«سيلفي» ينتصر لـ«التيار الديني» ضد «الليبيرالية» المحلية

*محمد الرويشد

لن تجافي الحلقة الثالثة من مسلسل «سيلفي»، التي حملت عنوان «زواج ليبيرالي» رضا المناهضين لهذه الحركة في المجتمع السعودي، ومنهم التيار الديني، إذ أثبتت ضمن تفاصيلها أن «الليبيرالية السعودية» ما هي إلا وجه حديث للتشدد الفكري، وأنها، بحسب سرد الكاتب خلف الحربي، ما هي إلا «محاولة فاشلة لاستيراد الصورة الغربية المنفتحة في مجتمع محافظ جداً». وجسد الفنان ناصر القصبي شخصية الليبيرالي السني، وهو صديق حميم للفنان إبراهيم الحساوي الشيعي، اللذين كانت علاقتهما من دون تمييز طائفي أو مذهبي أو عرقي، بل وكانت تفاصيل حياتهما وحتى العائلية منها منفتحة أشد الانفتاح، حتى يقرر الأخير خطبة ابنة صديقه لابنه، لتبدأ أحداث التناقضات التي أراد الكاتب لها أن تكون واضحة من غير تلميح أو تخمين. وأظهر المشهد الافتتاحي للحلقة الانفتاح الكبير للأسرتين، انفتاح صادم للمجتمع الذي لم يعتد عليه، وكأن طاقم العمل تعمدوا اختزال الانفتاح الليبيرالي في المشهد الأول، ويظهر ذلك من لباس الفتاة التي تجاور الشاب ويظهر على علاقتهما تطور كبير، وسط رضا الأهل، ليستشف المشاهد أنه أمام مشاهد أكثر انفتاحاً وهذا ما لم يكن، إذ بدأت شخصية الليبيرالي تذوب أمام الشخصية المتشددة التي تختبئ خلفه. يبقى أن نترك هامشا لتقويم الحلقة ومدى مقاربة القصبي لحقيقة الليبيرالية المحلية، التي صارعت لأكثر من أربعة عقود تياراً دينياً كان أكثر منها قوة وشعبية، واستطاعت أن تكون خصماً حاز مساحة واسعة من الساحة وأثبت مقدرة على تقديم نفسه بالطريقة التي تبرر وجوده.

ويظهر القصبي من خلال نقده إلى «الليبيرالية» المحلية والتي لم تكن الوحيدة في أعماله الدرامية أو الكوميدية، توازناً مع النقد المعروف عنه للتيار الديني الذي كانت تفاصيله خلال العقدين الماضيين المادة الدسمة في رمضان من خلال العديد من الحلقات التي بدأها بطاش ما طاش، وأخيراً سيلفي، إذ كان نقد التيار الديني حينها من المحاذير التي لا يقترب منها العمل الفني المحلي، مهما قل مقدار جرعات النقد التي تتم فيه. ولا يكف القصبي عند تناوله بالنقد للتيارات الفكرية أو الظواهر الاجتماعية من التأكيد بأن دوره كفنان يتطلب منه العمل بحيادية ولمصلحة المجتمع، بعيدا عن الترصد لتيار أو آخر، وهي الحال التي يدعمها من خلال الشخصيات التي يجسدها في أعماله والتي في العادة تخدم الهدف من موضوع الحلقة.

ستحدث هذه الحلقة رد فعل عكسي، فهي لن تنال رضا الليبيراليين المحليين، وستنتصر بطريقة غير مباشرة للتيار المناوئ لها، فهي، بحسب تفاصيل الحلقة، أظهرت أن الليبيرالية بمفهومها المحلي ما هي إلا لباس يخفي تحته شخصية متشددة بامتياز.

_______
*الحياة

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *