خاص- ثقافات
صدر عن دار نور للنشر (ألمانيا) كتاب للباحث المغربي العلوي رشيد تحت عنوان: “الدين، وخطاب الحداثة”، قدمه الأستاذ سعيد ناشيد، في غشت 2017. ويحاول أن يقارب سؤال الأخلاق والدين في خطاب الحداثة من خلال عينة منتقاة من أسماء الفلسفة السياسية المعاصرة: أرندت، هابرماس، نانسي فريزر، سيلا بنحبيب وآخرون. محاولا الإجابة عن سؤال: هل هناك من خطاب أخلاقي للحداثة؟
قليلاً ما نفكر في سؤال كهذا، قليلاً ما نفكر في أنّ لهذا السّؤال إجابة، وأنّ الإجابة هي بالإيجاب. أي نعم، للحداثة خطاب أخلاقيّ أيضاً، بل بالأولى، بل لا حداثة ممكنة بدون تأسيس أخلاقي للحداثة. هذا ما ننساه. هذا هو المنسيّ الأكبر في سؤال الحداثة المعطوبة عندنا. نخال أن لدينا اكتفاءً ذاتياً أخلاقياً يكفينا عن انشغالات روسو وكانط وهابرماس وحنة أرندت وسبونفيل وغيرهم. نظن أن لدينا – جرّاء هيمنة الخطاب الديني – تضخماً أخلاقياً يعفينا عن أي تفكير في المسألة الأخلاقية. بل قد يذهب بنا الظنّ إلى أن الحداثة في جوهرها فعل لا أخلاقي، وأنّ الأخلاق -كل الأخلاق – مجرّد أداة لقمع إرادة الإنسان وتكبيل حريته. وهذه خلفيتنا نحن بالذات، لكنها خلفيتنا الضيقة والخاطئة بكل تأكيد.
هذا الكتاب تفكير.. وتحذير.. وتذكير :
أولاً، تفكير متأن في الخطاب الأخلاقي للحداثة عبْر تحليل تركيبي ممتع لأهم نظريات الفلسفة السياسية المعاصرة ومن خلال لائحة منتقاة بعناية فائقة، بحيث جاءت متحررة من كلا المركزيتين، المركزية الذكورية والمركزية الغربية، كما تدل على ذلك أسماء كانط، وهابرماس، وحنة آرند، وسيلا بنحبيب، ونانسي فريزر.
ثانياً، تحذير من كافة الخطابات الأصولية المناهضة للحداثة السياسية، سواء داخل المجتمعات الإسلامية، أو المجتمعات المسيحية، أو المجتمعات اليهودية.
ثالثاً، تذكير بأنّ الحداثة السياسية معركة مفتوحة ضدّ غرائز العنف والانتقام والبداوة والتوحش، إنها معركة من أجل بناء السلوك المدني، وقيم التمدّن والتحضر. الحداثة السياسية مشروع للعيش المشترك داخل الفضاء العمومي في أبعاده المحلية والكونية. أو لنقل، إن الحداثة السياسية هي معركة دائمة ومفتوحة ضد “الشر” ( الجريمة، القتل، الإبادة، الذبح، الحرق، الخطف، التفجير، إلخ )؛ لأن الشر إمّا أن نواجهه أو نتعود عليه.