استيقاظ غاف

خاص- ثقافات

*سيومي خليل

رجل يستيقظ داخل غفوته
يربي النحل كي يعرف كيف يتعايش
مع وخز اللغة
في البدء كان كومة عظام ولحم
شكل يمتد مع ظلال المغيب
يرتدي أي شيء
وكل شيء
ليكون له حيزا في الفضاء
لكنه حين قابل ذات الوردتين على خد
فهم أن العظام زيف
واللحم زائدة شكلية
والشكل ترسيم سريع على فراغ يتبدد
قال:
كنت ساقطا لا غير
أشبه تجويفا يكرر صداه
لا بد من صباغة الروح
وشيء من حس دفين
لأملأ هذي التجاويف التي أحدثها
في القلب
زلزال ذات الوردتين.
رجل كلما غفا انتبه أكثر
إلى التفاصيل
يمكن لعينيه بعد أن ملأهما الحب
بماء من ورد ورد
أن يفهما الآن ما كان يستعصي عليهما
سابقا ؛
زرقة السماء
انطفاء الشمس وراء سفينة في الأفق
شيخ عكازه رفيقة عمر مديد
قبلة لا ترى
يسمع صوتها كآذان صلاة الفجر
متسول ينحني كي يحمل قصيدة متربة
يقرؤها ويضحك
ويمد يده طالبا بحرا من شعر
خيال لفتاة تبكي حبا
يأتي ويذهب كأنه نواس
وسبحة في يد الله …
هذا الرجل بعد أن كان يربي
اليمام البري داخله
كي يظل حرا مثله
من أجل ذات الوردتين قام بمجزرة
اغتال في اجتماع ودي كل اليمام
وعلقها تمائما على جيد السماء
ومن أجل ذات الوردتين أيضا
بات مربيا للنحل
يلسعه كل مساء حين تشتغل الذاكرة
يقول بعد معركة واستراحة :
الزبان مفردة مؤلمة
ينغرس هو في اللحم
وتعلق هي بمشجب الذاكرة …
يوم بعد يوم
تتحول حركات الرجل
إلى لغة بحرفين
ورسمين
وما لا نهاية من المعنى
مربي النحل هذا
المستيقظ في غفوته
النائم في استيقاظه
اكتفى من الطحين بمدين
ومن حبوب الأرض بنقلتين
وجمع من كل الأشياء زوجين
كأنه لوح نوح
أو نوح لقلب عليل
ذا الرجل لم يعد في حاجة
للكلام
قال حرفين واكتفى
وصار مشغولا بعلاج
وخز النحل .

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *