خواطر في المولد والميلاد

خاص- ثقافات

محمد امين ابوالعواتك*

 

” الحب فرض
وعند البعض نافلة…
وعند الجاهلين لجهلهم… عيب

يقولون…
إن الحب مبتدع!!
وما الحب الا لذات الله لو نقبوا ”

ننحاز للحب و قواه الإيجابيه و نجاهد به حصون الكراهية و الجفاء بمدفعية الحب الثقيلة لتتدفق شلالاته لتروي عطش القرون..
أصلي لمن علمني الحب.. فصلّ إلهي عليه كما تحبّ وترضى، و محبة الذات العلية لخير الأنبياء لاتدرك كنهها العقول، و لاينبغي لمخلوق أن يتدخل فيما لم يحط به، لذا كانت الصلاة عليه حصرية لأنّ كل المصلين يرفعون صلواتهم إليك سبحانك بقولهم (اللهم)..
امتثالا لأمر الله جلّ و علا:( إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلموا تسليما)..
والانتباهة المطلوبة هنا بعد الصلاة عليه أن التسليم المطلوب هو غير السلام.. فاللغه العربية واضحة.. فهلا تدبرنا!

عاكف أنا في محراب عشقه السرمدي..
أصلي…بكل الحروف في كلّ اللغات و لهجات الالسن..
بأبجدية الحب الابدية….
“خمرنا خمر المعاني…..عتقت من قبل ادم”
نبشر بالحب الذي طالت غربته في مجتمعاتنا و أصبح المفهوم عنه (عيب) او (منقصة)  وأصبح الجفا هو الأعم في المعاملات فغربت الأخلاق التي هي علامته المسجلة!!
فنحن أمة الرحمة المهداة، و التي بنورها استحال عماء الاكوان و ظلامها (بالحب) الى أنوار فظهرت الموجودات.. أهلا بالحب و المعامله الحسنه و حسن الظن و الرأفة و الحلم… أهلا بالفأل الحسن.. نحن أمة الفأل.. فلا تكن من البخلاء .
بل الحب مطلب الدين وأول ممطرات  الرحمة.. (… حتى أكون أحب…) وهو (مفتاح) وسع النفوس حتى تتهيأ للتلقي و احسان التعامل خروجا عن كل ضيق للفهوم وكافة العلل و الحجب…
كما انه لايجتمع الحب و الخوف (لشيئ) في جوف واحد.. فلا يعقل ان تكون (مرجعية) الهداية و الاخلاق تحتاج هي الاخرى الى هدي!!!
وهي الممدوحة بكل بكل المحاسن واعلاها و المحال اليها الكل مرجعية لأنها انموذج الكمال الإنساني.
اعجب للذين (يحشرون) أنفسهم بين (المحبّ) و (المحبوب)!!!
لاتدعوا الطاقات السلبيه واصحابها سبباً في ان تكونوا من الجفاة وارتقوا فرحين بطاقة الحب الايجابية ونشرها في الاكوان.  فقط تذكروا ذلك في حياتكم واجعلوها العنوان العريض لكل التفصيلات… فمهما تعثر المسير و تطاول الدرب و تثاقلت الاقدام وقل النصير… سينبلح  فجر الحب ليضيئ ظلام القرون فتنصلح الاخلاق وينصلح العلم وينصلح المعاش و نكون (شامة) بين الناس.
من كان يري انه افضل من أمه التي ولدته بعد أن حملته كرها وارضعته من دمها لبنا محافظة على حياته وسهرها من أجله وتحملت غسله ولا ترى لنفسها رغم ذلك فضلا تحمله إياه…..من كان يرى أو يظن أنه أفضل من امه فقد افتقد الأخلاق التي هي الدين…فالمرأة هي أم كل نبي ورسول عدا آدم عليه السلام ، ولايشك انسان طبيعي سوي في محبة الوالد لولده ، او لا يكفي هذا للتأدب مع الذي لا ينطق عن الهوى القائل ( المرء مع من أحب ).
والخالق سبحانه وتعالى يقول لهداية البشر في كتابه الكريم الذي ما فرط فيه من شيئ :
(وليس الذكر كالأنثى )
ويتضح لغة من هذه الآية تفضيل  الانثى على الذكر في القران ..
وذلك لانها المسوؤلة عن الاستخلاف  وهو  المقصد الالهي الأول من الخلق ..
( إني جاعل في الارض خليفة )
فالانثى هي وعاؤه والوسيلة الوحيدة  للاستخلاف او التنمية الانسانية والبشرية
فالرجل لا يلد وأدواره هي رعاية والانفاق على من يقوم بهذا الدور الأساسي وهي الانثى …وتهيئة الأجواء المناسبة لها  للقيام بوظيفتها الكبرى الأمومة منبع الاستخلاف والبشر والرسل والانبياء…
ومن هنا تتضح (قوامة الرجل) وهي ليست (افضلية) كما يفهم البعض خطأ ، بل للعناية والاهتمام بها وتهيئة الحياة الكريمة للانثى لكي تقوم بدورها ، لذلك كان للذكر حظ الأنثيين ليس تفضيلا …بل فقط للقيام بالقوامة وهو الصرف عليها وإكرامها وتكريمها لأنها هي مانحة البشر ولادة..
(وهو الذي جعلكم خلائف الأرض )  .
علو منزلة الانثى  يتضح بيانها واهميتها في  استخدام وخطاب الأنبياء الذين هم  قمة أممهم  فلا يوجد من يفضلهم  بأي مقياس من المقاييس لأنه إن كان هناك من يفضلهم لصار  هو صاحب الاصطفاء للنبوة ، فالاصطفاء للنبوة والرسالة يكون بأسوتها الذي يجب ان يكون نموذج الرسالة  للاقتداء به واتباعه لتهيئة مسبقة لذلك الاصطفاء و لتأديب الله له أزلا ( ادبني ربي فأحسن تأديبي ) ويكون ذلك سابقا للبعثة وليس معها او بعدها ليفيض بذلك الأدب وعظيم الأخلاق على من بعث فيهم ليصير كل فعل او قول هو مرجعية التأسي التي يجب الانتباه لها والاخذ منها ولايوجد أفضل منها علي الإطلاق  ..
فعندما  خاطب  هارون موسى  عليهما السلام بعد ان احتد عليه سيدنا موسى وجره  من لحيته بعد فتنة السامري قال له هارون عليه السلام ( يا ابن ام ..)..
والحبيب المصطفي صلوات ربي وبركاته عليه  كان ينادي السيدة فاطمة الزهراء ( يا ام ابيها)…
وفي القران : ام الكتاب
وفي المدن : ام القرى
فالانثى كرمها الله أيضا في الستر عليها فلم يذكرها في المعصية بل ذكر آدم ..( وعصي آدم ربه فغوي) ولم يذكر  حواء بالمعصية لكن الطغيان الذكوري خالف المقصد الالهي. . فلم نجد للصديقة مريم عليها السلام ذكرا في التاريخ  ولا أين قبرت،  وايضاً السيدة الزهراء عليها السلام  وكذلك حديث الأشقياء عن اسلام والدي سيدي رسول الله عليهما السلام ، هلا تدبرنا يوما ان اسم والد النبي الاكرم صلوات ربي وبركاته عليه هو عبد الله  أكرر عبد الله وليس عبد اللَّات  او عبد العزى والنبي الاكرم يقول:
( انا خيار من خيار )
( ..ومنهم خير الأنبياء وهو ابوك يا فاطمة)
( انا النبي لا كذب انا بن عبد المطلب)
وأمنا السيدة آمنة بنت وهب عليها السلام لايزال نظمها شعرا في ابنها الصبي آنذاك يتردد صداه عبر القرون :

بارك الله فيك من غلام
يا ابن الذي من حومة الحمام
نجا بعون الملك المنعام
فودي غداة الضرب بالسهام
بمائة من أبل سوام
ان صح ما ابصرت في منام
فأنت مبعوث الى الانام
من عند ذي الجلال والاكرام
تبعث في الحل والحرام
تبعث  بالتحقيق والإسلام
دين أبيك البر ابراهام
تبعث بالتخفيف والإسلام
ان لا تواليها مع الأقوام
فالله  إنهاك عن الأصنام

ويتنزل الامر تأكيدا قرانا يتلى لا ياتيه الباطل في كتاب محفوظ:

فيقول الله تعالى: ( لا اقسم بهذا البلد وانت حلّ بهذا البلد ووالد وما ولد..)

( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق)
وفي ذكري المولد والميلاد العظيم هلا انتبهنا وتدبرنا وانحزنا انحيازا تاما لحبيبنا المصطفى  صلوات ربي وبركاته عليه ووالديه وآله   والى الدور العظيم للأم والأمومة ومكانتها وأدوارها الكبرى،  وتبيان دور الحبّ المحمدي اكسيرا لشفاء القلوب من الظلمانية .
_________

  • كاتب من السودان

شاهد أيضاً

ما سرّ فشل الرواية العربية في تحقيق مبيعات في الدول الغربية؟

(ثقافات) بمناسبة افتتاح معرض لندن للكتاب 2024: ما سرّ فشل الرواية العربية في تحقيق مبيعات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *