مفهوم الرواية وواقعها في العصر الحديث

خاص- ثقافات

*أمجد ناصر الدين

هو فن حديث من فنون الأدب ارتبط بمفهوم القصة وهي احد ألوان الأدب العالمي بدا في أمريكا والغرب في منتصف القرن التاسع عشر ، والذي يقوم على نسج أحداث متسلسلة في فصول عديدة وتتنوع أشكالها ما بين الرومانسية والوطنية والسياسية والتاريخية وغيرها ، لكن الثابت أن لها أهداف متمثلة في إيصال أفكار هامة من خلال استعارات بلاغية ولفظية .
فالأديب يعبر عن ذاته فيها باستعارته بعض الأحداث من مجريات الحياة و واقعها ، والرواية  فن أدبي له أسلوبه والمعايير الخاصة به من خلال ما يصدره الروائيون عربا وغربيين ، وهو  حديث النشأة  بالمقارنة مع فنون أدبية أخرى كالشعر والمقامات والموشحات .
وتختلف طريقة المعالجة بين حضارة وأخرى لاختلاف القيم والمثل العليا ، فلكل مجتمع ثوابته والأسس التي يقوم عليها بسرد حكايات وقصص تتلاءم مع تركيبته وثقافته وهي كذلك شكل من أشكال التعبير عن الذات فالروائيون يبدعون في نسج القصص وتختلف طريقة التناول في الأدب العربي عنه في الأدب الغربي ، لكنها تتفق في عنصر التشويق ووجود الحس الجمالي بشكل متسلسل وسلس ليبقي  المتلقي متشوقا لمعرفة أحداث القصة في فصولها المتعددة .
وتكون القصة من خيال الكاتب بقدرته على نسج الأحداث وربطها بشكل متقن فالرواية فن قائم بذاته وقد تمتد لتصبح مسلسلا تلفزيونيا أو فلما سينمائيا ، حسب قدرة الكاتب على تطويع أدواته وابتكار شخصيات تقوم عليها القصة  .
وهناك المسرحيات الشعرية العربية والغربية كمسرحيات (احمد شوقي )القريبة إلى الرواية لوجود قصة بها ولكنها تكون على شكل تمثيلية مسرحية بشعره الذي يمجد للعروبة والإسلام و ألوان شعرية مختلفة ، ومسرحيات (وليم شكسبير) التي لا يستطيع الجميع قراءتها لوجود صعوبة في ألفاظه وعباراته ، ولا ينكر انه أدب رفيع وفيه بلاغة لفظية لكنه مخصص فقط للنخبة المثقفة .
فأدب شكسبير يميل للاستعراض المسرحي القريب إلى الطبقة البرجوازية الارستقراطية والتي ترى نفسها أعلى طبقات المجتمع ، بينما روايات (تشارلز ديكنز) فهي تعبر عن الهم الإنساني العام ومعالجة مشاكل الطبقات البسيطة والفقيرة حيث تجد سلاسة عباراته ، واقترابه من واقع المجتمع .

وهناك روايات عديدة منها (الحرافيش ) لنجيب محفوظ و ( لن عيش في جلباب أبي ) لاحسان عبد القدوس ) جسدت في أعمال سينمائية وتلفزيونية ، وكذلك أجاثا كريستي ورواياتها البوليسية بأسلوبها الشيق التي أنتجت كذلك أعمال تلفزيونية تجعلك تتفاعل مع الأحداث بكل جوارحك .
فالرواية في عصرنا الحالي عليها إقبال كبير بالمقارنة مع الفنون الأدبية الأخرى الشعر بنوعيه العمودي والحر والقصة القصيرة والمقال والتمثيلية المسرحية ، حيث أن لها متابعيها بكتابها المعروفين كإحسان عبد القدوس ويوسف إدريس والطيب صالح ونجيب محفوظ ويوسف السباعي وغيرهم ، والجدد كأحلام مستغانمي وأيمن العتوم ودان براون .
فهي أكثر الفنون الأدبية رواجا لسهولتها وقدرة الكثيرين على استيعاب ما فيها من أفكار ومعان ، ونتمنى من أبنائنا أن يهتموا بالأدب بمختلف أشكاله  لأنه يقوي معرفتهم باللغة العربية كل على قدر استطاعته .

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *