أحلام في الوقت الضائع…

خاص- ثقافات

*الاطرش بن قابل

ها قد وصلت منهكة تلك الأماني، رجوتها ذات مساء، تحت سقف ذات سماء.

تترامى كأنها ممْسُوسة أو تعطرت بعفيون السنين، تراخت حتى غاصت في الزمن، راحِلة جِمال، عبر رمال، لا جَمال بها، صحراء كسنين عجاف أستغيث بها فلم أُغث، لا مطر ولا قطر، ربما دقت ساعتها بل ساعتي بعد هذا الدّهر.

اغتسلت تلك الأماني، رممت بعض ملامحها المتجعدة، على أعتاب باب الغرفة المترهل، المتّكحِل بأحزان السنين، لكن ليلي قد عسعس، رمت جثتها الرثة، اتخذت من سريري مقامها، واستكنتُ كعادتي لحديث الليل، حديث غير الذي مضى، أمازح عمرا انقضى، أدغدغ الحاضر،أتساءل هل يا ترى، عسا يهبني بعض النظارة، بعضا مما فات واختفى، هل سيمحو أخاديد رسمها ذات أيام وشهور، بعض أعوام بل عقود، ينخر مخي ألف سؤال دون مجيب، لم تحدثني حتى عن سبب إبطائها، وأنا الذي انتظرت من سنين مضت مجيئها.

أنا الذي رجوتها أن تأخذني إلى ما بعد تلك البحار السوداء التي انغمس ماؤها بطينها فكدر صفوها، أنا الذي تمنيتها طفلة وليدة لا عجوز،

تمنيتها في الشّب لا في الشيب، تمنيتها في زمان غير هذا الزمان، لما كانت صبية وكنت أرى المستحيل سهل المنال.

وما إن اقترب موعد الفجرـ، ميلاد الحياة، كانت قد عزمت و اتكلت فانتدبت غيري وارتحلت، عرفت أنها بعد القطاف أتّت، أقسمت أنها ما تعطلت، ولكنها فقط في مكان غير هذا المكان ترجلت، فأعجبها فيء الشجر فارتعت، ونسيت أني رجوت وتمنيت ورجوت وتمنيت حتى مضت الحياة ومضيت.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *