دأبتُ قبل أن أنام أن أقرأ شيئا من الإبداع أيا كان جنسه فهذه عادة قد تكون حميدة أوصاني بها منذ أمد صديقي الشاعر حمري بحري ، ما أفتأ أحتفظ له بهذا الجميل وهذا الصنيع .
أقرُّ أنني لم أجد سهولة في اختراق اللون الجنسي الأدبي الذي أتلصص عليه الآن ، محاولا بذلك اجتثاث الأرق أو محاولة اقتفاء أثار الاسترخاء وجلب النوم ، تجرأت البارحة وكانت الساعة تشير إلى الواحدة ليلا ، حيث أهلي لم يفرغوا بعد من غسل أواني العشاء ، اقتربت منهم بغرفة النساء ، مازحت إحدى بناتي ” أنتم تعيشون أجواءكم رفقة الست هانم وعهد الخديوي أو على وقع ما تبقى من فتات العهد العثماني / جاءت هكذا عفوية .
انتعلتٌ مخيالي في تقصي دولة السيادة ، نزعتني اللحظة مشفوعة بالأرق .وعصيان المخدع أو انصياعي للاسترخاء . .
، مناصفة انتصف الليل وأخذ غسقا منه يتسلل بين مداركي، وكنت على وشك أن أتقمص تلصصي على المجموعة القصصية حب في الكف للأديبة نسيمة بن عبد الله شمرت على ساعدي ورحتُ أبحر في مناحي المجموعة اعتبارا من أول قصة في المجموعة / الموسومة ب /أنوثة / أبحرتُ أثناءها وفي أعقابها عند مدخل القصة وعند مفصلية َ”مبروك ومبروكة ” ، نقطتان تفاعليتان في يَمّ إبداعي مفعم بمورثات إبداعية وأنماط ترجيحية تُنِمٌّ على أن القاصة نسيمة بن عبد الله تمتلك ناصية قول ، وأنها يم إبداعي لا ينضب لا يَلجه إلا ذوي الألباب، تسمرت ، بل انكمشت ً في مكاني في وهن قارئ يجب أن يتسلح بمكونات طاقوية ليلج هذا اليم ، وأدركت أيضا أن نفَسها طويل في القص والحكي والسرد ، وترويض الحرف والمخيال ، فاكتفيتُ بقولها في إحدى المكونات الصورية الرائعة في هذه المجموعة وعلى وجه الخصوص بأجواء القصة الأولى التي تتصدر المجموعة ، فاكتفيت بالاستسلام أمام هذا المد التعبيري ، وهذه الكينونة التفاعلية القادمة من ربوع تعاطيها مع السرد بما للدلالة من مقاييس ومعايير ومهارات ، حيث تسبق شخوصها أعشاشها وهي لم تبرح بعد مهاراتها ولا مساءاتها إلا وأضْفتِ القاصة على هذه الكينونة صنوان وصنوان من المد التعبيري ،وتحريك الشخوص في كل المناحي الخطابية / شرقا / غربا/ جنوبا ووسطا وفي كل مهب للريح ، لكنها بوعي ساردة متمكنة تتحكم أيما تحكّم في صيرورتها هذه الثائرة والواعية بسلطة مبدعة تجيد الإمساك بقبضة الأشرعة وفي كل الاتجاهات ، ، فاجتليت قناعة أن ” هذا المساء ليس للبحر ولا للحبر ، بل هو لسيدي بنور حارس القرية والجبل” ( صورة مفصلية في قصتها ” أنوثة” طويتُ المجموعة كما تطوى المسافات والأبحر ، وتفردتً بتأملية عابرة عبر قصص المجموعة تصفحا عابرا ، لا لشيء ، إنما أدركتُ مما لا يترك مجالا للشك وللريب أنني كنت في محاولة تلصص لا غير على مجموعة تتسم بكم ِّ لغوي وذخيرة معرفية يجب أن ندخلها من أبوابها ،أو نصمتْ وذلك اضعف الإيمان ، وذلك إيمانا مني بأن عوالم القاصة والأديبة نسيمة بن عبد الله يجب أن تحضّر لها وسائلها من طاقة إدراكية ، وهذا ما لم اقو عليه وما لم يتوفر بمقدوري آنذاك وقد قطع الليل جزءا آخر من غسقه ، واكبت ُ وهَني ، حيث أيقنتً أن العدة لهذا العمل الترويضي في كل الصيغ / مخاطب/ متكلم ، في تلقائية ووعي جديرين بالتأمل ، وأن الأمر لا يجب أن يمر هكذا في عبثية انكمشتً مرة أخرى ، أقتفي أثار “مبروك ومبروكة وسيدي بنور ، والبرنس الأبيض” غور مخيال وتجنّح القصة في أغوار القصة وتجلياتها ومنعرجاتها في مفصلية عميقة / في صورتها التالية في أعقاب هذا النسيج الممتد من “مبروك إلى مبروكة إلى سيدي بنور” وذلك في قولها ”
بعض الليل الأنوار تخفت وتخفت ،،،، كأنه الظلام الدامس، ثم تعود فتضيء المكان عن امرأة تدثرت ببرنوس ابيض شفاف يعلن عن فتنة أنثى اختبأت عن العيون زمنا لها عيون مبروكة’ كما عانقت الحياة أول مرة”” بهذه المخيلية الواعية تختم القاصة قصتها هذه الرائعة ما كان مني مرة أخرى إلا أن انحنيتُ ركنا دافئا أتوسد آهات “مبروكة ومبروك ” متلصصا في خلسة على عمل كبير يجب أن تحضر له عدته اللوجستيكية ، والبينية على لسان الرياضيين فما كان مني في محاولة يائسة إلا أن عرجتً عابرا على عوالمها في لِحاظٍ عبر قصص المجموعة /جسد لك / عودة الشمس / مساحة من الماضي / الاكتشاف / جرس كونغاي /حب في الكف عنوان المجموعة / إلى الجبل / الزمن الأخير / لا مكان / أصابع في اللهب / لحظة لعناق إلى أن أدركتُ الصفحة الأخيرة وما قاله النقاد في شأنها /الدكتور الأديب والناقد / سعيد بوطاجين / الدكتور الباحث الناقد عزالدين جلاوجي ،الكاتب والباحث الدكتور / سليم قلالة / الأديب والإعلامي والمسرحي / جروة علاوة وهبي ، فأدركني اليقين أن وهني واستلامي أمام أتمام المجموعة مبعثه أن هذا العمل الكبير يجب أن يقرأ مرات ومرات ومرات لفك مفاتيح التعاطي مع ألوانها القزحية والسرمدية والبنفسجية وكذا موازينها في السرد والإبداع ، غدوتُ بين أوبة وجيئة إلى المطبخ اقتاتُ من فًتات فنجان قهوة لعلني أتداركُ ما تملّص مني من وهن ، فوجدتُ أن الوهن لا نظير له إلا عدة قوامها سلاح معرفي جاد للوقوف أمام الدلالات من منظور متلق ، لا قارئ بسيط لعوالم مفعمة بكون إبداعي جدير بثمين مدى الاحترافية في بوتقة مركبة أيما تركيب ومرصّعة بأدوات سردية يُحسب لها ألف حساب ، وليست البتة عملية استرخائية لتمضية الوقت ، فهذا العمل اكبر من يُقرأ على عجل ، حتى أدركني النعاس، حيث تركت أهلي وهم لم يتمموا بعد فصول مسلسلهم التركي .
، عذرا أستاذة نسيمة بن عبد الله تلصصت ُ على عمل جاد ما كان علي أن افعل ذلك ، كان المدى اقوي من آن أقترب من ناصيته في تلك العجالة ، ولي عودة مع ” مبروك ومبروكة” وغير ذلك من النصوص عبر المجموعة ، تحية إكبار وتقدير أديبتنا التي تروض الحرف والكلمة وتداعب الموروث الشعبي وتضاريس المواجع في الريف والحواضر وغيرها ومختلف المواجع وأنت المعروفة كذلك باسم “زهرة الريف “، مرة أخرى تحية إكبار وتقدير أيتها السارة في هذا المنحى وفي كل الدلالات وفي مجموعتك الأخرى قيد
الطبع فضلا عن :
” “كلمات تحت الشمس ”
لا أتهم هذه المرة بالتجسس والتصنت ، ويكفيني التكفير عن هذا التلصص وعذرا إن تلصصت ُ في جنح الليل ، عذرا كان ذاك بلاء وابتلاء بحمى القراءة لا مفر منه ، فهو قضاء لا مرد لقضائه إن لم تكن ليلة رعناء ..وزمنا مكدودا ….انصرفت للنوم وأنا أغمم أرعن أنت أيها المخيال ، ليس هذا أوان التلصص ، تسلح أيها المخيال بعبور أكثر متانة وعد بعدة أخرى لقراء ة أكثر تركيز . مجموعة ” حب في الكف ” تستدعي أنماط قراءة أخرى .
وعدت مخيالي بذلك على أن تكون وقفة أخرى أكثر جدية في قراءة لاحقة ، وذاك ما سيكون لاحقا بعون الله ، اطمئن مخيالي … ، والله لطيف بعباده