إذا ذُكرت القضية الفلسطينية، حضر الشاعر محمود درويش بروحه وسيرته الخالدة، فهو أيقونة فلسطين ورمز القضية، وصوت المستضعفين هناك، وقصيدته «بطاقة هوية» التي وجهها كصفعة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، يتردد دويها، كأن الليلة تُشبه البارحة، إذ يقول فيها متوعدًا رؤوس الصهاينة «سجِّل.. برأسِ الصفحةِ الأولى.. أنا لا أكرهُ الناسَ.. ولا أسطو على أحدٍ.. ولكنّي.. إذا ما جعتُ.. آكلُ لحمَ مغتصبي.. حذارِ.. حذارِ.. من جوعي.. ومن غضبي».

القضية الفلسطينية لا تموت، مهما خفت وهجها رويدًا، ببروز قضايا عربية أخرى. لكنها تبقى القضية الأزلية الحقيقية والمحورية، ورهان السلام في المنطقة العربية، ويبدو الوضع الآني لتداعيات القرار الأمريكي للرئيس دونالد ترامب، الذي أشعل المنطقة ونام، بإعلان القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، ملتهبًا ومشتعلًا، بدأ بالإدانات العربية والعالمية، ولم ينته بعد، إذ تحركت عدة مظاهرات في القاهرة وعمان وماليزيا وإندونيسيا وبلدان عدة نصرة للقدس، مع توقعات لخبراء ومحللين بتفاقم الوضع على المستوى الشعبي والسياسي أيضًا.

«مصيبة الحاضر»

في حديثه لـ»الرياض»، وصف الفنان فاروق حسني، وزير الثقافة المصري الأسبق، القرار الأميركي بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، بـ»مصيبة الحاضر»، إذ يقول «تحدثنا الولايات المتحدة الأميركية عن الديمقراطية، لكن قرارها الأحادي هذا، يضعها في قائمة دائرة الديكتاتورية». مضيفًا «لا يضيع حق وراءه مطالب، إلا إذا توقفت المطالب، وطالما يوجد شعب فلسطيني مستلب الحقوق، فإن الأمر لن يقف عند هذا الحد، فإن الولايات المتحدة الأميركية ليست رئيسة الكرة الأرضية حتى تتخذ مثل هذا القرار الانحيازي».

«مفاجأة صادمة»

وعلى ذات الوتيرة، يرى الأديب يوسف القعيد، عضو مجلس النواب المصري، أن القرار الأميركي ينسف القضية الفلسطينية، متوقعًا ردود أفعال قوية عربية تجاه هذا القرار المتعسف.

الأديب سعيد الكفراوي، يستعيد الأزمة من جذورها العميقة، وبداياتها الأوّليّة، ويفندها وفقًا لظروف ومواقف أولها موقف الولايات المتحدة، وعبث الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يفاجئ المنطقة بإعلان القدس عاصمة للدولة العبرية، والموقف الفلسطيني والخلاف بين حماس ومنظمة التحرير، وانشقاق الدولة التي هي تحت الاحتلال، إلى جزأين، جزء في غزة وجزء في الضفة الغربية، ورابعا الموقف الإسرائيلي القائم على العدوان والعنصرية، كل هذه المواقف يجب ان تنتج عنها هذه المفاجأة الصادمة.

ويضيف «الكفراوي»:عندما تتحدد المواقف في اجراءات عملية تؤثر فعلا على القوى العالمية وعلى إسرائيل، فلنتهيأ لفعل جاد».

«ضغوطات وقرار»

ويعتقد الدكتور حسين حمودة، الناقد الأدبي، أن ترامب لن يأخذ هذه الخطوة منطلقًا من رأى فردي، فهو يمثل دولة ويستجيب لضغوط مؤسسات قوية، وبالتالي فقراره يراعي هذا كله. ولكي نرد على مثل هذا القرار يجب علينا أن نضع في أذهاننا كل هذه الملابسات، وبالتالي نتحرك على مستويات متعددة تخاطب الرأى العام الدولي، وتبحث عن كل الطرق الممكنة لكي تشكل ضغطا تستجيب له المنظمات والهيئات الدولية المتعددة، حتى لا يتم تنفيذ هذا القرار.

ولا تستغرب الشاعر الفلسطينية ابتسام أبو سعدة، القرار الأميركي، موضحة أن هذا القرار قد أعلنه رؤساء أمريكيون عدة خلال حملتهم الانتخابية وبالأخص الرئيس الحالي دونالد ترامب، وها هو الآن يفعل ليرضي الاحتلال العنصري الإسرائيلي. وتضيف: «القدس عربية مهما ادعى الجبناء ومغتصبو الشعوب».

«رسالة لاذعة»

ووجه الكاتب الفلسطيني ناجي الناجي، المستشار الثقافي للسفارة الفلسطينية بالقاهرة، رسالة لاذعة للرئيس الأميركي، قال فيها «سيد ترامب، القدس لا تخضع لمعايير توازن القوى أو علوم العلاقات الدولية، لأن تاريخ طفل مقدسي أقدم من تاريخ قارتك بألف ضعف.. لن تمروا».

«ستعود يوماً»

فيما قال الكاتب السعودي صالح النعاشي: القدس الذي أعرفه من ربي ولم يخبرني عنه مدعي ثقافة أو فكر. القدس الذي أسري بنبي إليه ذلك النبي الذي يتجاوز إيماني به كل شيء. القدس الذي تكمن قيمته عندي في عقيدتي لا في موقفي السياسي. سيعود يوما بإذن، ولن تقف هذه القرارات العشوائية في وجه الحق الفلسطيني والعربي والاسلامي فيه.
__________
*الرياض