جورج اورويل .. مرونة الكلمات

خاص- ثقافات

 

*كونور كروس/ ترجمة : خضير اللامي

 

 قال جورج اورويل بعض الكلمات في متْنِ هذ النص عنْ نفسه؛ عندما كان صبيّا، وكتبها عندما كان يقترب من الموت، كان ذلك صحيحا تماما، ومثالا للتعبيرعن مرحلة” الشباب – الموت،” لم يكن اورويل فاشلا في المدرسة، او في الحياة من الناحية العملية، لكن ثمة شعورا داخليا بالفشل كان ينتابه، ويريد التعويض عنه، فلديه القدرة عن التعويض عنه ولديه القدرة لمواجهة الحقائق غير السارة، تكمن في اختياره الدقيق لمعنى ) القدرة. ( اذا هو في مواجهة حقيقتين عن ذاته : احساسه بالفشل، والرغبة بالتعويض عنه)  إنني سأخبرك جملة حقائق عن ذاتك. (  قال هذا، ليؤثر  في مثقفي اليسار الذين كانوا القراء الوحيدين له، لحقبة طويلة، ولكن يجب أنْ نعترف أولا، أنني اواجه حقاقئق غير سارة عن ذاتي، ومواجهة المرء حقائق من هذا النوع، كما لو أنه يواجه طلقات نارية . هذه اشياء انفرد بها انا حسب، ولا يميل اغلبكم الى القيام بها، ومن خلال مهارتي باستخدام الكلمات، والقدرة اللتين لا يتحملهما اناس مثلكم، فإنني سأرغمكم على أنْ تواجهوا في الاقل بعض الحقائق التي تحاولون اخفاءها عن انفسكم وعن الآخرين . استطيع القول، إن معظم هذه الاشياء  – في هذه الصفحة تخاطب معظمنا لتستجيب لهذا التحدي، كما اظن، في احدى طريقتين او في كلتيهما – فالطريقة الاولى تعترف أنًّ نقد اورويل كان صحيحا الى حد ما، أن مثققي اليسار كانوا في كثير من الاحيان، غير مخلصين؛ انتقائيين في سخطهم الأخلاقي، متجاهلين للحقائق السياسية والطبقة العاملة، وأنّ كمية هذا القول ونوعه، هو بدون شك غيرثابت،  وتستطيع في سبيل المثال، أن تقبل اتهام اورويل بوصفه اتهاما صحيحا ضد اصدقائك،  وليس ضد نفسك، او تستطيع إنْ شئت اسقاط اليسار،  وربما كانت الدوافع اقل دهشة من تلك التي قادتك الى اليسار : فهل فتحت شجاعة واخلاص اورويل عينيك على سعتيهما ؟ في الواقع، ربما كان بعض المعجبين الأميركان بأورويل في الخمسينيات، اكثر تأثرا بمحاججة مكارثي من اولئك الذين في رواية ) حقل الحيوانات . ( ولكن تغيّر الاورويلية ) نسبة الى أورويل ( جعلت الشعور بالكرامة يتقهقر، وكان بالتاكيد بين اولئك الناس الاذكياء والموهوبين من يستطيع ذهنيا الخضوع الى العقوبة التي ينزلها بهم : تعالي ايتها العيون المتهمة، أنني متلهف لاتهام اورويل والاخرين؛ والسبب الرئيس لقبول عدد من المثقفين حقيقة اتهامات اورويل يعود الى أنَّ كثيرا منها كان صحيحا، وأنَّ صفاء نثر اورويل جعل من الحقيقة لا مهرب منها . وإنَّ المثقفين، ربما لم يكونوا اقل اخلاصا، من الاخرين وان مصادرهم في خداع النفس، كانت بالطبع متعددة، وهكذا، كان التزامهم بالنقد الذاتي؛ اعظم القوى تعترف بحق الجناة، ولكن المساوات في النتيجةهي غير مؤكدة، ومن المميزات التي على المثقف أن يتصف بها؛ والّا فإنًّ عليه التوقف عن كونه مثقفا : هي المقدرة في أنْ يكتشف الحقيقة، اثناء الجدل ومن المستحيل على الانسان، أنْ يلحظ أنًّ اورويل حافظ على التهديف الدقيق لضربات مباشرة، وأننا لنجفل عند سماعنا إيّاها، وليس هنالك ادنى شك،  في أنًّ اورويل قد غير عقول قليلة من الناس، ومن خلالهم غيركثيرا من العقول،  فقد اجلى كثيرا من الرياء، وخداع النفس، واستقامة الذات، وبعمله هذا زعزع الثقة باليسار الانجليزي، ربما بشكل دائم . وكما يعرف الجميع، فإنًّ اليمين لم يعْر له انتباها، باستثناء الذخيرة الثمينة التي كان يجهزها ضد الشيوعية، والابقاء على تنوع ريائها. بيد أن رياء اليسار، ذلك الذي برهن حتى الابد، أنه ضروري لانتصارأي حركة جماهيرية، والتي دمرتهاهجومات اورويل في فرنسا. ففي اليسار الانجليزي شبيهة بتاثيرات فلوبير في الطبيعة  عندما اضعف ايمانها بايديولوجيتها وجعلها تشعر بالخجل من مباذلها وهيمنة الوساوس والشكوك في داخلها، وبالتالي احست أنْ لا حول لها ولا قوة، اما الطريقة الثانية للاستجابة لتحديات اورويل فبالامكان أن ْ نسأله، عن انصافه.  وبعد ذلك له الحق في الحكم، ولكن بقي اورويل متهما بوصفه، ) كاتبا رجعيا ( في الجوهر،  وقد عززت اعماله او نزعت الى وجود النظام والتي تحتويها اعماله، فإنّ وجهة النظر هذه تجنح الى عدم الاكتراث بذلك وهي نوع من قلب الحقيقة عن طريق صرف الانتباه عن الهجوم الحقيقي والذي كان موجها ضد اليسار مباشرة،

 ومن السهولة بمكان دحض هذا الاتهام المتطرف وأن أي انسان يتهم اورويل بالفاشية – وهذا ما حدث فعلا – لا يعرف شيئا عن شخصيته؛  او عن حياته، ان حياة اورويل والجرح الاسباني الذي قصر من عمره دحض مثل هذه السخافات ….

—-

 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *