أحمد فرغلي رضوان
موسم حافل بالمفاجآت شهدته الدراما المصرية في رمضان من خلال ٣٠ مسلسلاً، شاركت فيها أجيال مختلفة، ما أعطى زخماً للمنافسة، على رأسها مسلسلات النجم الكبير عادل إمام ومعه من أبناء جيله النجمان الكبيران محمود عبدالعزيز ويحيى الفخراني. ونافس هؤلاء من جيل الشباب يوسف الشريف ومحمد رمضان وعمرو سعد ومصطفى شعبان وطارق لطفي إلى جانب النجمات نيللي كريم وغادة عبدالرازق ويسرا ومي عزالدين وليلى علوي. في المقابل، كان هناك عدد من الأعمال الأخرى التي غلب عليها طابع البطولة الجماعية مثل «أفراح القبة» و«جراند أوتيل» و«الميزان» و«الخروج» و«نيللي وشيريهان».
وبسبب الدعاية والصورة الذهنية المسبقة، بدأ المشاهدون بمتابعة نجومهم المحبوبين، ولكن سريعاً ما بدأت الأنظار تلتفت لأعمال أخرى على رأسها «أفراح القبة» و«جراند أوتيل» اللذان تفوقا في شكل لافت في النصف الثاني من شهر رمضان لتميزهما عكس عدد كبير من الأعمال التي فقدت تشويقها بعد الثلث الأول من رمضان وبدأ «العيب الأزلي» المط والتطويل لبلوغ الحلقة الثلاثين! ومع مرور الوقت اتسعت دائرة المنافسة بناء على رغبة الجماهير، لتدخل اليها أعمال جديدة لم تكن في الحسبان إلى جوار أعمال السوبر ستار التقليديين.
ربما يكون هذا الموسم من أفضل المواسم للجيل الكبير، بخاصة الثلاثي يحيى الفخراني ويسرا وعادل إمام الذين أثبتوا أن الموهبة الأصيلة لا تتأثر بمرور الزمن وهؤلاء أنهوا الموسم بقوة وبتميز بخاصة الفخراني الذي انتزع إعجاب الجميع في الحلقة الأخيرة من مسلسله «ونوس» للمؤلف عبدالرحيم كمال والمخرج شادي الفخراني. كذلك نجحت يسرا في أن تعيد اكتشاف نفسها بشخصية معقدة وصعبة: «رحمة» المريضة نفسياً. وبدا أن النجمة الكبيرة تعمقت في الدور والشخصية لتعود الى مكانتها بين نجمات الدراما.
أما النجم الأهم في العالم العربي عادل إمام، فالأنظار تتجه إليه دائماً عبر أكثر من نصف قرن سواء في السينما أو المسرح أو التلفزيون الذي أصبح الزعيم ضيفاً دائماً على مشاهديه في السنوات الخمس الأخيرة. وحاول إمام مع مسلسله «مأمون وشركاه» تلافي أخطاء مسلسل العام الماضي ونجح إلى حد ما ولكن ظل المسلسل بين صعود وهبوط بسبب السيناريو وضعف شخصياته وأنقذ العمل الحضور الطاغي لعادل إمام وإضافته لمواقف كوميدية رغم ندرة ظهوره التي لفتت أنظار المشاهدين، وعليه، لو قرر تقديم عمل في رمضان المقبل، إعادة التفكير في فريق العمل الخاص به.
أما أكثر الأعمال إثارة للجدل فكان مسلسل «الأسطورة» للنجم الشاب محمد رمضان. بدأ العمل بقوة من خلال إثارة غير معتادة في الدراما المصرية، لكنها معتادة في أعمال البطل السينمائية وحاول نقلها إلى الدراما التلفزيونية لضمان جذب جمهوره الكبير. وبالفعل تحقق له ما أراد، لكنه في المقابل حظي بأكبر كم من النقد السلبي والذي وصل الى حد اتهامه بنشر «صفات سيئة» بين جمهوره من الشباب.
لعبة الكراسي الموسيقية كانت واضحة بين أفضل عملين خلال هذا الموسم، إذ بدأ «أفراح القبة» في لفت الأنظار بعد الأسبوع الأول من رمضان فيما تأخر «جراند أوتيل» للنصف الثاني من رمضان ليظهر بريقه الجماهيري وفي الوقت ذاته انطفأت أنوار «أفراح القبة» قليلاً! ولكن يعتبر العملان الأفضل فنياً وأعادا للدراما المصرية بريقها في الشارع العربي. ويستحق فريق التمثيل في العملين جائزة جماعية كأفضل تمثيل.
«أفراح القبة» اعتمد على أدب الروائي العالمي نجيب محفوظ من خلال روايته الصادرة قبل ثلاثين عاماً، فظهرت شخصياته بتفاصيلها التي يجيد نسجها ببراعة ويعبر عن مشاعرها ومشاغلها، ويغوص في أعماقها، فكثيراً ما كتب محفوظ عن الناس الذين نشأ بينهم وكان متورطاً معهم قلباً وقالباً!
ويحسب للمخرج محمد ياسين وكاتبَي السيناريو محمد أمين راضي ونشوى زايد قدرتهم على نسج خيوط العمل بحرفية فعشنا داخل عالم الرواية في شكل مدهش إلى جانب فريق التمثيل، أو «منتخب التمثيل العربي»، كما أطلق عليه، لوجود ممثلين عرب إلى جانب الممثلين المصريين. ويحسب للمخرج إعادة اكتشاف معظم النجوم من جديد، ولاسيما منى زكي التي عاد لها توهجها الفني، وجمال سليمان الذي ملأ الشاشة بحضور قوي ومعه إياد نصار والموهوبة صابرين وأيضاً صبا مبارك التي قدمت أفضل أدوارها مع الدراما المصرية.
أما المسلسل الثاني «جراند أوتيل» فهو مقتبس من عمل عالمي قام بتمصيره السيناريست المحترف تامر حبيب بنجاح كبير أيضاً، واستطاع جذب الجمهور عبر قصة حب كلاسيكية في حقبة الخمسينيات عبر أحداث تدور في العالم الارستقراطي وبأداء تمثيلي متميز أيضاً ضم محمد ممدوح وأنوشكا.ويحسب للعملين إعادة البريق للدراما المصرية على مستوى الشارع العربي الذي رحب بهما في شكل كبير لم يحدث منذ فترة، كذلك أنهى الموسم في شكل جيد أعمالاً أخرى حافظت على مستوى فني لافت مثل «الميزان» الذي نجحت بطلته غادة عادل في تغيير جلدها مع المخرج أحمد خالد موسى، ومن أبرز حسنات مسلسل «هي ودافنشي» عودة ليلى علوي للتألق تلفزيونياً بعد غياب. أما الكوميديا فلم ينجح منها سوى «نيللي وشيريهان» لدنيا وإيمي سمير غانم.
_______
*الحياة