بين صخور الغياب

خاص- ثقافات

*عمر ح الدريسي

التِّجْوالُ ليلًا بين صخور الغياب،

يأخذك من بين جدران بيتك

وأنت على مكتبك

أو فوق أريكتك،

تقرأ..

أو تتصفح كتابا

أو تستدرك فكرة، تُدونها..

يمشي بك من لا يمنعه شيئا

ولا يُوقفه شيء..

نحو الرُّسو على مرافئ الذكريات،

تجلس مُتَّكِئًا على شجرة، لتستنشق نفسًا

وتُواصل المسير..

بينما هي تستلطفك عفوًا،

طول النّهار،

اختنقت أنفاسها بدخان المركبات،

فتتمايل، لتجد عمودًا كهربائياً صدئ

وتحت ضوء خافت، كخُفوت رُؤيا الجمال بين أمواج السّواد

تستجمع قِوَاك، وتلتفت يمينا وشمالا، لتستوضح الرؤية

وتهيم بالمسير، سير الخُطى المُثقل بصخرة سيزيف

خطوٌ إلى الأمام، أم مسيرٌ إلى الخلف؟

هو، دهشةُ الحنين حين يغلب الأنين

هو، فُجائية القيظ على ضفاف الغدير

هو، جفاف العين في عز الإجهاش،

وحين الحاجة إلى البكاء،

ماذا يعني لك النّور في السديم؟

وما معنى ظُهور قوس قُزح، وأنت مطمور تحت جبال الندف؟

ما معنى سقوط المطر، وأنت فوق النّصب، كطريدة صيد في عز المصيف؟

هو، أنت العاشق بالقلب، وأنت المهجور بين صخور الغياب

هو، أنت عين غدير الشوق..

وأنت، عقيق العُنق المُهمل، لا اللؤلؤ في عُمق المحيط..!!

هو، أن تسير أو تتوقف، إنها حيرة  – مريم- العذراء الحامل

لا أنت تستظل بالقمر، ولا أنت تنشرح بالشّمس

فالزهرة مهما تطاولت، لا تتفتّح إلا تحت رحمة النّدى

والوردة، مهما كابرت، وتعدد مديحها، تسقط

لكن عبق طيبها، لا يقيم إلا أنفاس من سقاها

والقلوب في الأجساد ليست كالحجر في الجدران

فهي هدير طوفاني، روح صاخب بين أضلع الأبدان

لا يفتر ولا يهدأ، لا في النوم ولا في الاستيقاظ

همسهُ صُراخ كصراخ عشتار في حقول بابل

حين انقهرت بالصّد وبهجاء انخيدو،

ووخزه لاسع أليم…

حين يُغرقه طوفان نوح، بالوجع والأنين

ولا تسعه السفينة بأي حضن

ولا يعصمه الجبل بأي حنين…!!!

_____________

drissi-omar1@live.fr

 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *