جرش .. ومهزلة مدينة الثقافة!


ربيع محمود ربيع*

خاص ( ثقافات )



  قبل الشروع في كتابة هذا المقال كنتُ أفكر في تدبيج رسالة إلى وزيرة الثقافة أسألها فيها عن الأسباب التي تدفعها إلى ما تقوم به في حق الثقافة والمثقفين من إلغاء للمشاريع والبرامج، ووقف لدعم طباعة الكتب (خاصة في العام الماضي)، وأخصها بالسؤال عما فعلته الوزارة بحق جرش مدينة الثقافة الأردنية لهذا العام. ولكني عدلت عن فكرتي تلك، إذ أن عمر الحكومات في بلادي يكاد يكون أحيانا أقصر من عمر رسالة توضع في البريد من جرش إلى عمان، فخفت أن يوافي التعديل الوزاري الدكتورة لانا قبل أن تصل رسالتي، فيكون لها طعم الشماتة وهذا ما لا أفعله. لذلك وجدت أن فكرة كتابة مقال أقرب إلى الصواب.
في رسالتي المزعومة كنت سأسألها: إن كانت فكرة مدينة الثقافة قائمة على كسر المركزية وإعطاء الفرصة لمثقفي المحافظات، فما معنى تشيكل لجنة خارجية من الوزارة ملغية بذلك اللجان المحلية؟ وما الهدف من تقليص المبالغ المخصصة للمشاريع المقدمة إلى حدودها الزهيدة؟ لماذا قامت (هي ومن سبقها) بإلغاء منصب منسّق المدينة الثقافية الذي يمنح لأحد أبناء المدينة؟ وكنت لا أنوي الإجابة عنهم جميعا (أقصد الوزراء على تتابعهم) بأن الهدف هو إطلاق يد مثقفي الوزارة- وهي يد وصاية تظن نفسها أقدر وأخبر- وأن المشروع كله أصبح مجرد نزهة لطيفة يقوم بها مثقفو المركز إلى إحدى المحافظات.
كنت أيضا من باب المشاكسة سأضع بين يديها نسخة من مشروع لها الفضل العظيم في دعمه، وهو مشروع جريدة “جرش الكبرى” بالتعاون مع بلدية جرش. فقد قامت الوزارة بإلغاء المجلة الثقافية لهذا العام، وتم استبداله بهذه الجريدة. ولأن وقت الوزيرة من ذهب، وتستغله في رعاية الأنشطة الثقافية –التي ترفض دعمها- كنت سأشير – لها- إلى بعض الملاحظات على الجريدة / العدد الأول:
أولاً: عدد صفحات الجريدة هو ست عشرة صفحة وهو العدد الموازي لعدد صور رئيس البلدية المنشورة في العدد؛ إذ احتوت الصفحة الأولى على أربع صور ظهر فيهن جميعا. كما تم فرد صفحتين كاملتين لحوار معه أجرته جهة اعتبارية اسمها “جرش الكبرى”. وأنا هنا أنتقد الحالة وليس الشخص الذي له مني كل الاحترام. 
ثانياً: عدد المواد المنشورة يقارب الثلاثين راح فيها أكثر من عشرين مادة ضحية أخبار البلدية، بالرغم من أن الجريدة (متخصصة في جرش) كما جاء في العبارة المكتوبة أسفل كل صفحة.
ولأن هذا العدد هو الأول وكل تجربة لا تخلو من الأخطاء في انطلاقتها، سأترك هذا العدد لأتناول الجريدة في عددها الثالث:
أولاً: حافظ رئيس البلدية على حصته من عدد الصور والمديح.
ثانياً: تم تخصيص صفحة ثقافية لمتابعة أخبار مثقفي جرش ونشر إبداع أبنائها، وتحت إحساس الواجب الوطني تم نشر قصائد رثاء في الشهيد معاذ الكساسبة، وهو عمل حميد لا ننكره وإن كنّا نتمنى أن تكون القصائد المنشورة أكثر جودة؛ فمن غير المعقول أن يقول أحد الشعراء في قصيدة رثاء: (يا مارقين ومن نصّبكم رعاةً / فجُلكم صعاليكٌ لوطيون هملُ) حتى لو كان المقصود داعش!!.. خاصة أن الشاعر ينتقل بعدها إلى مخاطبة أم الشهيد. كما تتصف المقالات المنشورة في الصفحة بقصر النفس فكأنها شذرات مستعجلة!.
ثالثا: الجريدة تخلو من أي منهجية مهنية وتعج بالأخطاء على جميع أشكالها.
رابعا: نعم –يا وزيرة- لقد تم تحسين نوعية ورق الجريدة. 
وختاما؛ أستغرب صمت المثقفين على سياسة وزارة الثقافة التي تتقصد تهميشهم وإلغاءهم وسلب حقوقهم؛ علما أنّ الوزارة في أوج عطائها لم تقدم لهم الكثير، فكيف بها في عهد انتقاص الحقوق!.

* قاص من الأردن

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *