كيف يمكن للعائدين من الحرب

خاص- ثقافات

*د.ايهاب بسيسو

كيف يمكن للعائدين من الحرب
أن يتصالحوا مع ذعر خفي من الأشياء
كأن يستقبلوا الطريق دون خوف من انفجار محتمل أو قناص
كأن لا تدفعهم وردة لانتحار الخائف
أو بكاء عاشق بلا ذراعين …
* * *
كيف يمكن للعائدين من الحرب
أن يصبحوا عاديين تماما …
كأن يستقبلوا عناوين الصحف في الصباح دون قلق من جثة محتملة قد تطل من الصفحة الأولى …
أو بقايا صراخ يجوب فضاءات “السوشيال ميديا” بتوتر …
كأن يستقبلوا وجه نادل في مقهى ببشاشة عفوية
وصوت بائعة برتقال في السوق الشعبي …
ووجه فتاة خجولة في مصادفة عابرة …
دون أن يرتبكوا …
ويركضوا بحثا عن طرق مغايرة …
أو ملجأ …
* * *
كيف يمكن للعائدين من الحرب
أن يطمئنوا لزيارة الطبيب بغرض الكشف عن أسباب صداع مزمن
دون قلق من جرح غائر …
أو بقايا شظايا من انفجار ما زال معلقا في تجاويف الذاكرة …
* * *
كيف يمكن للعائدين من الحرب
أن يصبحوا طائشين دون رصاص أو قذائف …
كأن يستبدلوا هدوء صباحات نهاية الأسبوع
أو الأعياد …
بضجيج فتيان يتسابقون نحو فرح في الأغنيات
والصور …
* * *
كيف يمكن للعائدين من الحرب
أن يجلسوا الى رسام في مقهى
أو شاعر …
أو يفكروا في الذهاب الى السينما
دون قلق من عتمة تتسلل كليالي قلق وموت مبكر …
* * *
كيف يمكن للعائدين من الحرب
أن يتأملوا صباحا مشرقا
وصبية يلعبون الكرة في الحي القديم
وضوءا ينساب من طرف غيمة إلى حافة فنجان القهوة في شرفة عتيقة …
دون ارتباك من ضجيج محتمل …
* * *
كيف ذهب العائدون من الحرب الى الحرب
ولم يفكروا بكل هذا قبل الغياب؟ …

وزير الثقافة الفلسطيني د.ايهاب بسيسو

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *