خاص- ثقافات
*خلود البدري
صدرت المجموعة الشعرية عن دار تموز للطباعة والنشر والتوزيع ضمت ثمان وعشرين قصيدة.
وهنا محاولة لقراءة قصائد هذه المجموعة حيث يقول بارت عن القارئ :” إن هذا “الأنا” الذي يقترب من النص هو نفسه سلفا متشكَل من تعدَد نصوص أخرى، وأنساق لا نهائية ”
والقراءة ليست فعلا عرضيا ” طفيليا “على كتابة نمنحها كل امتيازات الإبداع والأولوية ”
في البدء كان الإهداء حيث أهدى الشاعر ديوانه إلى امرأة ما
يقول في الإهداء
” ألفيتني افرد أشرعة الصمت
إبحارا نحو سواحلك
فوحدك من يدرك معنى الصمت
ووحدك من تدرك إني أحبها
لعينيك اللتين تلوحان لي عن بعد
أهديك فضاءاتي “:ص5
من البديهي أول ما يلفت انتباهنا هو عنوان المجموعة الشعرية ،”فلسفة الطين ” هنا نسأل هل للطين فلسفة ؟ ماذا أراد الشاعر ..هل هي فلسفة الأرض أم فلسفة الإنسان ؟
يقول في قصيدته فلسفة الطين
“دامع
كالعوز في عين يتيم
صباحي !
مؤجل فيه الندى
والنسيم
ووجهك “ص24
هنا الطين الإنسان الذي يشعر بالعوز والفقد للآخر
وفي “حينما اشتقت إليك”
يقول :
” لست أول العابرين على ضفافك
ولاشك
لست الأخير
فأنا من مدينة
الكل فيها عابرون “ص54
وهنا فلسفة الأرض .. فما حكاية هذه الأرض, المدينة ذات الضفاف لماذا تودعنا دائما ضفافها, إلا تشتاق لنا ؟.. إلا ترأف بأحلامنا ؟.. لماذا علينا دائما أن ندفن تلك الأحلام على ضفافها ونعدو تاركين أماكننا ؟
الفلسفة لماذا؟
“الفلسفة لفظة يونانية مكونة من جزأين ” فيلو “بمعنى حبَ و” سوفيا “بمعنى الحكمة أي أنها تعني _ في الأصل اليوناني _”حب الحكمة “وليس امتلاكها” *
في قصيدته ” أرصفة الجوع ”
يقول:………..
“يا وطني الذي اعتدته
حتى أحار كيف أبحت لتوجعي
أن يكدر خاطره !” ص63-64
هل هناك صورة أجمل من هذه يخاف من الوجع والألم الذي يكابده لألا يكدر خاطر وطنه أي حب هذا ؟!هنا فلسفة الحب حب الإنسان لأرضه
ألم نقل أن الفلسفة حب !
في قصيدته
“لافتات
3
“لأنك،
فرح
أيقنت رحيلك!
ووجعي لا يعني أحدا
وحزني
لا يلبسه عني صديق
فما جدوى عينيك
وأوراقي خاسرة
فأنت أبحت لهذا الليل يماطل أحلامي
وأنت أوهمت فصولي ربيعا
……….”ص84
فلسفة البعد، الغياب، الشوق، الحب المفقود، فلسفة الأنا الخاسرة ، فلسفة الوهم ، فلسفة الحزن .
الشاعر هنا يناجي الفرح، وهم الفرح بالربيع، فخسر حتى أوراقه.
من” قصائد” اخترت هذه القصيدة القصيرة
_ 2 _
“وحدي،
أفكر
ومن دون شك
أنت من أفكر فيه
فكيما ألقاك
أحتال على البعد
بأغماضة عين “ص91
يقول الشاعر جورج جرداق في قصيدته “هذه ليلتي
……
” لسؤال عن الهوى وجواب .. وحديث يذوب في شفتينا
قد أطال الوقوف حين دعاني .. ليلم الأشواق عن أجفاني
فأدن مني وخد إليك حناني .. ثم أغمض عينيك حتى تراني”
وهنا أعود إلى البداية، إلى القارئ لأني عندما قرأت قصيدة الشاعر تبادر لذهني هذا المقطع من قصيدة أخرى لشاعر آخر وهنا أقول أن القارئ هو إبداع متراكم لقراءات متراكمة تنتج ذاكرة خصبة.
تراوحت قصائد المجموعة الشعرية بين طويلة وأخرى قصيرة كومضة.