“العميل السرّي” لجوزيف كونراد إلى العربيَّة

خاص- ثقافات

صدر حديثاً عن منشورات المتوسط – إيطاليا، رواية “العميل السري” للروائي الإنكليزي “جوزيف كونراد“، وترجمة العراقية “ميادة خليل“. يُعدّ كونراد من أعظم الروائيين باللغة الإنكليزية، وهو أحد رواد الحداثة، رغم أن أعماله تحتوي عناصر واقعية القرن التاسع عشر. أثّر أسلوبه السردي وشخصياته غير البطولية في عديد من المؤلفين، بمن فيهم سكوت فيتزجيرالد، ووليام فولكنر، وإرنست همنغواي، وجورج أورويل، وغابرييل غارسيا ماركيز، وسلمان رشدي.

يعتبر العديد من النقاد والدارسين هذه الرواية من بين أفضل روايات كونراد. هي واحدة من الأعمال الأولى في الأدب الإنكليزي التي تستكشف بشكل جاد موضوع الإرهاب. كما أنها –أيضاً- تُعتبر من قبل العديد من المختصين العلميين واحدة من روايات التجسس الأولى من القرن العشرين.

جُسدت هذه الرواية في أعمال فنية عدة، فعرضت في المسرح عشرات المرات، واقتُبست في أفلام سينمائية، وعدة مسلسلات على قنوات تلفزيونية أخرها كانت على قناة الـ بي بي سي.

جاءت الرواية في 352 صفحة من القطع الوسط.

من الكتاب:
ضحكة قوية من الرفيق أوسيبون اختصرت الخطبة العنيفة المسهبة الميتة إلى تلعثم مفاجئ في اللسان، وتقلّب مرتبك لعينيّ المبشّر اللطيفتين المهيبتين. أغلقهما ببطء للحظة كما لو أنه يستجمع أفكاره المهزومة. ساد الصمت المكان، لكنْ مع إنارة شعلتي الغاز على المائدة ووهج الموقد أصبحت غرفة الجلوس الصغيرة خلف دكّان السيد ڨيرلوك مكاناً ساخناً بشكل مروّع. السيد ڨيرلوك ترجّل من الأريكة مع عدم رغبة وتثاقل، وفتح الباب الذي يؤدّي إلى المطبخ للحصول على المزيد من الهواء، وهكذا ظهر البريء ستيڨي، يجلس بشكل معتدل وبهدوء إلى طاولة خشبية، ويرسم دوائر، دوائر، دوائر، عدداً لا يُحصى من الدوائر متّحدة المركّز، غير متراكزة، دوّامة لامعة من الدوائر التي من خلال كثرتها المعقّدة من المنحنيات المتكرّرة وتماثلها من حيث الشكل وفوضى خطوطها المتقاطعة أوحت بتصوير لفوضى كونية، رمزية فنّ مجنون يسعى إلى المستحيل. الفنان لم يحرّك رأسه أبداً، وبكل مثابرة لأداء هذه المهمّة كان ظهره يرتعش، ورقبته النحيلة الغارقة في تجويف عميق عند قاعدة الجمجمة، كما لو أنها متهيّئة للكسر.

عن المؤلف جوزيف كونراد:
وُلد الكاتب البولندي جوزيف كونراد (Joseph Conrad)، أو جوزيف تيودور كونراد كورزينيوسكي في 3 ديسمبر/كانون الأول 1857 في بيرديتشيف في بودوليا، في جزء من أوكرانيا الحديثة التي كانت تنتمي إلى المملكة البولندية قبل التقسيم الثاني لبولندا عام 1793. بعد استقراره في إنكلترا، بدأ يكتب باللغة الإنكليزية، وحصل على الجنسية البريطانية في 1886، لكنه كان يَعُدّ نفسه – دائماً – بولندياً. مع أنه لم يتمكّن من تحدُّث الإنكليزية – بطلاقة – حتّى أصبح عمره عشرين عاماً (مع لكنة واضحة). يُعَدّ كونراد سيد النثر الذي أدخل إحساساً غير إنكليزي إلى الأدب الإنكليزي. كتب عديداً من القصص والروايات. تناولت أغلب أعماله مواضيع متعلّقة بالبَحْرِيّة. كتب أول رواية له بعنوان: Almayer’s Folly في عام 1895 بعد أن تخلّى في سنّ السادسة والثلاثين عن عمله في البَحْرِيّة، وتفرّغ – تماماً – للكتابة.
يُعَدّ كونراد من المجدّدين الأوائل، رغم أن أعماله احتوت على عناصر الواقعية في القرن التاسع عشر. أسلوبه السردي وشخصيّاته غير البطولية أثّرت في عديد من الكُتّاب، منهم: إليوت، فوكنر، غرين، وأخيراً سلمان رشدي. استوحت عديد من الأفلام أفكارها من أعمال كونراد.
كتب في أوج الإمبراطورية البريطانية، جمع تجاربه الوطنية البولندية وتجاربه الشخصية في التجارة البَحْرِيّة الفرنسية والبريطانية ليؤلّف قصصاً وروايات، عكست جوانب من عالم الهيمنة الأوروبية، بينما تستكشف العمق النفسي للإنسان. يعتمد كثيراً في سرده على ذاكرته الشخصية. نالت أعماله استحساناً من النقّاد في بداياته. يُنظَر إلى رواياته وقصصه على أنها تنبّؤية، في ضوء الكوارث الوطنية والدولية اللاحقة في القرنين العشرين والحادي والعشرين.
توفّي كونراد في 3 آب 1924، بمنزله في أوزولدز في بيشبسبورن، كينت، إنكلترا، ربّما بسبب نوبة قلبية.

عن المترجمة ميادة خليل:

مواليد مدينة البصرة في العراق 1971. حاصلة على بكلوريوس الرياضيات التطبيقية من الجامعة التكنولوجية 1993. تقيم في هولندا منذ عام 1995.
ترجمت الكثير من المقالات الأدبية، والشعر والحوارات وكتبت قراءات لكتب عديدة. ترجمت كتاب «الروائي الساذج والحساس» لـ أورهان باموق 2015. وكتاب امرأة في برلين الصادر عن منشورات المتوسط.

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *