفر القبور لسكانها من البشر وما قاله هوكينغ عن البحث في الفضاء والسعي إلى الانتشار به هربا من جرائم الامبرياليين بتدمير حياتنا قد لا يكون ممكنا للفقراء فالذين يملكون السفن الفضائية والقدرة على استعمار الكون هم أنفسهم من ملكوا يوما القدرة على اجتياز الظلمات إلى الجانب الآخر من الأرض لاكتشاف أمريكا وقتل سكانه وبذا سيكون هوكينغ كسابقيه من العظماء يسعون للخير ليقدموا للامبرياليين أدوات جديدة لسلاح أبشع لإحكام سيطرتهم ونشر الموت حيثما كانوا.
.قد يكون من حقي كأحد مواطني الأرض وأنا ارفع عقالي العربي تحية للرجل الذي رحل عن الأرض تاركا إرثا من الأسئلة المملوءة بالخوف لكل دعاة السلم على الأرض أن اصرخ بان علينا اليوم أن نوقف قتلة الأرض عن فعل اغتيالنا وان لا نسمح لهم بالهروب بفعلتهم هذه عبر البحث عن زايا آمنة لهم خارج الأرض تماما كما بحث مجرمي بريطانيا وغيرها من دول أوروبا الاستعمارية عن ملاذ لهم في القارة الأمريكية على دماء أهلها فهل سنسمح لأحفادهم بالوثوب على دمار بيتنا الوحيد ” الأرض ” والهروب إلى بيت جديد وهذه المرة لا ليغتالوا قاطنيه بل بعد أن يكونوا قد تمكنوا من اغتيالنا نحن.
لقد قال اينشتاين في البعد الرابع ” الزمن ” وانشغل البشر بما جاء به من نظرية فائقة الدقة مع أن البشرية لم تقف عندها أبدا بل تجاوزتها, إلا أن التجاوز جاء اعتمادا على الأصل ومع ذلك ظلت نظريات العظماء وانجازاتهم أدوات بيد لصوص الثروة بينما انشغل الفقراء المنهكين بالبحث عن قوت يومهم دون قدرة منهم على قراءة ما جاء به العظماء من علوم راحت أيضا الى جيوب لصوص ثروة الأرض مما يعني أن العلم كان ولا زال اخطر سلاح يستغله الامبرياليون.
قبل هوكينغ سعى اينشتاين بنظريته النسبية وقراءته لأبعاد الكون وبحثه في القوى الثلاث الكهرومغناطيسية والنووية الثقيلة والنووية الخفيفة إلى إسعاد البشرية لا إلى انشطار الذرة كقنبلة في حين تمكن الامبرياليون من تحويلها إلى أساس لصناعة اخطر أسلحة الموت على وجه الأرض وحين تحدث اينشتاين عن النسبية في العلاقة بين الزمان والمكان وأوحى بفكرة الزمن السلبي والعودة إلى ما كان قبل أن يكون ما هو منتظر كان الامبرياليين هم الأقدر على تحويل الغير منطقي في الفعل إلى واقع ولو في حواسيبنا بما يمكنهم من تغيير رؤيتنا أو السيطرة على عقولنا دون الحاجة إلى تغيير الواقع وكذا سيكون حال هوكينغ الذي بحث عن خلاص البشرية من جرائم الامبرياليين على الأرض ليقدم للامبرياليين غدا حبل نجاة ليس لمعاودة العيش إن أمكن بل ولمعاودة الجريمة نفسها حيث يمكن, وان لم يعاود الفقراء والمضطهدين انتظامهم في جبهة واحدة بإرادة الفعل الأقدر على التأثير وإدراك مكامن قوتهم بأنهم هم فقط مالكي القدرة على تحويل أحلام العلماء العظيمة إلى واقع جميل لهم أو البقاء كأدوات شيطانية بيد المستغولين الامبرياليين يقتلون أنفسهم بأيديهم لصالح ناهبي قوتهم ودمهم فان مصيرنا كبشر سيبقى رهن بجيوب المستغولين من لصوص ثروة الأرض ومصاصي دماء البشر.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *