التماثيل لا تشرب القهوة

خاص-ثقافات

* منذر أبو حلتم

وحدها الجدران تختصر الحكاية

تفرض صمتها الحجري على همس الظلال

تتقافز الريح كطفلة شقية

فتداعب أغصان الصنوبر

زجاج النافذة العتيقة ..

هو الخريف

حين تسكب أوائل الغيم على المساءات

أكواب النعاس

وحين تضيف العصافير إلى اعشاشها

ما تيسر من قش جديد

كي تصد الريح .. !

** ** **

محزن أن التماثيل لا تشرب القهوة

يقول ذاك العجوز ..

وببطء يشعل التبغ في رأس غليونه الخشبي

متأملا تمثالين باردين

 يحدقان بصمت في الفراع

هو الخريف ..

حين تصبح الكتب العتيقة اكثر اصفرارا

والصور الباهتة في الالبوم

أكثر وحشة ..

كأنما للحزن رائحة يقول ..!

.. والمساء يفتح بكل قسوته

نوافذ الذكريات ..

** ** **

كان يضحك في الصورة

وهو يزيل من كوب الشاي

باصبعه جمرة مطفأة ..

وجوه الرفاق في الصورة ضاحكة

وحتى ( دايان ) .. الكلب ذو الرأس الأسود

كان يهز ذيله  فرحا .. في طرف الصورة

قرب البنادق المستندة

على الجدار  ..

** ** **

يمسح نظارته .. يبتسم بصمت

ويفتح صورة أخرى ..

.. باردة كانت بسمتها

والشال الأبيض يغطي دونما اهتمام

نصف شعرها الأسود

باردة صالة المطار في طرف الصورة

ويدها الملوحة صغيرة .. صغيرة كيد طفلة

كم كانت ترتعش يدها .. يهمس

وكم كان قلبي يرتجف .. !

** ** **

يزداد عبث الريح

بأغصان الصنوبر

يتدحرج الرعد فجأة فوق القرميد العتيق

يرسم المطر على زجاج النوافذ خطوطه المتقاطعة ..

هو الخريف  .. يقول لنفسه ..

ثم يسير على مهل ..  نحو النافذة

متمتما :

محزن أن التماثيل لا تشرب القهوة معي

في مساءات الخريف .. !

 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *