الخط المغربي في عهد أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس

خاص-ثقافات

*د. محمد البندوري

لا شك أن الانعكاس الإيجابي للتطور الحضاري على المجال الثقافي والمعرفي والعلمي بالمملكة المغربية في عهد أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله قد عجل بظهور خزانات علمية جديدة، ومرافق معرفية حديثة، الأمر الذي خلق حاجة ملحة للخط المغربي والخطاطين لكي يمدوا هذا القطاع العلمي والمعرفي الحيوي بمزيد من الإنتاجات العلمية والمعرفية، وعجل أيضا بتجلي الخط المغربي العلوي الشريف الخط المتقن والمضبوط في عدد من الأوراش الخطية ذات القيمة العالية. فتجلى في كتابة مصاحف قرآنية شريفة ذات جودة عالية، وبرز كذلك بشكل لافت في عدد من اللوحات الخطية الرائقة لخطاطين مغاربة أجلاء. وهو ما أعطى مكانة لائقة للخطاطة والمخطوطات والخط والخطاطين خلال هذه الفترة العلوية الشريفة الآنية، بل إن هذه الفترة تعرف تنوعا كبيرا في الاستعمالات الخطية المغربية، حيث يسود حاليا الخط المغربي المبسوط والخط المغربي المجوهر وخط الثلث المغربي بشكل لافت، خصوصا مع ظهور إبداعات قوية ذات جماليات أخاذة، تأخذ بعين الاعتبار تطور هذه الأنواع الخطية بدقة وعناية فائقة، إلى جانب استعمال خط المسند والكوفي المغربي في إطار فني دلالي. وبزغ في الساحة الخطية حاليا الخط المغربي الصحراوي والخط المغربي المدمج الدقيق والخط المغربي الإفريقي. ويسهم في هذا التطور وبسط الإبداع عدد من الخطاطين النبلاء والأساتذة الباحثين الأكابر من خلال مراكز تشكل مدارس خطية عالمة، منها مدارس الدار البيضاء ومدرسة تطوان ومدرسة مراكش ومدرسة سطات ومدرسة وجدة ومدرسة فاس ومدرسة مكناس ومدرسة تارودانت ومدرسة تازة ومدرسة أكادير ومدرسة سلا ومدرسة الرباط ومدرسة طنجة وعدد آخر من المدارس بمختلف المدن المغربية .. ومن خلال ملتقيات فنية ودراسية.
إضافة إلى الإتقان الكبير والتفنن الجميل في الخطوط المشرقية خصوصا منها الخط النسخي وخط الثلث والخط الديواني. فعلى إثر ذلك يتعزز المشهد الحروفي المغربي في عهد أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس بجيل معاصر من مشايخة الخط ببلادنا، يحرصون أشد الحرص على جودة الخط المغربي والمشرقي وضبطه وتقييده، ويعملون على إرساء جمالياته وربطها بالمجال الزخرفي باعتباره مكونا جماليا، إلى حد الصرامة والحزم، ولا يقبل حاليا في المشهد الخطي المغربي غير الخط المقيد بالضبط والمحلى بالجمال والمرصع بالتزيين والمحفف بالإبداع. وهذا يدل على الصيغ المتنوعة للمناحي الجمالية التي يتمتع بها الخط المغربي حاليا. وعلى إثر ذلك يمكن تصنيف المشهد الخطي المغربي الآني وفق التنوع الثقافي والمعرفي والإداري وما يترتب عن ذلك من تنوع على مستوى الخطاطين، فنجد عددا من الخطاطين الخواص والخطاطين العوام وخطاطي البلاط وخطاطين من المشايخ وخطاطين شباب وخطاطين هواة وبعض الخطاطين الذين تخصصوا في الزخرفة والتنميق والبعض الذي تخصص في تقهير الورق، والبعض الذي تخصص في صنع الأمدة والأقلام المغربية.. كل يسهم بإبداعاته الرائقة وتقنياته المتطورة في الرفع من شأن الخط المغربي. ولم يقتصر الأمر على العنصر الذكوري فحسب، بل برزت في الساحة الخطية المغربية الآنية خطاطات مجيدات ومقيدات بالضبط، ومتفننات ومتقنات للخط المغربي بمظهر حضاري يرفع شأن العنصر النسوي في هذا المجال، وقد نافسن الرجال في هذه المهمة السامية.

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *