في ذكرى وفاة أميرة الطرب وردة..احضنوا الأيام لتجري من ايدينا


( ثقافات )

مرت الذكرى الثالثة لرحيل أميرة الطرب العربي وردة الجزائرية بصمت، باستثناء بضعة أصوات إعلامية عربية هنا وهناك أحيت ذكراها من خلال بث أغانيها عبر أثير الإذاعات، وأقلام صحافية كتبت مخلدة أيقونة غنائية أثرت المكتبة الفنية العربية بالروائع الطربية.

ويستعد نخبة من المطربين للغناء في ذكرى وفاتها، إذ كان الديوان الجزائري للثقافة والإعلام وجه دعوات رسمية لعمالقة الفن العربي من مطربين وممثلين للمشاركة في ذكرى وفاتها في الثامن من الشهر المقبل، وذلك في عاصمة الثقافة العربية قسنطينة، دعماً للنشاط والتظاهرات المتواصلة على مر الأيام من جهة وللاحتفال بيوم الفنان في الجزائر من جهة اخرى.

وحسب تصريحات صحافية لمحافظ قسنطينة، عاصمة الثقافة العربية، فإن الأسماء التي تأكد حضورها لإحياء ذكرى رحيل وردة هي: التونسي صابر الرباعي، والإماراتي حسين الجسمي، والعراقي كاظم الساهر، فضلاً عن ممثلين وممثلات ممن كانوا من أقرب أصدقاء ورفقاء وردة منهم؛ يسرى، نبيلة عبيد، عبلة كامل.

وسيشارك في إحياء الحفل طلبة مدرسة ألحان وشباب الجزائرية لهذا الموسم، وذلك بلوحة محلية تجسد روائع الراحلة من غناء وتمثيلاً.

مدرسة فنية 

وممن كتب مستذكراً وردة في ذكرى وفاتها الكاتب والشاعر الجزائري منير راجي حيث قال:
وحشتوني..وحشتوني ..اهلا بأعز الحبايب ..هكذا كانت وردتنا.. كانت تحب بصدق و تخلص للجميع..
و ها نحن الآن نشتاق إليها بعدما فارقتنا و كان ذلك يوم ( 17 مايو 2012 )..
إنها ( وردة فتوكي ) المولودة في باريس من أب جزائري وأم لبنانية.. هذه الأسطورة التي أطربت و لاتزال تطرب الملايين من المحيط إلى الخليج..
ولا أريد أن أعرج هنا عن حياتها و مسيرتها الفنية فهي أشهر من نار على علم وإنما احاول ان أقف عند بعض الجوانب الإنسانية عند وردة .. لقد عرفت بطيبتها ولم تعادي أحدا وكانت محبوبة من طرف كل من عرفها ..
هذه الوردة التي انتشر رحيق طلعها في كافة الأقطار العربية وتذوقنا عطر أغانيها التي ستبقى خالدة أبد الدهر..
تعتبر أميرة الطرب العربي السيدة وردة الجزائرية من بين أفضل المطربات اللواتي قدمن أنفسهن بقوة في عالم الغناء العربي على مدى عقود من الزمن..
كانت السيدة وردة مجاهدة ومخلصة لوطنها ولا يخفى على أحد مشاركتها بالمال رفقة ابيها في الثورة التحريرية مما أدى بالمستعمر الفرنسي طردهم من فرنسا ..لقد كانت تحب الوطن حد النخاع ولم تبخل مرة واحدة عن وطنها فغنت لافراحه وبكت لأحزانه…هذه هي ابنة (سوق اهراس) هذه هي جوهرة (سدراتة) المنطقة الذي تنحدر منها وردة الجزائرية…
لم تمنع وردة كغيرها من الفنانين من الاشاعات ولكن كانت دائما صبورة ولا تتسرع في الحكم على الاشياء ..
انها من عظماء تاريخ الفن كما تعتبر مدرسة فنية تتلمذ وتربى الجميع على أغانيها..
لقد غنت وردة للعديد من عمالقة الفن العربي. وكان لزوجها الموسيقار بليغ حمدي دورا بارزا في حياتها الفنية مما جعله يقدم لها أروع الالحان التي ستبقى خالدة أبد الدهر.
ساهمت وردة في تدعيم العديد من الفنانين الشباب والذين هم الآن نجوم في الساحة الفنية العربية كشيرين وايهاب توفيق و آمال ماهرو أصالة وغيرهم..
لم تتوقف لحظة واحدة عن فنها رغم مرضها ..فكانت كل مرة تسعد محبيها بالجديد رغم صعوبة ذوق هذا الجيل فعرفت كيف تكيف أغانيها حسب أذواقهم وابدعت في ذلك ..
تركت لنا رصيداً كبيراً من الأغاني الخالدة فقد أثرت المكتبة الفنية العربية بأروع الاغاني التي لا تموت، رحم الله أميرة الطرب العربي وأتمنى ان تنال حقها الفني الذي يرقى ويليق برقيها الفني ومستواها الغنائي.

وردة في سطور ..

وردة الجزائرية المولودة في 22 تموز (يوليو) عام 1939، توفيت في القاهرة في السابع عشر من أيار (مايو) 2012 عن عمر يناهز 73 عاماً اثر سكتة قلبية، وشيعت جنازتها من مسجد صلاح الدين بحضور عدد كبير جدا من النجوم، وقد غطي جثمانها بعلم مصر والجزائر، ودفنت بالجزائر حيث أرسل لها الرئيس الجزائري طائرة خاصة لنقلها إلى بلدها، وأقيمت لها جنازة رسمية.

بدأت وردة، واسمها الحقيقي “وردة محمد فتوكي”، المولودة في فرنسا لأب جزائري ينحدر من ولاية (سوق اهراس) ببلدية (سدراته) بالجزائر، وأم لبنانية من عائلة بيروتية تدعى (يموت)، الغناء في فرنسا بتقديم الأغاني للفنانين المعروفين في ذلك الوقت مثل: أم كلثوم، محمد عبد الوهاب، أسمهان، عبد الحليم حافظ، كما كانت تغني لكبار الفنانين الفرنسيين آنذاك من بينهم: اديث بياف، وشارل ازنافور، وكان لها القدرة الكبيرة على التقليد والحفظ وهي في سن صغيرة.

أشرف على تعليمها المغني الراحل التونسي الصادق ثريا في نادي والدها في فرنسا، وبعد فترة أصبح لها فقرة خاصة في النادي، لتقدم بعدها أغاني خاصة بها من ألحان الصادق ثريّا، وعادت مع والدتها إلى لبنان، وكانت وردة تكتب الأغاني العربية بالأحرف اللاتينية ثم تتدرب على قراءتها ودندنتها بعد سماعها عدة مرات.

في سنة 1959 غنت وردة للسوريين في نادي ضباط سوريا، وبعدها شاركت في حفل “أضواء دمشق” حيث غنت “أنا من الجزائر.. أنا عربية”، وكان يغني في نفس الحفل الذي يذاع مباشراً على إذاعة عربية، وديع الصافي، وشادية، وعبد المطلب؛ فنالت أغنية وردة إعجاب الجمهور العربي.

دعاها بعد ذلك المنتج والمخرج حلمي رفلة عام 1960م لتمثل وتغني في أولى بطولاتها السينمائية “ألمظ وعبده الحامولي” الذي غَـنَّتْ فيه “روحي وروحك حبايب”، و”اسأل دموع عينيه”، ثم طلب الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر أن يضافَ لها مقطع في أوبريت “وطني الأكبر”.

اعتزلت وردة الغناء لعشر سنوات بعد أن تزوجت من جمال قصيري وكيل وزارة الاقتصاد الجزائري؛ وذلك كي تتفرغ لبيتها حيث أنجبت ابنها رياض وبنتها وداد. ثم طلبها الرئيس الجزائري هواري بومدين كي تغنيَ في عيد الاستقلال العاشر لبلدها عام 1972م، بعدها عادت للغناء فانفصل عنها زوجها، وعادت إلى القاهرة، وانطلقت مسيرتها من جديد، ثم تزوجت الموسيقار المصري الراحل بليغ حمدي لتبدأ معه رحلة غنائية استمرت رغم طلاقها منه سنة 1979م .

غنت أغنية “أوقاتي بتحلو” في حفل فني مباشر، من ألحان سيد مكاوي، وهي الاغنية التي كانت ام كلثوم ستغنيها إلا أن وفاتها حالت دون ذلك، لتنتقل وردة مع هذه الأغنية للنجومية.

تعاونت وردة الجزائرية مع كبار الملحنين، من بينهم موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب، الذي غنت من ألحانه “بعمري كله حبيتك”، كما تعاونت مع رياض السنباطي، محمد القصبجي، فريد الأطرش، محمد الموجي، كمال الطويل، وحلمي بكر. والملحن صلاح الشرنوبي الذي قدمت معه ألبوميها الأخيرين “بتونس بيك” و”حرمت أحبك”.

أما الملحن الكبير بليغ حمدي فقد كون مع وردة ثنائياً فنياً من الصعب أن يتكرر، فقد غنت من ألحانه عدداً كبيراً من أغانيها الرائعة التي مازال يتغنى بها الجمهور، بل ويتنافس المطربون على استعادة اغنياتها في توزيع جديد إذ أحيت الفنانة اللبنانية اليسا مؤخراً أغنية وردة “لولا الملامة”. كما أن زواجها من الملحن الراحل لفترة استمرت سبع سنوات وقصة الحب الشهيرة التي جمعتهما جعلها تحظى بأجمل الأغاني في فترة عمالقة الغناء.

ومما غنت لبليغ حمدي: “يا أهل الهوى”، “اسمعوني”، “ايه ولا ايه”، “أولاد الحلال”، “معندكش فكرة” “العيون السود”، “عايزة معجزة” وغيرها.

شاركت وردة في العديد من الأفلام منها: “ألمظ وعبده الحامولي”، “آه ياليل يازمن” الذي غنت فيه “ليالينا”، “حنين”، “ليل يا ليالي”. وفيلم “أميرة العرب”. “حكايتي مع الزمان”. “صوت الحب” الذي غنَّتْ فيه “العيون السود”، “مالي”، “مستحيل”، “اشتروني”، و”فرحانة”.

ومن المسلسلات التي شاركت فيها: “أوراق الورد” وشاركها البطولة الفنان عمر الحريري. “آن الأوان” من تأليف يوسف معاطي وإخراج أحمد صقر.

“مالي”، “أوقاتي بتحلو”, “مقادير”, “مادريتوش”، “بودعك”، “من بين ألوف”، “شعوري ناحيتك”، “في يوم وليلة”، “أكدب عليك”، وغيرها من الروائع خلدت وردة الجزائرية عند عشاقها الذين يحيون ذكراها مع كل دندنة يرددونها من أغاني أميرة الطرب الشاهدة على قصص العشاق وحكاياتهم.

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *