فلسفة الفعل… إشكال فلسفي بأفق تأسيسي

*ربوح البشير

منذ اللحظة التي تحددت فيها الفلسفة في صورتها الأكاديمية خاصة عندما خطَّ أرسطو وجهتها، جهة التفكر في الوجود بحسبانه وجوداً، وبما يتعالق معه من مسائل بحثية أخرى مثل القيم والمعرفة، غدا البحث الفلسفي أسير هذه الرؤية التي تعززت بيداغوجياً حين بدأ أفلاطون في بناء وتأسيس الأكاديمية. وبالرغم من بعض المقاربات ذات المنحى التمردي، التي دشنها الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو، بعد أن بحث في القضايا المستبعدة في الفكر الغربي الموسوم عقلانياً وفق معيارية غربية مهيمنة، مثل: الجنون، المستشفى، العقاب، المراقبة، الجنس، الجسد، وغيرها كثير في المسار الفوكوي، تَصيرت الفلسفة خطاباً مفتوحاً على دروب غير مألوفة وأيضاً على درجة عالية من الغرابة الفكرية، حيث تزايدت التوصيفات المتعددة للفلسفة، الفلسفة الصامتة، الفلسفة الشريدة، العرجاء، الرحالة، العنف، المرأة، اللامعقول…، وبالرغم من ذلك، ما زالت الفلسفة بعيدة عن آفاق معرفية وإنسانية ثرية إنطولوجياً وقيماً وتحوز على جاذبية تفسيرية قوية.

وعليه، فهو انفتاح على الوجود، لأنّ الوجود يقال على أنحاء شتى، التزاماً بوصية أرسطو. ومنه تكون المقاربات الفلسفية التي تمردت على الذهنيات المدرسية ذات الطابع الدوغمائي، محاولات في صميم التفكر الفلسفي وليس خروجاً عن الفلسفة في تشكلها الأكاديمي الصارم، فحين تريد الفلسفة أن تفكر، أن تسأل، أن تتخطى، أن تنقد، فما عليها إلا أن تعانق الحياة، معانقة تقودنا مباشرة إلى مفاصلها، وتعاريقها، وانشغالاتها. ربَّ انفتاح يمنحنا فرصة التحرر من الكسل، والقحط الوجودي، والتحجر، والانغلاق، ويضعنا في قلبها النابض بعشقها.

على هذا النحو، نبدأ في توسيع دائرة الانشغال الفلسفي، خاصة من جهة البحث عن مفاهيم، هي من حيث منبتها قديمة قدم الفلسفة، ومعاصرة لنا من جهة حضورها الدائم في خطابنا اليومي، والطريف في الأمر أنّ الفكر الفلسفي يوظف حزمة كبيرة من المفاهيم والألفاظ دون أن ينهمّ بحمولتها المعرفية وآفاقها الأنطولوجية، وممكناتها القيمية، وإن حدث الانتباه إليها أو الانشغال بها، فهو مجرد انشغال عابر مؤقت، ينتهي عندما يصل الموضوع إلى حدِّ الاستنتاج النهائي. من بينها مفهوم الفعل، هذا الأخير الذي يتواجد على مستوى اللسان، وعلى مسطح الاستعمال، لكن دون أن يتصير مفهوماً متميزاً، ومن دون أن تلازمه رغبة فلسفية في تحويله إلى درب بحثي متميز.

تأسيساً على هذا المنحى البحثي، نتساءل: كيف يمكن لنا استقراء المسار المعرفي لمفهوم الفعل في التفكر الفلسفي الغربي؟ هل التواجد اللفظي يغني عن التواجد المفهمي؟ وكيف حدث الانتقال من حال الحضور اللفظي إلى أفق الحضور الفلسفي؟ هل يمكن لنا بعد هذا المسار الفكري أن نتحدث عن فلسفة تنشغل بمفهوم الفعل وبملاحقه المفهومية الأخرى التي تتحرك في فلكه؟ أتُعد العودة إلى الفعل تعبيراً عن انشغال الإنسان بالحياة كمعطى وجودي وكحدث قيمي وكأفق معرفي؟ وما معنى أن نتحدث عن الفعل في أبعاده المختلفة؟ وهل نستطيع أن نجد في الفعل درباً آمناً للخروج من القحط الأنطولوجي الذي يلفنا بعد بزوع فجر النهايات الكبرى للسرديات؟ أما من موقع نضع فيه قدماً من أجل إحداث الوثبة اللازمة للتحرر من سطوة الوهن وهيمنة الهشاشة، حتى نصير كائنات إنسانية تستحق أن توصف بأنّها تاريخية؟

مقاربة تأسيسية:

رأس الأمر في هذا القول غير المنتهي أن نبدأ أولاً في تعقب المفهوم في محاضنه التي تبلور فيها، بحيث لم يكن مفهوم الفعل غريباً عن التفكر الفلسفي اليوناني، فـ: “اللحظة السقراطية هي اللحظة التي وجه فيها الفلاسفة اهتمامهم إلى الإنسان وتغاضوا عن الطبيعة، فذلك لا يعني أنّ الانشغال الفلسفي ما قبل-السقراطي كان موجّهاً كله إلى الطبيعيات ولا موقع للإنسان ولا لفعله فيه. إذ يكفي لتأكيد هذا الحضور أن نشير إلى مفاهيم “الجور” عند أنكسمندر و”الحكمة” عند هرقليطس وضروب التطهر الفيثاغوري والصداقة بما هي حظّ الإنسان عند أنباذوقليدس والاعتدال والاكتفاء الديمقريطين”[1]. وبالرغم من راهنية الإشكال، فإنّه يحوز على امتداد تاريخي يلامس: “فترة سقراط، وهو البراكسيس”، أي لا ما يقوله الفيلسوف، لكن ما يفعله، وكيف يربط بين قوله وفعله. الفرق بين سقراط والسوفسطائين لا يتعلق بما يقولونه، ولا بالطريقة التي يعتمدونها، بل في ممارستهم، “البراكسيس”[2]، ولم يكن سقراط يخفي رغبته في توطيد دعائم البراكسيس في كل تصرفاته اليومية، وفي توسيع دائرة الممارسة حتى تطال الصداقة، الروح، الكلام…، فقد كان: “يعالج الروح بواسطة الكلام”.[3]

هذه ضروب متعددة من تمظهرات الفعل عند سقراط، وهي ليست محصورة فيها، بل هي نماذج مصغرة لحياة فلسفية بامتياز، أخذت منعطفاً خطيراً في حدث[4] موته على أيدي حكام أثينا الجدد، نتيجة: “إنكاره لآلهة المدينة، واختراع آلهة جدد، وإفساد شباب المدينة، وهي في مجملها محاكمة دينية”[5]، ربَّ منعطف شكل بالنسبة إلى أفلاطون حدثاً حفزه على التوجه صوب فعل أساسي وتاريخي، كان في المتن السقراطي مذموماً، وهو فعل الكتابة، فهم أفلاطون: “أنّ موت سقراط لم يكن حدثاً مقبولاً فقط، لكن وبصورة شائعة ومؤسفة، هي حكم على الحق، وهي بالضديد، يمكن ترجمتها على أنّها دعوة أحادية يدشن بها مهمة غير مألوفة، هي كتابة الفلسفة”[6]. والانتقال نهائياً إلى فضاء التدوين، بحسبانه فعلاً يؤدي إلى تثبيت الخطاب الفلسفي في صحائف التاريخ، خوفاً من ذهاب المعاني الفلسفية واندثارها.

بالتأكيد لم يكن مفهوم الفعل غائباً عن المتون الفلسفية، بل على العكس من ذلك ظلّ حاضراً في رؤى المدارس الفلسفية، كالفيتاغورية، الروراقية، المشائية، ومتواجداً في نتاجات الفلاسفة العرب، عند الكندي، الفارابي، ابن سينا، ابن رشد، ابن باجة الذي وضع الفعل الفكري في رتبة الفصل النوعي، إذ يقول، معرفاً الإنسان: “ويمتاز عن جميع هذه الأصناف بالقوة الفكرية وما لا يكون إلا بها”[7]، ويبني ابن باجة الفعل على شرط الاختيار، فـ: “كل فعل إنساني فهو فعل باختيار، وأعني بالاختيار: الإرادة الكائنة عن روية”[8].

وفي العصر الوسيط تجلى ذلك الارتباط القوي بين مفهوم الفعل والنزعة الإنسانية التي: “ظهرت في القرن التاسع عشر الميلادي، وبالتحديد في 1808 مع البيداغوجي البافواري نيتمار من أجل تحديد “النظام التربوي التقليدي الذي يستهدف تكوين الشخصية الجامعة والإنسانية بواسطة “الإنسانيات”[9]، وبالتالي فالنزعة الإنسانية هي: “الثقة المتجددة في الإنسان وفي قدراته، هذه المقاربة العلمانية للعالم هي محاولة لعلمنة التاريخ، هذه الطريقة التي تهدف إلى الهيمنة على الطبيعة وتطويع قدراتها، وهذا العمل يستمر من أجل بناء الجمهورية الأرضية”[10].

وبمتتالية متصاعدة بدأ مفهوم الفعل ينفتح على فلسفة نيتشه أو أنّ نيتشه وجد فيه ضالته الفلسفية، حين نبش جينيالوجياً في عمق الشخصية الارتكاسية التي استوطن فيها الكاهن وتشبعت بروح الاضطغان: “الذي يحرك ذلك النوع من الكائنات التي حُرمت من ردّ الفعل الحقيقي، ردّ الفعل الذي يكون فعلاً، والتي لا تجد من عزاء إلا في ثأر خيالي. وفي حين أن كلّ أخلاق نبيلة إنّما تنبثق من قول نعم لنفسها بشكل منتصر، تبدأ أخلاق العبيد بقول لا لـ “خارج ما”، لضرب من “عدم-النفس”: وهذه الـ”لا” هي فعلها الخلاق. هذا الانقلاب في النظرة الواضعة للقيم، هذا التوجه الضروري نحو الخارج بدلاً من التلفت نحو الذات، إنّما يدخل تحديداً في صلب الضغينة: إذ كي تنشأ إنّما تحتاج أخلاق العبيد دائماً وأولاً إلى عالم مضادّ وعالم خارجي، متى تكلمنا بشكل فزيولوجي، هي تحتاج عموماً إلى مثيرات خارجية لكي تفعل، إنّ فعلها هو بالأساس ردّة فعل. وإنّ العكس هو ما يحدث عندما يتعلق الأمر بطريقة النبلاء في التقويم، هي تفعل وتنمو عفواً، وهي لا تبحث عن ضديدها إلا من أجل أن تقول لنفسها نَعَمْ أكثر عرفاناً وأكثر ابتهاجاً، وليس مفهومها السالب من جنس “الوضيع” و”العامي” و”اللئيم”، إلا وهو صدى باهت ومتأخر النشأة بالنظر إلى مفهومها الأساس، الموجب، المتشرب في أعماقه حياةً وشغفاً، “نحن النبلاء، نحن الأخيار، نحن أصحاب الجمال، نحن السعداء”[11].

إنّ لغة نيتشه المتشوقة إلى الحياة وجدت لها صدى متألقاً في المتن الهيدغري، فقد جاء كتابه العمدة “الكينونة والزمان” زاخراً بعبارات فلسفية تشي بوجود توجه صارم من هيدغر نحو الاشتغال على مفهوم الفعل، بالرغم من حرصه المطلق على صفات الدازين القادم، ونقول القادم لأنّ هيدغر كما أشار الدكتور فتحي المسكيني متسائلاً: “لماذا لم يبدأ هيدغر في تحليلاته بالأنا أو بالذات وليس بالعالم؟ لأنّ الدازين لا يفهم نفسه في غالب الأحيان انطلاقاً من نفسه بل انطلاقاً من العالم الذي ينشغل به. فهو في أول أمره ضائع في ذلك العالم ومنهمك فيه. ومن ثمّ فالمطلوب من أجل النهوض بالسؤال من يكون؟ هو أن يعاود استملاك نفسه وتحريرها ممّا هو غريب عنها”[12]، وهذا يقتضي عند هيدغر التحرر أولاً من الانحطاط الذي يلفّ الكائن الإنساني، ومن: “الكينونة المنحطة في نطاق المشاغل المباشرة “للعالم” تقود التفسير اليومي للدازين وتسدل على الصعيد الأنطيقي حجاباً دون الكينونة الأصلية للدازين”[13].

وضياع الكينونة عنده متعلق بمسألة أساسية ترتبط بهذا الشكل التافه من الوجود، والذي يمنع الكائن من البروز أنطولوجياً حيث يغدو كائناً غفلاً فقيراً وهشاً، و”يكون الدازين ضائعاً في “العالم” الذي له، وإنّ الفهم، من حيث هو استنزاف نحو إمكانات الكينونة، قد انزاح نحو الجهة. والانغماس في الناس يعني هيمنة التفسيرية العمومية، فيمثل المكشوف عنه والمفتوح على جهة التخفي والانغلاق في ثنايا القيل والقال والفضول والالتباس. إنّ الكينونة لم تمحَ، ولكنها صارت منبتة، وإنّ الكائن لم يحجب بالكليّة، بل هو على وجه الدقة مكشوف عنه، ولكن هو في الوقت نفسه متخفٍ، هو يبين عن نفسه، ولكن على جهة الظاهر”[14]، على هذا الأساس اجتهد هيدغر في تقديم تخريج عملياتي لهذا الوضع الذي خشي منه أن يسقط فيه الدزاين ويفقد صفته الأنطولوجية، بحيث تكون حقيقة الكينونة: “لأنفسنا في الاعتزام إنّما تنبثق الصحبة الأصلية، الواحد مع الآخر، أو من مرّة، وليس من اتفاقات قائمة على الريبة والتحاسد ومن ثرثرة التأخر في الفهم، وممّا يريد الهُم أن يخوضوا فيه”[15].

ويقرّ هيدغر بأنّه يفضل في تحليلاته مفهوم العزم بحكم ارتباطه الغليظ بمفهوم “العالم”، لأنّ: “إغفال ظاهرة (الإنية) هو في الحقيقة ناجم عن إغفال ظاهرة (العالم) وعدم فهم (الذات) بوصفها (كينونة في العالم)”[16]، هذه الكينونة تلتصق ببعد أنطولوجي هو بعد الزمان أو الاستباق، لكي يرتقي إلى مستوى الكينونة الأصيلة، فما هو مطلوب من الدازين هو: “أنّ المستقبل ذاته هو أول ما ينبغي أن يظفر به، ليس انطلاقاً من حاضر ما، بل انطلاقاً من المستقبل غير الأصيل”[17]، فأصالة المستقبل تُستمدّ من ممارسة مكينة في صلب الدازين هي الاعتماد على شرط “العزم”، لأنّ: “المستقبل الأصيل هو معركة وليس شيئاً تنتظره في الكسل اليومي للهُم”[18]، وبهذا فهو مرهون بالعزم الذي: “هو ما به يتقوم وفاء الوجود إلى ذاته”[19]. أمّا ما يستبعده هيدغر من متنه الفلسفي، فهو مفهوم الفعل[20]، نظراً لكون: “الدازين من حيث هو عزم، إنّما هو يفعل بعد، وقد نتحاشى مصطلح “الفعل” عن قصد”[21].

أمّا اللحظة التي أخذ فيها هذا البحث بُعداً تأسيسياً، فهي التي صدرت عن المدرسة البولونية، إذ: “من بين فلاسفة الفعل ـ ولهم ما يطابقهم في مدرسة الهيغلية الألمانية وفلسفتها للفعل ـ نعد ترنتوفسكي الشخصية الأهم. فقد أراد أن يبني أوّل نسق فلسفي “وطني” حتى يتمكن بفضله من تقريب الشعب البولوني من أوروبا ومساعدته في تعبيد طريقه إلى الحرية”[22]، وكذلك: “وضع سيزكوفسكي في (كتابه) المقدمة نظرة هيغل للتاريخ موضع مساءلة. وكان مفاد اعتراضه الرئيس أنّ هيغل لم يعالج خاصّةً إلا الماضي، ومن ثمّ ففكره التاريخي لم يسم إلا إلى جزء من تاريخ الإنسان وغضّ الطرف عن المستقبل واضعاً إياه بين قوسي تأملاته المجردة”[23]، ومنه اقترح سيزكوفسكي درباً آمناً، وما على الذات الغربية إلا أن تطرقه تكراراً ومراراً، إنّه درب يعبد أصلاً بمفهوم الحرية ويعضد بالفعل الإنساني الصادق والصامت والمثابر، فما: “تتطلبه الحرية الحقيقية ليس مجرد الوجود الإمكاني (بالقوة) بل الوجود بالفعل وليس السلب بل الإيجاب وليس النشاز بل التناغم. إنّ الفعل المؤسّس للحسم ليس كافياً في الحرية، بل إنّ ما تحتاجه الحرية هو الحرية العملية التامة والواقع المتناغم. ينبغي أن تكون الحرية فعلاً وليس مجرد نيّة”[24].

وبفضل هذا التمشي تزايد الانشغال بمفهوم الفعل في الفلسفة الغربية، وبدأت الإضافات تربو وتتكاثر، وقد تزامن ذلك مع تنامي نزعة التحرر من هيمنة الأنساق الكبرى، خاصة في صورتها الهيغلية، وتجلت هذه النزعة في المسعى النيتشوي، والماركسي، والفرويدي، أو وفق التوصيف الطريف لبول ريكور “فلاسفة الريبة” الذين صرفوا جهداً كبيراً في محاربة غريمهم الأساسي ألا وهو الوعي الذاتي، حيث: “طرح فرويد بصورة جذرية الإيمان بتحكم الفاعل في ذاته. كان يتحدث عن ثلاثة جروح للنرجسية الإنسانية: مع غاليليو اكتشف الإنسان أنّه ليس في مركز العالم، ومع داروين أنّه ليس في مركز الحياة، ومع فرويد أنّه ليس في نفسيته الخاصّة به.”[25]، ومن صلب مناقشته لهم أدرك بول ريكور أنّ السرد الحقيقي والتاريخي لا يمكن أن تقوم له قائمة بدون ذات فاعلة، وبالتالي قادرة على أن تحكي قصتها في سرد تاريخي، جدير بأن يعاش ويروى، وبأن نسـتأنف الحديث في مسألة الفعل استئنافاً يعيده إلى فضاء النقاش الفلسفي الرصين، إذ يقول: “سنمضي، أوّلاًّ، لاختراق هذه المنطقة النقدية ونسعى لإعادة التفكير بطريقة أُخرى في هذه الطريقة التي يُسهم فيها الخيال في صنع الحياة، بالمعنى البيولوجي للكلمة، أي الحياة الإنسانية. أُريد أن أطبق على هذه العلاقة بين السرد والحياة حكمة سقراط القائلة إنّ الحياة بلا عناء لا تستحق أن تعاش”[26].

من هنا كان التفكر في مفهوم الفعل بحسبانه موضوعاً قائماً بذاته هو من جهة مبدعة ومنفتحة على ممكنات جديدة للقول الفلسفي، أي هو: “استئناف التفكر بالفعل في الأنطولوجيا التي تعرّت من الحياة وعرّت الكائن من مقولة أساسية من مقولاته وهي مقولة الصراع، وتجذير التفكر بالفعل في التاريخ والأخلاق هو تجذيره في الزمن والقيمة وجدلنة متابعته في الأضداد أو في الفروق أو في التقالبات والتقاطعات. فالفعل يبحث إمّا عن زيادة الاقتدار، وإمّا عن تحقيق هدف وقعت محاولة إنجازه في الماضي، وإمّا عن المساهمة في إنجاز أثر ما، وإمّا عن تثبيت القائم من الأمر والمحافظة عليه. في كلّ الأحوال، الفعل مخاطرة ومبادرة ومبادأة وعملية تحقيق ما هو جديد”[27].

إنّ الاشتغال على هذا المفهوم يقتضي منّا الذهاب رأساً إلى جهة التعاطي مع المفاهيم التي تتحرك بالقرب منه، أو التي تزاحمه في مواقعه المعرفية داخل الخطاب الفلسفي، كمفهوم العمل مثلاً، غير أنّ هذا الأخير ارتبط والتصق بممارسة محددة وثابتة هي “دورة الإنتاج والاستهلاك”. فإذا: “ما اختزل الفعل في العمل واختزل العمل في الدورة التي لا تنتهي للإنتاج والاستهلاك، بل في الدورة التي تتضمن فيها الإنتاج ذاته الاستهلاك، فإنّ الأساسي حينها يصبح هو توفير لقمة العيش وحبس كل الاقتدارات في الدرجة الدنيا للمحافظة على الحياة.”[28] إلى جانب ذلك ينبني العمل على التكرار، والنمطية، والرغبة الجامحة في الملكية، وانخراط الفرد في حركية أكبر منه هي حركية المجتمع اللامتناهية، كل هذه الصفات تنمحي بمجرد الاقتراب من فضاء الفعل، فمعنى: “فعل “Agir” بالمعنى الواسع، تدلّ على أخذ مبادأة، يشرع، يتورط في”[29]. أمّا الطابع الجماعي للعمل فهو لا يقدر على: “تأسيس واقعة معترف بها، ومميزة لكل فرد من الجماعة، وعلى الضد من ذلك تقتضي، بالفعل، محو كل وعي فردي”[30]. ومنه، يغدو العمل في صميمه ممارسة فردية بأبعاد جماعية، يلتغي فيها الفرد ككائن متفرد بذاته، ويسقط في أنماط أنطولوجية منحطة، يلفها الاغتراب والتكلس، أمّا: “الفعل الإبداعي الذي يؤكد به الإنسان ذاته فهو الفعل الصدوق والعسير والمتجدد، أمّا الأفعال النمطية والمكرورة فحمالة اغتراب”[31].

أمّا أبعاد الفعل المختلفة فإنّها ترتبط رأساً بآلية الانفتاح، حيث ينفتح أولاً على كل ما هو إيتيقي أو أخلاقي، إذ لا يوجد فعل مستقل عن المحاكمة الأخلاقية، فكل فعل: “يتضمن اتهاماً، أو اعتذاراً، أو تبرئة، أو حمداً أو ذماً، وبعبارة وجيزة إبداء الاستحسان من خلال قيم “الخير” والعدل”[32]، وثانياً على كلّ ما هو سياسي، يتصل مباشرة بفكرة المقاومة، أي أن تقاوم كلّ ضروب المنع ومصادر القهر ومظاهر الاستسلام، وأن تقاوم: “بدأب فعلها واستمراره وحتى تأنيه لكي لا يضيع جهدها ولكي لا تكون مجرد نزوع أو ميل أو مجرد استجابة لعارض من العوارض”[33]، فحقيق بنا أن ندرك أنّ: “الانتفاضة لن تغير شيئاً، والكتاب لن يكتمل، والبناء لن يستمر، والاحتجاج لن يثمر ما لم يكن للإرادة شجاعة مواصلة ما استهلته”[34]. وأن نعي أيضاً مدى خطورة تعالق الذات المقاومة مع فضائها الخارجي، والذي سُمي عند حنة أرنت، ويورغن هابرماس، وكوزلاك، بالفضاء العمومي، حيث تصطدم بذوات أخرى مماثلة لها أنطولوجياً، وتحوز على ندية فاعلة، وتلتقي بـ: “مواطنين يعملون ويتحاورون خارج أسوار البيوت والمخابئ والزنازين، ذلك أنّ شرط العمومية التبدي والعلنية”[35]. وهي دعوة سافرة للانفتاح على الثورة المفجرة للأوضاع، مهما كانت مسوغات الفاشلين، وهي في مجملها تتركز في الهروب والجبن والخوف، “فالذين ترعبهم الحركة، وتؤرقهم فجائية الترحّل، ويزعجهم الاستشكال، ويُخيفهم حفيف السباسب، وتُعمي أبصارهم رياح الصحراء، وتقضّ مضاجعهم الأصوات الآتية من بيوت الصفيح أو من الخرائب المنسية في الأعماق أو على الحدود، هؤلاء هم الذين يخافون الثورة والميتافيزيقا كلتيهما.”[36]

ولكي يكون الفعل مبنياً على فكرة المقاومة، يسعى الفيلسوف الفرنسي بول ريكور إلى تقعيد مفهوم الفعل بحسبانه مبادرة ومقاومة ومبادأة، على حزمة من الاقتضاءات من بينها: الاستطاعة: “التي لها ميزة إيضاح الوسيط الأصلي بين نظام العالم ومسار المعيش”[37]، ممّا يدفعنا إلى البحث عن دلالية الفعل التي نجدها في: “الشبكة المفهومية التي ينخرط فيها الفعل الإنساني: المشاريع والمقاصد والبواعث والظروف والمفاعيل الإرادية واللا إرادية”[38]، ويجرنا بعده إلى التنقيب عن مدى حضور معنى وقيمة السبب الفاعل في مضمون الفعل، بحيث يسميه بول ريكور بالتدخل، ويعني به: “الربط بين القدرة على الفعل التي يدركها الفاعل بشكل مباشر وبين الروابط الاشتراطية الداخلية لنسق ما.[39] وعندما يبدأ الفعل في التجلي تنتصب أمامنا فكرة المسؤولية، باعتبارها ميزة إتيقية، لأنّ: “الفعل محكوم بقواعد ومعايير وتقويمات وبشكل عام هو محكوم بنظام رمزي ينزّل الفعل في حيّز المعنى، وعليه يتوجب التفكر بالمبادرة من زاوية الفعل المعقول”[40].

هذا الحديث ليس مقالاً في الأخلاق نرمي من خلاله إلى تشييد نسق قيمي نمليه على الإنسان من علٍ، وليس هو خطاباً لاهوتياً متعالياً عن حيثيات الواقع البشري، بل هو حديث عن مسارات الفعل في الزمن والتاريخ، وارتباطه بالدين، وتقاطعه مع الآخر، فلا يمكن أن نصادف فعلاً قائماً ومتفرداً بذاته منعزلاً عن الغير ومنقطعاً عن الجموع، فلا: “أحد يفعل منعزلاً، ذلك أنّ الفعل حتى وإن كان يصدر عن الفاعل الفرد فإنّه لا يصدر عنه منعزلاً، بل العزلة ذاتها مرادفة للحرمان من الاقتدار. بالفعل الذي ينعزل ولا يتمفصل في شبكة الأفعال ولا ينتظم وفق علاقات، إمّا أن يلغي ذاته، وإمّا أن يتجمد خارج الصيرورة المبدعة”[41].

على هذا المستوى من التحليل تتنزل محاولة المفكر العربي الكبير “إدوارد وديع سعيد”، الذي قدّم رؤية مشبعة بمفهومة الفعل، وزاخرة بحمولة تفاؤلية، فقد صرّح قائلاً: “لسنا بالمخربشين ولا بصغار الكتبة، وإنّما عقول تتحول أفعالها إلى جزء من التاريخ البشري الشامل الذي يُصنع حولنا”[42].

وأثناء مساره الحفري عن معنى المثقف في مرحلة تاريخية خطيرة ومنعطف أنطولوجي متميز، مرّ به الوطن، وما زال يلقي بظلاله على الفضاء السياسي والاجتماعي، اعتبر إدوارد سعيد أنّ: “المثقف ما هو إلا ذاكرة مضادة، بمعنى ما، تملك خطابها المعاكس المخصوص الذي يمنع الضمير من أن يستريح بنظره أو أن يستسلم للنوم”[43]، وخوفاً من أيّ نزعة تريد قولبة المثقف في: “الأنماط الثابتة والتعميمات “الاختزالية” التي تفرض قيوداً شديدة على الفكر الإنساني وعلى التواصل بين البشر”[44]، توجه إدوارد سعيد جهة ضبط مواصفات المثقف النقدي، وذلك من أجل تكريس السلوك النقدي في الممارسة الثقافية، واعتماداً عليه نستطيع أن نتحدث عن مثقف عضوي بالمفهوم الغرامشي وناقد اجتماعي وسياسي، تناغماً مع رؤية مدرسة فرانكفورت، ويمكن أن نرصد، استئناساً برؤية إ. سعيد، جملة من الخصائص المميزة للمثقف:

– إنّ المثقف عند إ. سعيد: “صوت فردي واحد، وهو لا يكتسب رناته الحقة إلا حين يرتبط ارتباطاً حراً بحركة ما، أو بآمال شعب من الشعوب، أو بالسعي المشترك لتحقيق مثل أعلى يشارك فيه آخرون”[45]، ويتقاطع مع هموم الناس في تاريخهم الحي، لكي لا يبقى كائناً منعزلاً عنهم ومتعالياً عن قضاياهم.

– وإذا لم ينغرس المثقف في حركية مجتمعه، ويعتقد أنّه: “يكتب لنفسه فقط، أو من أجل المعرفة الخالصة أو من أجل العلوم المجردة فلن يصدقه أحد، ويجب ألا يصدقه أحد. وكما قال كاتب القرن العشرين العظيم جان جينيه ذات يوم: “إنك حين تنشر مقالات في مجتمع ما تدخل في التو وللحظة دنيا السياسة، ومن ثمّ فإذا أردت ألا تكون سياسياً فلا تكتب مقالات ولا تتحدث علناً”[46]، فإنّ هذا المثقف سيغدو، لا محالة، كائناً أنانياً يدور حول نفسه، ويدير ظهره لهموم الغير ومشاغلهم.

– للخروج من هذا المأزق، ينصح إدوارد سعيد بألا: “يتوقف المرء عن تذكير نفسه بأنّه باعتباره مفكراً أو مثقفاً، يتحمل دون غيره مسؤولية السماح لراع من الرعاة، أو سلطة من السلطات بتوجيهه، فمن وجهة نظر المثقف أو المفكر العلماني، أمثال تلك الأرباب دائماً ما تخذل عبادها”[47]، وألا يألو جهداً في مقارعة كلّ: “الأوصياء على الرؤية المقدّسة أو النص المقدّس، فضروب عدوانهم لا يحصيها العَدُّ، وهراواتهم الغليظة لا تقبل أي خلاف ولا تسمح بأيّ “تنويع” أو تعددية”[48]. من أفق هذا الحديث، فهو مطالب بأن يجعل خطابه محط إزعاج لما هو سائد ومربك لما هو ستاتيكي، وأن يدفع جمهوره إلى عدم الرضا والاستياء. وعليه تصبح الثقافة: “أداة للمقاومة في مواجهة محاولات الطمس والإزالة والإقصاء. إنّ المقاومة شكل من أشكال الذاكرة في مقابل النسيان. وبهذا الفهم، أعتقد أنّ الثقافة تصبح على قدر كبير من الأهميّة”[49].

خاتمة:

هذه المحاولة هي مجرد مقاربة نعتمد عليها للاقتراب من فضاء فلسفة الفعل، ولسنا ندّعي الإحاطة أو الإلمام بهذا الموضوع المترامي الأطراف، وليس في مستطاعنا المعرفي أن نجمع فيه كلّ ما قيل حوله، ونرفض جميع عبارات الإطباق والإنهاء، فنحن في مستهل الطريق نحو موضوع طريف وجديد، فقد تطرق إليه الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي “إدغارد موران” خاصة في صورته التربوية، وكذلك الفيلسوف الفرنسي كورنيليوس كاستورياديس “1922-1997” الذي يعترف بالحرية كأساس لأيّ فعل تاريخي يؤدي إلى تغيير الواقع الإنساني، وإخراج الثقافة من أزمتها، وأنّها البديل الحقيقي لكي يستطيع المجتمع أن يصل إلى مرتبة التشكيل الذاتي، أو: “بعبارة أخرى عندما يعترف النّاس بأنّهم سادة مصائرهم وبأنّهم قادرون على إعادة النّظر في القوانين القديمة وصنع قوانينهم الخاصّة بهم وتغييرها، عندها يكون ممكناً الحديثُ عن الديمقراطية”[50]، وكذلك الفيلسوف العربي طه عبد الرحمن، في كتابه “سؤال العمل”. إنّه فضاء قمين بأن تلتقي فيه النفوس النبيلة لكي تقعد له، وتضعه على طاولة النقد، وتؤثثه بما هو ثمين من الأقوال والعبارات والتيارات الفلسفية، حتى يغدو مجالاً خصباً من الناحية المعرفية، ونقطة تقاطع للفلسفات الأنطولوجية والقيمية، وأفقاً بازغاً يحمل همس يتامى الدهر، وأصوات الذين انكسروا في لحظات القوة، وكلّ من آنس في نفسه مقدرة على التغيير والابتعاد عن تفاهة اليومي في صخبه الأعمى.

إنّ هذا الموضوع يأتي في لحظة تاريخية حاسمة وفي منعطف خطير يحفزنا على تثوير قدراتنا المتعددة، من أجل ما هو مأمول والذي يعدنا بأفضل الحمل، لأنّ الفعل الصادق هو الذي يضعنا في قلب التاريخ، ويمنحنا شحنة وجودية نتحمل بها نوازل الزمن، ونطمح في أفق جديد وطريف.


[1]- عبد العزيز العيادي، مسألة الحرية ووظيفة المعنى في فلسفة الحرية عند موريس مرلو-بونتي، دار صامد للنشر والتوزيع، تونس، ط1، لإفريل 2004، ص 481

[2]- Yves-Jean Harder, Histoire et Métaphysique, Les éditions de La Transparence, 1re édition, 2006, avril, p 340.

[3]- Jean-joel duhot, Socrate ou l’éveil de la conscience, Bayard édition, 1999, p 74.

[4]- الحدث في الرؤية الريكورية هو: “قدرته على إحداث تغيير متميز، أو نقطة انعطاف في مجرى الزمن. ما كان يبدو لي ذا أهمية هو إمكان توسيع فكرة أرسطو عن الحدث peripteia، ومدها بما يتعدى قصرها وفوريتها بغية مساواتها بفكرة التحول الدال المتميز في مجرى معين للأحداث، مجموعة مؤلفين، الوجود والزمان والسرد، فلسفة بول ريكور، تحرير ديفيد وورد، ترجمة وتقديم: سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، ط1، 1999، ص 243

[5]- Jean-joel duhot, ibid, p 61

[6]- Yves-Jean Harder, ibid, p 193

[7]- ابن باجة، تدبير المتوحد، تنسيق سامي بن أحمد، دار سراس للنشر، تونس، 2009، ص 25

[8]- ابن باجة، تدبير المتوحد، مرجع سابق، ص 26

[9]- Abdelaziz Ayadi, la philosophie claudicante, Humanisme tragique et joie de la finitude, L’Harmattan 2011, paris, p 124

[10]- Abdelaziz Ayadi, ibid, p 124

[11]- فريدريتش نيتشه، في جينيالوجيا الأخلاق، ترجمة فتحي المسكيني، منشورات دار سيناترا، المركز القومي للترجمة، سلسلة ديوان الفلسفة، ط 1، تونس 2010، ص ص 58-59

[12]- من هامش كتاب “الكينونة والزمان” مارتن هيدغر، ترجمة فتحي المسكيني، ص 231

[13]- مارتن هيدغر، الكينونة والزمان، ترجمة فتحي المسكيني، ص 544

[14]- مارتن هيدغر، الكينونة والزمان، المرجع نفسه، ص 407

[15]– مارتن هيدغر، الكينونة والزمان، المرجع نفسه، ص 524

[16]- مارتن هيدغر، الكينونة والزمان، المرجع نفسه، هامش ص 560

[17]- مارتن هيدغر، الكينونة والزمان، ترجمة فتحي المسكيني، ص 585

[18]- فتحي المسكيني، هامش ص 585 من كتاب الكينونة والزمان.

[19]- مارتن هيدغر، الكينونة والزمان، ترجمة فتحي المسكيني، ص 670

[20]- يشير فتحي المسكيني إلى مسألة خطيرة ذات طابع تدشيني، وهي أنّ: “هذا موضع طريف للبحث في العلاقة الممكنة بين التحليلية الوجدانية، أي فلسفة في الفعل، كذلك التي وضعتها حنة آرندت وطورها بول ريكور” هامش ص 528

[21]- مارتن هيدغر، الكينونة والزمان، ترجمة فتحي المسكيني، ص 524

[22]- المثالية الألمانية، المجلد الثاني، ص 1029

[23]- المثالية الألمانية، المجلد الثاني، ص 1034

[24]- المثالية الألمانية، المجلد الثاني، ص 1035

[25]- جان فرانسوا دورتيي، فلسفات عصرنا، تياراتها، مذاهبها، أعلامها، وقضاياها، حوار مع بول ريكور، معرفة الذات وأخلاق الفعل، ترجمة: إبراهيم صحراوي، ط1، 2009، منشورات الاختلاف، الدار العربية للعلوم، مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، ص 103

[26]- بول ريكور، الحياة بحثاً عن السرد، مقال ضمن كتاب: الوجود والزمان والسرد، فلسفة بول ريكور، تحرير ديفيد وورد، ترجمة وتقديم: سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، بيروت، ط1، 1999، ص 243

[27]- عبد العزيز العيادي، فلسفة الفعل، دار نهى – صفاقس، تونس، ط 1، ماي 2007، ص 33

[28]- عبد العزيز العيادي، مرجع سابق، ص 39

[29]- Hannah Arendt, condition de l’homme moderne, traduit de l’anglais par Georges Fradier, Préface de Paul Ricœur, Calmann-Lévy, p 233

[30]- Hannah Arendt, ibid, p 275

[31]- عبد العزيز العيادي، مرجع سابق، ص 38

[32]- بول ريكور، مرجع سابق، ص 255

[33]- عبد العزيز العيادي، مرجع سابق، ص 133

[34]- عبد العزيز العيادي، مرجع سابق، ص 133

[35]- عبد العزيز العيادي، مرجع سابق، ص 77

[36]- عبد العزيز العيادي، إيقاعات واستشكالات في فلسفة الإثبات، دار نهى للطباعة والنشر، صفاقس، تونس، ط1، 2013، ص ص 154-155

[37]- عبد العزيز العيادي، فلسفة الفعل، ص 42

[38]- عبد العزيز العيادي، فلسفة الفعل، ص 42

[39]- عبد العزيز العيادي، فلسفة الفعل، ص 43

[40]- عبد العزيز العيادي، فلسفة الفعل، ص 43

[41]- عبد العزيز العيادي، فلسفة الفعل، ص ص 20-21

[42]- إدوارد سعيد، الأنسنية والنقد الديمقراطي، ترجمة فواز طرابلسي، دار الآداب، لبنان، ط 1 2005، ص 90

[43]- إدوارد سعيد، الأنسنية والنقد الديمقراطي، ص 160

[44]- إدوارد سعيد، المثقف والسلطة، ترجمة محمد عناني، رؤية للنشر والتوزيع، القاهرة، ط2 2006، ص 19

[45]- إدوارد سعيد، المرجع نفسه، ص 169

[46]- إدوارد سعيد، المرجع نفسه، ص 182

[47]- إدوارد سعيد، المرجع نفسه، ص 196

[48]- إدوارد سعيد، المرجع نفسه، ص 151

[49]- إدوارد سعيد، الثقافة والمقاومة، حاوره دايفيد بارساميان، ترجمة علاء الدين أبوريشة، دار الآداب، لبنان، ط1 2006، ص 143

[50]- ميشال لالومان، مقال ضمن كتاب: جان فرانسوا دورتيي، فلسفات عصرنا، تياراتها، مذاهبها، أعلامها، وقضاياها، مرجع سابق، ص 252

________
*مؤمنون بلا حدود

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *