صَديقٌ للسلم وللمَعْرَكة

خاص-ثقافات

يَا صَديق لَو تَتْرك السّلاح قَليلاً لندخن سيجَارَة معَا
نُراقب دخَانَها معاً
ومعَا نَتَحدث عنْ كُل أحلاَمنا حينَ كنَّا لا نَرى
دَع أَحاديثَ المعَارك
والاصطدَامات السياسية
وجيوشُ الله والشَيطان
وخُطط الأَغْنياء لاصطيَاد الفُرص منْ السمَاء
دعها قلَيلاً فوق أَول كُرسي فِي مقْهى كَئيب
وانْفض جيوبَك منهَا كمَا القطَع النَّقْدية الصفْرَاء
ارمهَا كَعقب سيجَارتنَا هَذه
كي لاَ تَتَلوث أَجهزتُك الرُّوحية بنيكُوتينها …
يا صَديق يكْفي أنَّك وُلدت منْ رحم معركَة
قَعْقعة سُيوف ما كَانت زَغاريدَ الولاَدة
والدُّروع سَبْع لَيال طوال رَقَصَتْ ؛
هَا هُو جنْدي آخر
سيخوض معَاركَا ليُثبت نَفْسه لنفْسه
سيدرُس مَا لاَ يَنفعه في فصول بَاردة
سَيُقاتل بطَالَة عظيمَة ليشتغل
وسَيَبحثُ بينَ عيون النّساء التي يَتَعرَّف عَليهن
عنْ عَينٍ يَسكن إليها
ليتزوجهَا ، ويُحَارب معهَا
لإنْجاب جندي آخَر
تُصَاحب صيحات طلق أُمه قَعْقعة سُيوف أُخْرى …
تَخلص منْ مَعَاركك فهي ليسَت مَعَاركُك
فقدْ كنت كَحَمل ضَعيفٍ أَحَاط به قطَيعُ جامُوس
رَأيتهم يَفْعلُون مَا يَفعَلون
فَفَعلتْ
وحَاربت مَا يُحَاربون
وتَمَنيتَ مَا تمنوا
وقلت :
إنَّها مَعاركي ..
يا صديق الجُنود لاَ يَفُوزون في المعَارك
لا يُتَوجون نُسورا
ولا حتى قِطَطا لمَوانئ قَديمة
ولا يهتم التَّاريخ بتخَليد أسمائهم
حتى أغَاني الشيخَات الحَزينة لا تذكرهم
ولا تَتحدث عن قصة شجاعتهم العَظيمَة
فَقَطْ يَمر بَعض النَّاس على قُبُورهم
ويُشيرُون إلى شَواهدهم قَائِلين :
لقَد عَاشُوا يُحَاربُون
يتطاحنُون معَ الزَّمن
ويَرفعون إرَادَتهم كَالسُّيوف في وجه الفَقر
والظلمْ
ولعنَة الله
لقَد عَاشُوا من أجل مَعَارك لمْ يَخْتَارُوها
يَخرجون منْ وَاحدَة ليَدْخُلوا أُخْرى
دُون أَي كاتَالوج عنْ كيفَ يخوضُونهَا
وفِي الأخير سَيمُوتون في أفْرشَتهم
أو علَى أَسّرة مُسْتَشفيات رطبَة
أو في حَوادَث طرق بَشعَة
أو نتيجة طَعْنة سكين غَادرة منْ جندي
مقْهُور آخر
سيَمُوتون
وسيتركونْ أبناء سيحْتَلون أمَاكنْهم فِي الجُنْدية …
يا صديق ..
الحَياة لَيْسَت مَعركتنَا
إنّْها ليسَت مَعركتنا أبدَا
خُصُوصا نَحنُ الذين لمْ تُولد معنَا مَلاعق
ولا َسكَاكينٌ
ولا سَكاكر حلوة فِي الفّم
إنهَا ليْسَت مَعركتنا لأنَّنَا ولدنَا وفي فَمنَا
مَرَارٌ ورَاثي
ظَل يُصَاحبنا إلى الآن .
س خ

شاهد أيضاً

كأس وظلال

(ثقافات) كأس وظلال عبد القادر بوطالب تلك الظلال التي طوت تفاصيل أجفاني سارت خلفي ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *