كيف تعيد كتابة روايتك؟


سارة أرمسترونغ

ترجمة : آماليا داوود

الكتب لا تُكتب بل تُعاد كتابتها، بما فيها كتاباتك، وهو شيء صعب تقبله، وخصوصاً عندما تعيد كتابة روايتك للمرة السابعة وبعد لم نتنه.
دعنا نفترض أن المسودة الأولى لروايتك موجودة بالفعل، وهي مسودة غير كاملة، ولكنك أحسنت صنعاً لإكمالك النسخة الأولى، هذا إنجاز ليس سهلاً، ولإعادة كتابة روايتك أنت بحاجة إلى شجاعة لتقوم بتغيّرات كبيرة، وأنا أعني ذلك فأنت بحاجة إلى قتل أو خلق شخصية أو أكثر، والتخلص ربما من ألف كلمة أو أكثر، وربما التخلّص من بعض الفقرات التي تحبها لأنها لا تخدم النص، ربما تبدأ الرواية أو تنهيها بأحداث مختلفة عن المسودة، وتتخلّص من حبكة غير ضرورية، وتقرّر أن هناك شخصية أخرى هي التي سوف تروي الرواية.
إعادة الكتابة لا تعني ترقيع النص، ولا تلطيف الجمل، ولا التعرّق من أجل الحصول على الكلمة المناسبة، وليس ترتيب بعض الأحداث وتغيّر الفواصل، فهذا يسمى التحرير، وأنت بالطبع سوف تحتاج لذلك لكن لا تتسرع، فسرعان ما تكتشف أنك بحاجة إلى التخلّص من الكثير من الجمل المحررة بشكل جميل وملفت، لأنها لا تصلح ضمن البنية الأساسية، فمن الأفضل أن تقوم بعملية إعادة الكتابة قبل القيام بالتحرير منعاً لما أسميه “تسرب الطاقة”.
والسؤال المهم: 
ماذا تفعل بهذه المسودة التي بين يديك؟
أتمنى أن تشعر بالفخر بها ومتحمساً للخيارات المتاحة، وأقترح عليك ألا تفعل شيئاً، وأن تضع المسودة جانباً بضعة أسابيع، وقاوم الرغبة بالعمل عليها لكن لا تمتنع عن تسجيل أيّ فكرة جديدة تخطر في بالك عن المسودة.
وحاول أن تسأل نفسك 
ماذا يريد بطل روايتك؟ وهذا السؤال حسّاس وليس بسيطاً، ربما يريد البطل الحب أو الانتماء أو الانتقام، استخدم كل الوسائل التي سوف تساعدك على فهم رغبات شخصية البطل. 
هناك رغبات ملموسة لشخصيتك 
كيف يمكن أن يعبّر البطل عن شيء ملموس؟ فهل تريد البحث مثلاً عن شخص مفقود، أو تريد البوح لابن الجيران بحبها، هل تبحث عن عمل معيّن أو بيت، أم هل تريد مقاضاة أحد ما؟ 
بعيداً عن المسودة عليك أن تأخذ بعين الاعتبار ما هي الخطوات التي يجب على الشخصية اتباعها من أجل الوصول إلى هدفها، وأعتقد أن العصف الذهني هو أداة فعّالة من أجل الوصول إلى تلك الخطوات في الحل، والحل يجب أن يكون غرائبياً وغير متوقّع، وهذا الحل يمكن أن يتيح المجال لخيارات درامية غير متوقّعة ومثيرة، وفكر بالعوائق التي قد تصادف البطل أثناء تحقيقه لهدفه، واسمح لهذه العوائق بأن تصعد الأحداث، والتي تفرض على البطل بأن يبذل مجهوداً كبيراً ليصل إلى ما يريد، وعندما تجهد نفسك اقرأ المسودة من البداية للنهاية وكأنك تقرأها للمرة الأولى، وفي هذه المرحلة توقّف عن التحرير نهائياً، ولا تتوقّف عن تسجيل الملاحظات، وعندما تنتهي من قراءة مسودتك اكتب كل ما تفكر وتشعر به عن ذلك الكتاب الذي قرأته، وسجّل انطباعاتك وأسئلتك ورضاك ورغباتك، وحاول أن تنتقد نفسك، عبّر عن شكوكك وعدم الرضا، وفكّر بالتعديلات التي يمكن أن تضيفها من أجل تحسين تلك المسودة، وهذا الحوار مع نفسك هو مَنْ سيفسح المجال لأفكار جديدة ويفتح الأبواب لمسودتك الثانية. 
وأنت الآن مستعد لإعادة الكتابة.
ركّز على مخطط في أول كتابة لك، والحبكة هي الشيء الأكثر أهمية، وهذا يعني أنك بحاجة إلى التعرّف على شخصياتك بشكل أفضل، والشخصيات المرتبطة معاً. 
هذا لا يعني أنك تهمل السؤال المهم، ماذا يريد البطل؟ هذا السؤال رغبة مستمرة بالمعرفة، واعمل أكثر على إعادة الكتابة، ويساعدك أيضاً أن تفكر في هذه الأسئلة بدون التقيّد بما كتبته في المسودة، لا تسمح لما كتبته في المسودة أن يحدّ من الخيارات، وافسح المجال لأفكار جديدة.
ويمكنك أن تسأل نفسك العديد من الأسئلة منها: 
هل واضح مَنْ هو البطل الرئيسي؟ كيف يمكن أن تكون الرواية لو كانت شخصية أخرى هي الرئيسية؟ 
ما هي الأسئلة التي تطرحها الشخصية الرئيسية؟ 
حدّد مأزق شخصيتك إذا لم يحصل على ما يريد، سعادته؟ بيته؟ زواجه؟ حياته؟ 
ما هي الخطوات الواجب عليها اتباعها من أجل الوصول إلى غايتها؟ أنا أنصحك بالعصف الذهني.
ما هي العوائق التي تحول بينها وبين هدفها، وكيف يمكن لهذه العوائق أن تخلق عوالم جديدة.
كيف سوف تتغيّر هذه الشخصية؟ ماذا سوف يتعلّم من تجربته؟ أو ماذا يرفض وما لا يستطيع إدراكه أو تعلمه؟.
المسودة الأولى سوف تكشف ماذا يمكن أن ينبثق عنها، الكتابة الثانية سوف تكون تقنية، وهذه هي الأسئلة التي يجب أن تجيب عنها، وربما هناك العديد من الأسئلة الأخرى التي يجب عليك أن تبحث عن إجاباتها، ركّز على تفكير الكاتب الذي سوف يساعدك على خلق التوترات السردية، التي سوف تشغل خيال قارئك.
اعتبر المسودة الأولى مثل الطين، وإعادة الكتابة تشكيل، وصياغة الطين إلى النحت النهائي، وتأخد هذه العملية وقتها الخاص، قال مرة الكاتب الأسترالي الفائز بجائزة نوبل باتريك وايت: “أكثر ما يحتاجه الكاتب هو الصبر”. 
الكثير من الكتاب المبتدئين يجدون صعوبة في تغيّر المسودة الأولى والتعديل عليها، ويتمسّكون بالنص الافتتاحي والكلمة التي بدأوا بها النص، ويبدو لهم أنهم غير قادرين على تخيل بداية أخرى حتى لو كانت فقط للتجربة.
كلما التزمت بعملية إعادة الكتابة سوف تراها عملية ممتعة، المسودة الأولى هي الاكتشاف بالنسبة لي إعادة الكتابة هي الحرفية، حيث أحاول أن أجعلها خطوة بعد خطوة تبدو كرواية كاملة.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *