لمْ يَنْتَهِ شَيْءٌ بَعْد.. لَمْ يَنْتَهِ الاحْتِلال

خاص- ثقافات

*طلال حمّاد

1
لمْ يَنْتَهِ الأمْرُ بَعْدُ
المَشْهَدُ لمْ يَكْتَمِلْ
المُخْرِجُ يَعْتَلي المِنَصَّةَ
والمُلقِّنُ لنْ يَظَلَّ في حُفْرَتِهِ
تَحْتَ الخَشَبَة
وَمِسْوَدَّةُ النَصِّ القَديمِ
سَتُكْمِلُ النَصَّ الجَديدْ
بُنْدُقِيَّةٌ سَتُكَذِّبُ النَشيدْ
مُمَثلٌ يَخْرُجُ نِهائِيّاً مِنَ القاعَة
المُتَفَرِّجونَ ليْسوا مُتَفَرِّجينْ
التَذاكِرُ بالمَجّانْ
المَسْرَحِيَّةُ في النِهايَةِ
باهِظَةُ الثَمَنِ
الأمينُ ليسَهُ
أوْ أنًّهُ..
باخْتِصارٍ لمْ يَعُدْ
مُذْ سُرِقَ السَقْفُ
والسِتارَةُ أصْبَحَتْ مِمْسَحَةً
في مَدْخَلِ مَنْزِلِ مَنْ
خان الأمانة
وأفْرَطَ في الكَذِبْ
واشْتَدَّ اللَعِبْ
لتَنْتَصِبْ
فَوْقَ الخَشَبَةِ
أوِ في الساحَةِ العامَّةِ
أرْجوحَةٌ وَمِقْصَلة
وَأنْشوطَةً تلتَفُّ حَوْلَ عُنْقِ السُنْبُلة
وَتَنْتَصِرْ
مِثلما بَدَأتْ
المَهْزَلَةُ الأُحْجِيَة
والأحْجِيَةُ المَهْزَلة.

2
لمْ يَنْتَهِ الأمْرُ بَعْدُ
عَجَلةٌ تَتَدَحْرَجُ وَفي الأفْقِ دُخانْ
على جُثَّةٍ مُلقاةٍ عَلى قارِعَةِ الطَريقِ
نَبَتَتْ شَجَرَةُ بَيْلسان
أوْراقُها تُشْبِهُ الدِفْلى
والدِفلى أقْحُوان
بَكى طِفْلٌ أمَّهُ الثكلى
دمْعُهُ
مِلحٌ أسْوَدٌ مَرَّةً
ومَرَّةً أرْجُوانْ
مَشْهَدٌ مُرْعِبٌ
والمَدى
بَدا
مَهْرَجانْ
وَمُمَثلونَ دُمى
والدُمى
تُحَرِّكُها
خيطانْ

3
لمْ يَنْتَهِ الأمْرُ بَعْدُ
سَيَقْطَعونَ رَأسَكَ
ويَقولونَ لِأمِّكَ
تَحَسَّسْنا خَدَّهُ بِرِفْقٍ
وَرَبَتْنا عَلى كَتِفِهِ بِحَنانْ
لكِنَّهُ انْقَلبْ
رَأساً عَلى عَقَبْ
فَانْقَصَفَتْ رَقْبَتُهُ
وانْفَصَلَ الرَأسُ
وَحْدَهُ
عَنِ الجَسَدْ
فَهَلْ ذي حِكايَةٌ
تُشْغِلُ كُلَّ البَلَدْ؟

لمْ يَنْتَهِ الأمْرُ بَعْدُ
سَيُنْزِعونَكَ مَلابِسَك
وَيَسيرونَ بِك
في شَوارِعِ البَلَدْ
لِتُصْبِحَ فُرْجَةً
للوالِدِ
والوَلَدْ
وَسَيَقولونَ
بِأنَّهُمْ عَرَّوْكَ
لِأنَّ الطَقْسَ حارٌّ
وَيَخْشَوْنَ عَليْكَ
مِنَ الجَفافِ
إنْ تَصَبَّبَ مِنْكَ العَرَقُ
وَلنْ يَقولوا
بِأنَّهُمْ أهانوكَ
ليُخْضِعوا بِكَ
كُلَّ البَلدْ
فَهَلْ ذي حِكايَةٌ
تُحْكى
وَتُسْرَدُ؟

لا بَأسَ عَليْكَ
لا بَأسَ عَليْهِمْ
لا بَأسَ لا بَأسَ
عَلى كُلِّ البَلَدْ
وَلا حَسَدْ

هَلِ انْتَهى كُلُّ شَيْءٍ
وَهَلْ جَدَّ ما جَدّ
لِتَكْذِبَ الإذاعَة
وَتَكْبُرَ الإشاعَة
وَلمْ يَنْتَهِ شَيْءٌ
ولمْ يَنْتَهِ الأمْرُ؟

4
لمْ يَنْتَهِ شَيْءٌ بَعْد
لا.. سيبدأ كالعادة مشهدٌ جديد
الممثلون يتوافدون صاعدين على الخشبة
المُلتَهِبَة
والمتفرّجون يختبئون في بيوتهم
تحت أجهزة التكييف المستوردة
المخرج في باب القاعة يعدّ التذاكِرَ المُباعة
ولا باعة أمام المسرح
أمام المسرَحِ رأى صُحُفِيٌّ مُبْتَدِىءٌ دَماً
وَعِنْدَما سَألَ عنْ صاحِبِهِ
تَلَقَّى لَكْمَةً عَلى فَمِهِ
لمْ يَعْرِفْ مِمَّنْ
فَتَرَكَ الكلامَ وأخَذَ يَمْسَحُ الدَمَ عَنْ فَمِهِ
لمْ يَنْتَهِ شَيْءٌ بَعْد
فَقَدِ اشْتَبَكَتْ مَجْموعَةٌ مِنَ النِساءِ الراغِباتِ في العُبورِ
إلى الباحَةِ الداخِلِيَّةِ للمَسْرَحِ
مَعَ مَجْموعَةٍ مِنَ الجُنودِ المَشْدودي العَضَلاتِ
والأعْصابِ
وَعَلا الصُراخُ
الجُنودُ يَنْتَقِمونَ لِتَوَتُّرِهِمْ مِنَ النِساءِ
بالشَتائِمِ وَالهِراواتِ وَشَدِّ الشَعْرِ
وَباللَكَماتْ
والنِساءُ يُدافِعْنَ عَنْ أنْفُسِهِنَّ
بِما يَسْتَطِعْنَ
وَكَيْفَما يَسْتَطِعْنَ
وَدَوَّتْ في الفَضاءِ رَصاصاتٌ.. تُنْ تُنْ تُنْ
وَفَجْأةً..
تَصْعَدُ مِنْ حُنْجُرَةِ المَسْرَحِ
أغْنِيَةٌ
لَمْ تُغَنِّها فَيْروزُ
عَنِ السَلامِ
تَحْتَ الاحْتِلال
لمْ يَنْتَهِ شَيْءٌ بَعْد
لَمْ يَنْتَهِ الاحْتِلالُ
والمَسْرَحِيَّةُ الحَقيقِيَةُ
هِيَ ما يَعيشُهُ الناسُ
ـ في سَلامٍ ـ
تَحْتَ الاحْتِلال
لِمَنْ هذِهِ الدِماءُ
أمامَ المَسْرَحِ
وَقَدْ تَكاثَرَتْ
وَوَراءَ المَسْرَحِ
وَقَدْ تَناثَرَتْ؟
لمْ يَنْتَهِ شَيْءٌ بَعْد
وَكُلُّ شَيْءٍ يَبْدَأُ
كَأنَّهُ مَشْهَدٌ جَديدٌ
مِنْ مَسْرَحِيَّة الإخْتِلالْ
تَحْت الإحْتِلالْ!

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *