اسأل «غوغل»


*جوسلين إيليا

كل يوم أشكر “غوغل” عدة مرات، لانه سهل علينا أشياء عدة، على رأسها الحصول على أي معلومة أردناها في غضون ثوان، على الكومبيوتر أو على الهاتف الذكي الذي يكون في الكثير من الاحيان أذكى من صاحبه بأشواط.

يشكر “غوغل” على سرعة بديهته وعلى مخزونه من المعلومات، فعند كتابة أي موضوع نلجأ الى غوغل للتأكد من معلومة أو رقم أو حتى خبر قد يكون مثيرا للجدل وعارياً عن الصحة، وتبقى المشكلة هي أن هناك بعض الجهات التي لا تسعى حتى من التحقق من المعلومة، فتلجأ الى فكرة عنوان طنان يشد الانتباه، والمحزن أن هناك نسبة من القراء الذين يصدقون الخبر ويعلقون عليه أيضا.
فهل يعقل أن يصدق موقع الكتروني خبرا مفاده أن الملكة اليزابيث الثانية تغير حفاض الاميرة شارلوت والى جانبها تبدو في الصور كيت دوقة كامبريدج وزوجها الامير وليم يحضران زجاجة الحليب والملكة تفحص حرارتها على يدها؟ التعجب ليس لانه من المستحيل أن تقوم الملكة بمثل هذا الشيء، فهي في نهاية المطاف أم وزوجة وجدة والاهم من ذلك هي إنسان، ولكن المشكلة تكمن في عدم قراءة مصدر الخبر جيدا وعدم فهم فكرة الصور التي نشرت في إحدى الصحف البريطانية، وهي دعابة أرادت الصحيفة من خلالها دغدغة مشاعر القراء من خلال تصوير أشخاص يدفع لهم للظهور في المناسبات الخاصة كونهم يشبهون أفراد العائلة المالكة، وهذه ليست المرة الاولى التي تنشر فيها الصحف البريطانية أخبارا مماثلة، والصحف لا تغش القارئ وتقول: “الملكة تغير حفاض الاميرة الصغيرة” لا بل تقوم بشرح الفكرة من خلال ذكر تفاصيل الدعابة.
وصدمني موقع الكتروني ينشر أخباره التافهة والعارية عن الصحة والسطحية على مواقع التواصل الاجتماعي، عندما ظن نفسه بأنه اكتشف البارود من خلال نشر هذا الخبر، والمضحك المبكي هو اشارة الموقع الى وجود “صور” حصرية حصل عليها مع الخبر.
وأتساءل هنا، ألم يسمع الموقع الالكتروني بعزيزنا “غوغل”؟ ففي كبسة زر من السهل بأن يتأكد “أفلاطون الكتابة” من صحة الخبر وقراءة النسخة الانجليزية الاصلية منه، ولكن “أفلاطون” معذور لانه وكما يبدو، ليس ضليعا باللغة الانجليزية، ففي خبر آخر أو إذا صح التعبير في ضربة صحافية رائعة أي “سكوب” بلغة الصحافة، نقل الموقع خبرا عن مجلة متخصصة بأخبار المشاهير في الولايات المتحدة، وكان العنوان مثيرا، ليس بسبب جماله إنما بسبب الشك حول صحته وأذكر أن الخبر كان أيضا عن ملكة بريطانيا، كيف لا وأخبار العائلة المالكة تهم مجتمعاتنا العربية، والكاتب “العظيم”، مرة جديدة لم يسع للتحقق من ترجمته التي لا تمت بصلة للخبر الحقيقي وكانت النتيجة خبرا تافها، وغبيا الى أقصى درجة، فهل يعقل أن يكون للملكة السلطة على كيت في توقيت ولادتها؟ نعم هذا ما جاء في الخبر، بأن الملكة هي من يقرر وقت إنجاب الدوقة، ففي حال شعرت كيت بالطلق في الوقت الذي تنام فيه الملكة يجب عليها الانتظار الى ان تصحو صاحبة الجلالة، الامر مضحك، أعرف، لان الموقع الاميركي لم يقل هذا، بل قصد في الخبر بأن الملكة هي اول من يبلغ بخبر إنجاب الدوقة وفي حال وضعت الدوقة طفلها في الوقت الذي تغفو فيه الملكة يتم الانتظار لاعلان الخبر الى الملء بعد إبلاغ الملكة، لانه يتعين أن تكون أول من يبلغ بالخبر. والجانب المضحك في الموضوع أيضا هو تصديق بعض القراء للخبر والتعليق عليه بعبارات مثل: “ملكة دكتاتورة”.. “حرام كيت”، “يا لها من ملكة متعجرفة”.
صدقوني هذا ما جاء في الخبر وانصدمت عندما قرأته. فقد كان من السهل تفادي هذه المهزلة من خلال التأكد من المعلومة، فنحن محظوظون لاننا نعيش في زمن “غوغل”، وكما تقول النكتة السائدة: “لا تقل بأنك تعرف كل شيء، إلا في حال كان اسمك غوغل”.
_______
*الشرق الأوسط

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *