سَهْلٌ أن تَدَّعي البُطولَةَ

خاص- ثقافات

*طلال حمّاد

رجُلٌ يَجْلِسُ في المُؤخِّرة
وفي المُقَدِّمَة لا أحَدْ
فَقَطْ.. باقَةُ وَرْدٍ يانِعٍ على الخَشَبة
هلْ غادَرَ الممثلونَ الكَواليسَ
والمُمَثِّلاتُ
غُرَفَ تَبْديلِ المَلابِس؟
مَنْ يَنْتَظِرُ الرَجُلُ إذَن في ظَلامِ القاعَةِ؟
هَلْ سَيُعيدونَ تَمْثيلَ المَسْرَحِيَّةِ غَداً؟
صَوْتُ صَريرِ مُفْتاحٍ في بابِ المَسْرَحِ
ثَمَّ رانَ صَمْتٌ..
هَلْ أغْلَقوا البابَ؟
مَنْ سَيُسْعِفُ الرَجُلَ وَيُنْقِذَهُ؟
لا أحَدْ.
في الصَباحِ سَتَصْرُخُ عامِلَة التَنْظيفِ في فَزَعٍ
وَتَسْقُطُ مَغْشِيّاً عَلَيْها
قُرْبَ الجُثَّةِ التي
لمْ تُغادِرِ القاعَةَ
بَعْدَ انْتِهاءِ المَسْرَحِيَّة
في الليْلَةِ السابِقَة

الرجُلُ الذي قَطَعَ أصابِعَهُ
خشْيَةَ أن تكشِفَ سرّ سرِقَتِهِ لِقلبِ الوَرْدَةِ
نَسِيَ أنْ يُخْفي أداةَ جَريمَتِهِ!!!!
(المجرمُ أو المُجْرِمَةُ..
عادَ إلى مَكانِ جَريمَتِهِ
لا لكيْ يعتذِرَ للوردَةِ
ولكنْ ليَسْتَعيدَ أصابِعَهُ
فلمْ يَجِدْها)

ـ أين أنْتَ؟ ظلّ يسألُني وهو يبحث عن موضِعِهِ
ـ على اليسارِ. قلتُ وتابَعْتُ
من بعيدٍ رأيتُهُ يبحثُ عنْهُ
من بعيدٍ رأيْتُهُ وهو يهوي
هوى..
لمْ يرَ
أنّهُ كانَ يتأرَجَحُ
كالأرجوحَةِ المُلْقاة
على حافَّةِ هاوِيَة

سَهْلٌ أن تَدَّعي البُطولَةَ..
وأنَّكَ لا تَخافْ
سَهْلٌ
وَأنْتَ تُخَبِّئُ رأسَكَ
تَحْتَ اللِحافْ
تَحْتاجُ.. كيْ تَسْتَعيدَ بَعْضاً
ولَوْ بَعْضاً..
مِنَ الرُجولَةِ
إلى بَعْضٍ.. وَلَوْ قَليلٍ
منَ الإعتراف
بأنَّكَ قَدْ تَهْرُبُ
كَحِمارٍ وَحْشِيٍّ
مِنْ فِراشِكَ
لَوِ اٌهْتَزَّتْ.. بِقُرْبِكَ
رَعْشَةٌ..
تَتَمَنّى لَو تَكْتَمِلْ
لكنَّكَ.. لا تَحْتَمِلْ
فَتُطْلِقُ ساقَيْكَ
للريحِ..
ولا تَمْتَثِلْ
لأمْرٍ..
رُبَّما يَجْعَلُ مِنْكَ
نِعْمَ الرَجُلْ
هَلْ فَكَّرْتَ يَوْماً
كَيْفَ يَكْتَمِلُ الرَجُلْ؟
دَعْ عَنْكَ البُطولَةَ
فَهْيَ لا تَليقُ
بِمَنْ ظَنَّ نَفْسَهُ
ـ مِثْلَكَ ـ
في انْشِغالِ الرِجالِ
عَنْكَ
في أمورٍ أكْبَرَ
ـ لَوْ عَلِمْتَ ـ مِنْكَ
رَجُلْ!!!!

في مَكانٍ ما مِنَ العالمِ المُنْهارْ
سَيَقْفِزُ رَجُلٌ بِلا رأسٍ
مِنْ نافِذَةٍ مُشْرَعَةٍ في قِطارٍ
بِلا رُبّان
يَجْري بِسُرْعَة قُصْوى
إلى حَتْفِهِ
كلذَّةِ عابِرَةٍ
في وَضَحِ النَهارْ

في مكان ما آخَرَ من العالم
ستقرع أجراس منسية
في قلب امرأة
تقبض بيديها
قبض أعمى على طريقِهِ
على رأسِ رَجُلٍ
فرّ من رأسِهِ الثرثار
في نفس القِطار
هُوَ أنْتَ..
أيُّها المُسْتَثْوِرُ الذي
يَعْتَليهُ الغُبارْ

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *