دَاعِش .. قِرَاءَةٌ تَأوِيليَّةٌ فِي فِقْهِ الغُلُوِ

خاص- ثقافات

*الدُّكْتُورُ بَلِيْغ حَمْدِي إسْمَاعِيل

هل كان من الممكن أن يظهر تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) في دول مثل الأرجنتين أو البرازيل أو كوبا التي تحترف تجارة الكوكايين وهي أحرى بوجود جماعات وتنظيمات دينية تواجه التحلل الأخلاقي ؟ وهل كان من الطبيعي أن تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) تؤدي أدوارها الجهادية في إسبانيا التي ظلت طيلة ثمانية قرون إسلامية تدين بها وتخضع للحكم الإسلامي ؟ والأهم من أسئلة أخرى لا تبدو مغايرة ، كل يوم وليلة أفتش بجدية عن تنظيم إسلامي في السويد أو النمسا أو النرويج وكافة الدول الإسكندافية يسعى إلى التصدي لحالات الانتحار الجماعي وانهيار القيم في هذه المجتمعات لاسيما المتعلقة بالدين ، أو نشر ثقافة تدويل السلطة وبناء مرجعية دينية واحدة ، لكنني لم أجد مقصدي ومبتغاي سوى في شرق يبدو مضطربا .
و شتان ما بين الشرق الفنان للمفكر الفيلسوف المصري زكي نجيب محمود وهذا الشرق الآني الذي يبدو مستعرًا وأكثر اضطرابا مع إيجاز توصيفه بأنه شرق تتسارع أحداثه بنفس قدر تصارع إحداثياته وتفاصيله المتناثرة والتي لا تعرف لليقين سبيلا . وشرق المفكر زكي نجيب محمود انفرد بتقنيات ثقافية وتشكيلية بدت دافعا قويا لحضارات أخرى في النهوض والتقدم والارتقاء ، وهو شرق اتسم بملامح رائدة ومبدعة في التأليف والتصنيف والترجمة وقطاعات الفنون بمختلف صنوفها ، حتى الصناعات استطاع هذا الشرق الفنان أن يقدم للإنسانية أعمالا ومنتجات صناعية سجلت باسمه ، ووسط هذه الانفرادات لايمكن إغفال ثمة حقائق فكرية امتاز بها هذا الشرق الفنان مثل إعمال العقل بوصفة فريضة إسلامية ، وإطلال العنان لحرية التفكير وتقليص مساحات التكفير ، وأخيرا حركة الاجتهاد الفقهي الذي اجتاحت هذا الشرق بحضاراته المتعاقبة .
أما شرق اليوم فهو بمنأى عن طروحات المفكر والفيلسوف العربي زكي نجيب محمود ، فلقد عاد إلى طبائعه القديمة في عدائه المستدام مع حركة التفكير ، ورجع القهقرى إلى سنوات من غلق الاجتهاد والاكتفاء بالنقل من مصادر إما غير موثوق بها أو مشبوهة الانتساب لشبهات تتصل بأصحابها متناسين دور القرآن الكريم في الحض على العقل وأهمية التفكير والتدبر وتأويل الأسباب والأحداث .
وهذا الشرق الذي كان يوما ما يتباهى بالعلم والمدنية وإعمال قوى العقل المختلفة في الإعمال والتشييد وبناء الأمم أصابه عطب مفاجئ يمكن إرجاعه في المقام الأول غلى النظم التعليمية العربية السائدة التي تهتم وتكترث بالشكل دونما أدنى مراعاة لطبيعة الظروف الآنية أو احتياجات المتعلمين الفعلية ، نلمح هذا بوضوح في سياقات الأنظمة التعليمية ذات الصبغة الدينية في معاهدنا العربية ، حيث إن الطرح المعرفي وإن كان وجوبيا وضروريا للباحث المتخصص إلا أنه لا يعد وظيفيا ولا يتعلق بالحراك المجتمعي الذي يتطلب جهدا وقدرا بعيدا من الاجتهاد . وغياب التنوير لا يمكن فصله عن حالة الشرق المضطرب والذي تجتاحه جماعات دينية متطرفة لا يمكن ربطها وإسلامنا الحنيف ، هذا الغياب جاء بالضرورة وفقا لنظرية المؤامرة القديمة المتربصة بالشرق منذ مطلع القرن التاسع عشر والذي دعمته كافة المؤسسات والمنظمات الماسونية مع دعم جلي من الهيئات الصهيونية التي تؤرقها تطور الشرق ونماؤه .
ومما دعم هذا الجمود في تطوير الاجتهاد الفقهي ونماء التفكير الديني تغلغل التيارات الإسلامية السياسية التي سعت نيل محوري الدين والسياسة في وقت واحد ، فكانت النتائج توظيف الدين لتحقيق مطامح سياسية ومطامع سلطوية ، وإقصاء سياسيا لكافة الأطراف السياسية المغايرة في الأيديولوجيات التابعة لتلك التيارات ، ويكاد يتفق الجميع على أن الشعوب العربية جميعها في حالة ولع بالدين عموما وهي فطرة محمودة لكن تلك التيارات التي وجدت الفرصة سانحة على أرض الشعوب العربية نتيجة التفكك الذي أحدثته الأفكار والمنظمات والهيئات الأجنبية لتقويض الوطن العربي الكبير ـ فلعبت على هذا الولع وهذا التعطش المعرفي صوب الدين وتعاليمه .
وحالة التعطش تلك أوجدتها النظم التعليمية العربية البائدة والباهتة التي أشرت إليها في السطور السابقة ، فبدلا من تدعيم الاحتياجات المعرفية لدى الطلاب وجدنا أنظمة تعليمية عربية لمدة سنوات طويلة تغاير هذه المطالب وتتجه منحى بعيدا عن حراك معرفي ووعي معلوماتي لدى الأبناء هو أحق بالاهتمام ، فكأن المواطن العربي بصفة عامة والطالب العربي على وجه الاختصاص وقع فريسة بين مطرقة الهيئات والحركات الأجنبية الهادفة لتقويض العقل العربي وحراكه ، وسندان تيارات وجماعات تسترت خلف راء الدين وسماحته والدين غريب عنها تماما .
وبدلا من أن تهتم تلك الجماعات في التصدي إلى المؤسسات الماسونية والهيئات الصهيونية وبعض حركات التبشير المعاصرة عن طريق وضع خطط ناجحة وناجعة أيضا لمواجهة هذه التحديات غير المنتهية ، لهجت بشراسة في تقديم أيديولوجيات استثنائية خاصة ترتبط بأشخاص دون النبي ( صلى الله عليه وسلم ) واعتبرت هذه الجماعات أن ثمة أشخاص تمثل المرجعيات الدينية الحصرية للإسلام ، والكارثة أن المواطن العربي ربط إسلامه بأشخاص رغم كون الدين لا يعترف بمنطق الكهنوت ولا يفطن للواسطة البشرية طريقا وسبيلا . واستقرت التيارات الدينية على استخدام شعارات مراوغة تستهدف تقويض الوطن من الداخل عن طريق التشكيك في الحكومات والأنظمة السياسية ، وتنصيب أنفسهم وكلاء لله في الأرض مستغلين في ذلك أمرين ؛ الأول حالة العطش المعرفي الديني لدى الكثير من البسطاء ، والثاني غياب المؤسسات الدينية الرسمية في أداء وظائفها الوجوبية التي تعد فرض عين عليها . وسرعان ما طفقت التيارات الدينية إلى تكوين جمعيات وأحزاب سياسية تحت دعاوى الوازع الديني وضرورة مواجهة مظاهر التحلل الأخلاقي والديني في المجتمعات العربية ، والمدهش حقا وربما يحتاج إلى تفسير هو لماذا سقطت جميعا هذه الحركات بل وواجهت حملات ضارية من الغضب الشعبي ؟ .
الإجابة تبدو بسيطة وسهلة أيضا يمكن تحديدها في عبارة ( احتكار الدين ) ، إن تلك الجماعات والحركات والتي يمكن تحديدها وفقا لخريطة الانتشار الجغرافي التي رصدها الدكتور جمال سند السويدي في كتابه الصادر حديثا 2015 بعنوان “السراب “، في جماعة الإخوان المسلمين ، والتيار السلفي ، والتيار السروري ، والتنظيمات الجهادية بمصر وباكستان وأفغانستان والعراق وأندونيسيا ، فجميع تلك الحركات حاولت وحدها بغير شراكة احتكار واقتناص الحق في توضيح معالم الإسلام وبالقطع من زاوية واحدة ، رغم أن الإسلام نفسه يشير إلى التعددية الدينية التي هي من أبرز ملامحها ، والإسلام وحده الدين الذي أباح التنوع الثقافي وتعدد الروافد الصحيحة والصالحة لكل زمان ومكان دون ربطها بأشخاص أو بعصر أو بطائفة دون غيرها .
لكن الإشكالية التي طرحتها هذه الجماعات هي الطبيعة الاحتكارية للصوت الديني الواحد ،مما يتيح لها حق التصرف في المسلمين ومصائرهم لاسيما المتعلقة بالشأن السياسي مثل الدساتير والرئاسة والملك والانتخابات البرلمانية مرورا بحياة المجتمع . وهذه التيارات وصولا إلى تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) ارتأت عدم الاكتراث بأولوية العقل ومكانته في الاستنباط والاستقراء لمقاصد الشريعة ما دامت تلك الجماعات قادرة على تقديم وجبة يسيرة من المبادئ والتعليمات الدينية يمكن الاكتفاء بها .
ولكي تكتمل صورة الشرق المضطرب بوجود داعش وحالات الشره السياسي لدى التنظيمات الدينية نحو اعتلاء السلطة كما حدث في مصر وتونس وبعض الأوقات بالعراق الذي تبدد ، وجنوح مؤقت في الجمهورية السورية ، نجد تخاذلا شديدا من قبل تلك الفصائل والتيارات صوب العدو الحقيقي وهو إسرائيل والأفكار الصهيونية التي ترابط لنا في السر والعلانية ، ورغم توافر كم كبير من المعلومات والمعارف حو حقيقة العدو المرابط للشرق العربي والإسلامي إلا أن الصورة دوما تبدو معكوسة ومغايرة لدى هذه التيارات ، فخطابها السياسي ليس بنفس القوة والضراوة أمام عدو يحيط ويحيك لنا المفاتن والمثالب والمخاطر إذا ما قيس خطابها بشأن الأوضاع السياسية الخارجية ، فعلى سبيل المثال نجد أصواتا كثيرة متشابهة تطل علينا في الصحف والمجلات والفضائيات الفارغة من المضمون والهدف تهاجم أوضاعا عربية وتكيل الاتهامات للأنظمة السياسية بها وهي غافلة تمام الغفلة والنسيان عن كيفية مواجهة الخطر الصهيوني الوشيك .
وتكفي نظرة سريعة إلى أحداث المنطقة العربية لإدراك حالة التشظي السياسي والديني بها وموقف المثقف صوبها وماذا أفاد من إحداثياتها المضطربة وماذا أفاض من حلول لفك شفراتها ، تحديداً مجازر الكيان الصهيوني في غزة و الخلافة المزعومة المنسوبة لتنظيم داعش والموسومة بتنظيم الدولة الإسلامية ، وبعيداً عن ما يحدث في غزة لأن الإنسانية تنهار لحظة بلحظة أمام المشاهد اليومية التي تبث عبر الفضائيات والتي تحتاج إلى عناصر ثلاثة كي تنفك عقدة فلسطين عموما وليست غزة وهدها وهي الإرادة والإخلاص والتعاون الصادق ، وهي كلمات ثلاث تبدو بسيطة نسبياً إلا أن تحقيقها ومثولها على أرض الفعل لا يبدو سهلاً أو ممكناً لكنه لا يعد أيضاً مستحيلاً. ومن الصعب تناول الطرح السياسي للمثقفين العرب إزاء مذابح غزة لاسيما وأن الصمت العربي الرسمي كفيل بمذابح جديدة ، وأن تناول الملف الفلسطيني على موائد الاجتماعات العربية صار طبقاً شهياً لأن الطعام فيه لا ينفد .
أما بالنسبة لتنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) والذي يسعى لإقامة خلافة إسلامية ممتدة حتى مشارف القارة الأوروبية والتي قدمت أوراق اعتمادها بالعنف وسفك الدماء ونبش قبور الأنبياء والأولياء فإن المثقف العربي لا يمتلك قدرة على استشراف الخطر بصفة عامة ، وعادة ما أتعجب من أمر الذين يصرون على إلصاق أسمائهم بلقب المفكر لاسيما وأنهم تنتابهم فجأة ظهور مثل هذه الحركات والتنظيمات في الوقت الذي كان أمامهم متسع من الزمن يسمح لهم بتجديد خطابهم الثقافي وتهيئة العقل العربي لاستقبال التنوير ، وظل المثقف العربي ينتظر أية إحداثيات جديدة في المشهد السياسي والديني دون أن يبدأ في حركة التثوير المرتقبة والمنتظرة منهم فكانت النتيجة ظهور تيارات مناوئة تستهدف تقويض المنطقة كلها تحت رعاية أمريكية بعدما اقتنعت الإدارة الأمريكية بعدم جدوى التدخل المباشر وخصوصاً المكابدات التي لحقت بالقوات الأمريكية في العراق وكذلك ما تكبدته من خسائر اقتصادية أرهقت ميزانيتها عقب نجاح الثورات العربية تحديداً في مصر وتونس فكان من الأفضل لديهم الالتجاء إلى تدعيم فصائل قصيرة العمر تاريخياً من أجل زعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي وتفتيت القوى التي يمكن أن تناهض الكيان الصهيوني ومصالح الإدارة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
إن فكرة الرهان على داعش هي الفرصة الأخيرة للمثقفين والمفكرين العرب الذين أرهقوا أقلامهم وأرهقوا أذهان القارئ معهم بتفاصيل ودقائق أحداث وتشتيت للانتباه والوعي العربي الجمعي بعيداً عن مشكلاتهم المزمنة تاريخياً والتي يفرزها واقع مأزوم يتشظى بالانقسامات والتحزبات ، فالخصومات الثقافية والسياسية للمفكرين العرب هي التي أفرزت تنظيم داعش ، وفقر معالجة قصور الخطاب الديني وابتعاده الطوعي عن تجديده أسهم في الترويج الإعلامي لتنظيم الدولة الإسلامية وكأن الإسلام قد انمحى نهائياً من الدول التي شهدت بالإسلام فور ولادته . وشارك المثقف دون وعي في ترويج هذا الكذب الذي استخدم الدين ستاراً لتحقيق مطامح سياسية ، ولعل صمت المثقف العربي عموما عن الاستلاب الفكري للشباب من قبل بعض الفصائل الدينية السياسية غير الرسمية أي التي لا تعمل تحت سياج شرعي أشعل فتنة الفتاوى التي تلقفتها عقول أولئك الشباب فصاروا أكثر حماسة لتلك الفصائل دون معرفة كاملة لكنهها وفلسفتها ومزاعمها غير الواضحة ، هذا بالإضافة إلى فقدان تواصل المفكرين العرب إليكترونياً عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي التي استحالت عالماً حقيقياً وليس افتراضياً لشباب هذه الحقبة المعاصرة واكتفائهم بدور الأخ الكبير الناصح سمح لتنظيم الدولة الإسلامية وغيره من التنظيمات التي تعمل تحت الأرض بالظهور الدموي والإفراط في استخدام العنف تحت ستار الإسلام الحنيف البعيد عن أي مظاهر وممارسات تدعو إلى التناحر والتنابذ والتفرقة وشيوع الفتن .
ولطالما اكترث المثقفون المصريون بالحداثة منذ تسعينات القرن الماضي ، إلا أن اكتراثهم هذا وقف عند تخوم المصطلح دون الاهتمام بإجراءات تطبيقها ، وهم في هجرتهم نحو الحداثة الفكرية والاجتماعية افتقروا إلى فهم واستيعاب التراث وتحليل مكوناته لاسيما التي ارتبطت سياسياً بالسلطات والأنظمة الحاكمة ، واعتبروا أن نصوص التراث جزءاً أصيلاً من الدين فتركوا الشباب ينهلون من منابع ومصادر لم تقنن بعد ، الأمر الذي اعتبره كثير من المنتمين إلى تيارات الإسلام السياسي هو المنهج المستقيم الذي ينبغي أن يتبع ، وبدلاً من أن يقوم مثقفو الوطن في معالجة كتابات التاريخ المتعلقة بالفكر السياسي والديني لجأوا إلى طريق أيسر نسبياً وهو النمذجة ، أي الأخذ بفلسفات وتيارات فلسفية واجتماعية جديدة لا تتفق ومعطيات المشهد الحالي ، وبذلك أصبح فكر الوطن معقداً نفسياً ومشدوهاً إلى أيديولوجيات متباينة يسارية وإسلامية وليبرالية ، ووفقاً لذلك يغدو سؤال آخر وهو كيف يمكن فهم طبيعة وطن ومثقفوه ينصهرون بالاشتراكية والليبرالية والفكر الديني السياسي والحرية الاقتصادية دون أدنى اهتمام بحدث مشهود قد لا يقبل أي تنظير اجتماعي ضيق .
وعلى المثقف الذي كان يتمتع في ستينات وسبعينات القرن الماضي بقدر رائع ومساحات واسعة من الاعتلان الفكري والحضور الفعال داخل سياق المشهد المصري أن يتوقف قليلاً عن التنقيب والتفتيش في مصادر تمويل تنظيم الدولة الإسلامية داعش الذي أصبح معروفاً للقاصي والداني عن أسباب تواجده داخل الجسد العربي ، أو اقتفاء التوجيه الذي يقف وراءه لاسيما وأن فكر داعش على وشك الاشتعال في منطقة الشرق الأوسط كلها ، وكما يشير جاستون باشلار في كتابه فلسفة الرفض مبحث فلسفي في العقل العلمي الجديد إلى أن استخدام المنظومات الفلسفية في المجالات البعيدة عن أصلها الروحي يكون على الدوام عملية غير دقيقة ، ويكون في الغالب عملية مخيبة للآمال ، فالنظريات الفلسفية تغدو عقيمة وخادعة ما لم تتوافق مع حدث الواقع .

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *