خاص- ثقافات
صدرت عن منشورات المتوسط – إيطاليا، مجموعة قصصية جديدة للقاص والروائي الكويتي ناصر الظفيري بعنوان “أبيض يتوحش“. ومنذ القصة الأولى يرسم الظفيري لوحته التي لا تخلو من التفاصيل، تفاصيل تجعل الأبيض يتوحش وهو يعكس ملامح شخصيات تعبر الأمكنة بألم مقيم، وحقائب لا تقل ثقلاً عن هموم وهواجس أصحابها. أبيضٌ يعود كخلفيةٍ لذاكرةٍ لا تسعف الغرباء في محاولاتهم المتكرِّرة للنّسيان، نسيان ماضيهم، وما تركوا وراءهم من أحلامٍ صغيرة تعود بطرقٍ أكثر وحشيةٍ، معلنةً تمرُّدها على أمكنةٍ مهشَّمة كما يصفها الظفيري وأزمنة متوقفة تماماً، ولا تهمُّ بعد ذلك لا الأسماء ولا منطق الأشياء وهي تتدحرج بين مدن بعيدة وعواصم باردة، ومطارات أشدّ قسوة.
الحرب التي اشتعلت بداية تسعينيات القرن الماضي، لا تعود كذكرى مؤلمة فحسب، إنما يمكن ملامسة ما خلَّفته من خراب، بشكلٍ حيٍّ ومرعب من خلال القصص التي كتبها ناصر الظفيري آنذاك وتمتد مع قصصٍ أخرى حديثة على مدار 112 صفحة. ليصبح البعد الزمني “ما قبل وما بعد” تعبيراً عن حياة تتشظَّى، في لعبة الموت والدّم، والذاكرة والنسيان، وفي كلِّ ما يحيل هذا الأبيض إلى التوحش.
من الكتاب:
“حين غادرنا الوطنَ كنّا خمسة أفراد وعشر حقائب. أعرف ما في الحقائب جيّداً، كما أعرف ألم الأفراد الخمسة ونزيفهم وهم يرحلون إلى المجهول. كان في الحقائب ملابس الأفراد الخمسة، أوانٍ منزلية، وبهارات هندية، وما يظنّ الأفراد أنهم لن يعثروا عليه في غربتهم. ما سُمح لي بأن أصطحبه معي من مكتبتي الضخمة. أربعة مجلّدات لا غير: المتنبّي في جزءين، ومحمود درويش في مجلّد، ومجلّد من مجلّدات العقد الفريد. تلك هي المكتبة كلّها التي سأعيش عليها سنوات الغربة التي قد تمتدّ لزمن لا أعرفه. حين استقرّ بي المقام في بيت صغير على جادة “نوريس” في مدينة أوتاوا، وضعت المجلّدات على أرضية الخشب المصقول، فلم يكن البيت مفروشاً، وجلستُ أتأمّلها دون ردّة فعل واضحة”.
“أبيض يتوحش” لـ ناصر الظفيري مجموعة قصصية صدرت في 112 صفحة من القطع الوسط، ضمن مجموعة براءات التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر والقصة القصيرة.
المؤلف ناصر الظفيري:
كاتب كويتي، مقيم بكندا منذ 2001. صدر له في القصة المجموعات التالية: وليمة القمر، أول الدم. أما في الرواية: عاشقة الثلج، سماء مقلوبة، أغرار، وضمن ثلاثية روائية سماها “ثلاثية الجهراء” صدرت له روايتان هما: الصهد وكاليسكا.