خاص- ثقافات
*د. حورية الظل
من أهداف مسابقة تحدي القراءة العربي جعل القراءة جزءا من حياة الطلاب وغرس حبها في نفوسهم حتى تصبح بالنسبة لهم “ضرورية للحياة كالتنفس” كما قال ألبرتو مانغويل مؤلف كتاب “تاريخ القراءة”، فيُترجم ذلك إلى شغف بالكتب وتعطش للبحث عن المعرفة.
وقد ساهمت مسابقة تحدي القراءة العربي التي وصلت دورتها الثالثة في تنمية الوعي العام بواقع القراءة العربي، وضرورة الارتقاء به للوصول إلى موقع متقدم عالمياً، خاصة وأن مؤشر القراءة العربي كان يعرف انخفاضا مستمرا حيث وصل إلى مستويات مخجلة (6 دقائق لكل مواطن عربي في السنة) لكن هذا المؤشر عرف انتعاشة ملحوظة في الدورة الثانية من المسابقة بمشاركة أكثر من 7 ملايين طالب استطاعوا قراءة 200 مليون كتاب، كما قدم التحدي نموذجاً متكاملاً، مبنياً على أسس علمية، لتكوين جيل من الشباب المثقف الواعي المتسامح نتيجة سعة معارفه ومداركه.
لذلك فإن من واجب المدرسين والآباء، عدم تفويت فرصة تشجيع الطلاب على المشاركة في مسابقة تحدي القراءة العربي، لأن للقراءة الحرة نتائج إيجابية على نفسية الطالب وعلى ارتفاع نسبة تقديره لذاته وتمكنه من اللغة العربية وارتفاع منسوب ثقافته وحظوظه في النجاح والتفوق في دراسته وتحييده عن مهالك الانحراف، وتعزيز قيم التسامح والمحبة والانفتاح الثقافي والفكري لديه.
ومن حسنات مشروع تحدي القراءة أيضا فكه العزلة عن طلبة المناطق النائية والقروية فالمسابقة تمكنهم من البروز والتميز وأيضا تساعدهم على تحسين مستواهم الدراسي، فمشروع تحدي القراءة العربي فرصتهم للخروج من قوقعتهم ويشكل متنفسا لهم ونافذة تمكنتهم من الانفتاح على عوالم جديدة، والأكيد أنه سيفتح لهم أبواب المستقبل أيضا لتحسين وضعيتهم.
لذلك فإن مشروع تحدي القراءة العربي قد جاء بالبلسم الشافي المتمثل في غرس حب القراءة في براعمنا لتنمو وتزهر عِلما، وتكون صانعة الغد العربي المشرق، خاصة وأن جحافل الظلمة بدأت تغشى بعض أركانه والعقول المكدسة بالجهل والتفاهات والتطرف تنشر ظلالها الحالكة وتوزع الخراب والموت.
ومما يحسب لمسابقة تحدي القراءة العربي، أنها ساهمت في إحياء حركة التأليف والترجمة والنشر فحققت رواج الكتاب في العالم العربي، نتيجة إقبال الطلاب على القراءة، خاصة وأن الكتاب عرف ركودا فادحا في السنوات الأخيرة، فجاء مشروع تحدي القراءة العربي لينفض عنه الغبار ويعيد للمؤلفين والكُتّاب اعتبارهم.
لقد وصلت مسابقة تحدي القراءة العربي دورتها الثالثة، ونتائج الدورتين السابقتين تؤكد نجاح التجربة، لذلك لا نملك إلا أن نتفاءل خيرا بالمستقبل، ولنجعل الكتاب منارة تهدي الأجيال الجديدة لبر آمن، لتبدأ بالبناء، بناء مستقبل عربي زاهر أساسه المحبة والتسامح والسلام.