صادقت ليندال غوردن الشخصيات الأدبية طفلة، وكتبت حياتهن بالغة. اختلف كتابها الأخير بكونه جمع خمس نساء تركن أثراً. في «غريبات: خمس كاتبات غيّرن العالم» الصادر عن دار فيراغو تختار أديبات رحلت أمهاتهن باكراً، تعلمن من الكتب أو من رجال مستنيرين، وفهمن الرغبة النسائية وكتبن عنها. تبدأ بماري شيلي التي ولدت في 1797 وتوفيّت والدتها النسوية ماري وولستنكرافت بعد ولادتها بشهر. حملت من الشاعر برسي بيش شيلي وهي في السادسة عشرة، حين كانت زوجته هارييت حاملاً منه، وهربت معه الى أوروبا برفقة أختها كلير. كان والدها وليم غودوين مفكراً ليبرالياً، لكنه لم يحتمل الفضيحة وقطع صلته بها. ترى غوردن أن فرار ماري شكّل نواة عملها الأشهر «فرانكستاين». أشعرها نبذها أنها وحش يرفضه المجتمع، وهزّت بربرية الحروب في أوروبا إيمانها بالخير في البشر. خلق بشرية جديدة، قالت، أسهل من محاولة تطهير وحوش كهذه.
تكتب غوردن سيرة مختصرة لشيلي وإملي برونتي، جورج إليوت، أوليف شراينر وفرجينيا وولف، وتبحث عما يجمعهن. شراينر غريبة الغريبات لأنها مجهولة في بريطانيا. ولدت في جنوب أفريقيا في 1855، وعارضت حرب البوير وفضحت العنف العسكري في بلادها. كتبت روايات عدة أشهرها «قصة مزرعة أفريقية» التي سمّيت غوردن باسم بطلتها المتسائلة. كانت ابنة رجل دين محبة للوحدة ومجبولة ببيئتها مثل إملي برونتي، لكنها اختلفت عن الكاتبات الأخريات بنشاطها السياسي. تعتقد غوردن أن الإساءة في مدرسة كوان بريدج التي تسبّبت بمرض ماريا وإليزابث، شقيقتي إملي الأكبر سناً، في ثمانية أشهر فقط تركت أثراً دائماً في الكاتبة أيضاً. كانت في السابعة حين رحلتا وكتبت في ما بعد: «القلب ميت منذ الطفولة». وصفت برونتي بالخرقاء خلال إقامتها في بروكسل، وتبرّر غوردن ذلك برفضها الإذعان للعادات و «ليّ» نفسها لكي تلائم النموذج الأنثوي المصطنع.
لا تجد غوردن عذراً لجورج إليوت التي رفضت مساعدة شقيقتها الفقيرة كريسي وأولادها. وتصل الى استنتاج حاسم من ذكر مختصر للإساءة الجنسية التي تعرّضت فرجينيا وولف لها من إخوانها غير الأشقاء. تقول إن «تاريخها» معهم جعلها حذرة من طبيعة الرجال الجنسية، ودفعها الى رفض الزواج بعدد من المعجبين بها. كل من إليوت وشراينر أحبّت مفكراً بارداً لم يجدها جميلة، وفي بحثهما عن استحسان رمز المعلم الصارم سارعتا الى إدانة «حمق» النساء العاديات اللواتي تزوجن وأنجبن وقرأن أو كتبن روايات تافهة. وولف وشيلي وإليوت وجدن الرضى مع رجال دعموهن ككاتبات، وفيما كانت الأولى باردة جنسياً حملت شيلي مراراً وكانت الأم الوحيدة بين الغريبات الخمس. كان عليها الاعتناء بأطفالها والتجوال في إيطاليا مع زوجها الشاعر الذي خانها مع كثيرات قد تكون أختها كلير بينهن. لم يفهم حزنها بعد موت ابنهما وليم، وشكا من برودها فعادت الى الفراش وحملت مجدداً. إليوت تزوجت في بداية عقدها السادس من شاب يصغرها بربع قرن، وتوقعت ممارسة الجنس خلال شهر العسل في البندقية فقفز في المياه من غرفة الفندق.
حين فرّت ماري غودوين مع برسي شيلي قرآ بصوت مرتفع «حقوق النساء» لوالدتها ماري وولستنكرافت. أعجبت إليوت بالكتاب، وكتبت وولف عن حياة مؤلفته. أُسرت إليوت بقوة برونتي، بهائها وبرّيتها، وقالت وولف إنها إلكترا إنكليزية. انتقدت هذه جدّية إليوت، ولئن أعجبت بـ «قصة مزرعة أفريقية» رأت أنه العمل الجيد الوحيد الذي كتبته شراينر. زارت الأخيرة النصب الذي بنته شيلي لزوجها، وأحبت أشعاره لا رواية ماري «فرانكستاين».
شعرت الكاتبات الخمس اللامعات بالإحباط، وكافحن للمشاركة الكاملة في المؤسسات الفكرية. عانين في حياتهن الخاصة أيضاً لأن مزاجهن لم يلائم قالب الأنثوية الجاهز. لكنهن لعبن دوراً حاسماً في تشكيل الصوت النسائي منذ زمانهن حتى اليوم.
_______
*الحياة