( ثقافات )
جذبت الدورة الحالية لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب عدداً كبيراً من المؤسسات والجمعيات ودور النشر والتوزيع الإماراتية، وازداد عدد المشاركين المحليين هذا العام بشكل كبير عن المشاركين في السنوات الماضية، وتجاوز العدد الكلي لهذه المؤسسات المعنية بعوالم النشر والكتب المائتي جهة بين عامة وخاصة.
وشهدت الأجنحة الإماراتية اهتماماً وإقبالاً لافتاً من قِبل زوار المعرض ورواده، حيث قدّمت صورة مشرقة تعكس التطور المطرد والمتسارع لحركة التأليف والنشر والتوزيع في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأعطت مؤشراً على تحوّل هذه الجهات إلى شريك فاعل في تنمية الحياة الثقافية والمعرفية الإماراتية.
وشارك في الدورة الحالية للمعرض أكثر من 200 عارض محلي، بين مؤسسة وجمعية حكومية وخاصة، ودار نشر وتوزيع وطباعة، وشركة مهتمة بعالم النشر والكتاب التقليدي والإلكتروني.
ومن بين تلك الجهات المشاركة في المعرض، نحو 100 ناشر و25 مكتبة و12 مؤسسة معنية بالنشر الإلكتروني والوسائط المتعددة، و21 جميعة ثقافية وأدبية، فضلاً عن عدد كبير من المؤسسات الحكومية والرسمية، ما يؤكد على أن معرض أبوظبي الدولي للكتاب بات بوابة حقيقية للتبادل الثقافي والأدبي والفكري.
وقال جمال الشحي، مدير عام دار النشر الإماراتية (كتّاب) “نحن سعداء بمشاركتنا في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الخامسة والعشرين، وهي مشاركتنا الرابعة في هذا المعرض وسنحرص على المشاركة به في المستقبل، فالمعرض بات منصة مهمة جداً لصناعة النشر في دولة الإمارات والراعي الرئيسي للناشرين في الدولة، وساهم في تطوير حركة النشر في الإمارات بشكل كبير خاصة في السنوات الخمس الأخيرة، ونلمس هذا التطور في زيادة عدد الناشرين الإماراتيين وفي تحوّل النشر إلى صناعة بمفهومها الثقافي، وقد انعكس ذلك أيضاً إيجاباً على حركة التوزيع وعدد المكتبات والمطابع”.
وأضاف الشحي “كذلك يُحسب للمعرض احتضانه لجوائز مهمة على الصعيد العربي والعالمي، منها جائزة الشيخ زايد للكتاب، والجائزة العالمية للرواية العربية، وغيرها، وقد أضافت هذه الجوائز ألقاً كبيراً على وأعطته موقعاً ريادياً بين أهم المعارض العربية الموجودة”.
وتابع “يختلف اليوم معرض أبوظبي الدولي للكتاب في يوبيله الفضي لجهة المشاركة المحلية، حيث بتنا نرى مشاركة واسعة جداً للناشرين الإماراتيين وحضوراً قوياً للكتّاب والمؤلفين والباحثين الإماراتيين، وبالنيابة عن الناشرين الإماراتيين، نشكر جداً معرض أبوظبي، ونشكر تعامله الاحترافي مع الناشرين، وإبرازه الإيجابي لدور النشر الإماراتية”.
من جهته قال علي الشعالي، مؤسس ومدير دار (الهدهد) الإماراتية للنشر والتوزيع “إن معارض الكتب العربية هي أماكن ومناسبات للاحتفاء بالكتاب والقارئ، وفرصة للمدارس لزيارة أكبر عدد من الناشرين للاطلاع على المُنتج المحلي والعربي بل والعالمي، وهذا من أهم وسائل تقارب الثقافات وتحاور الأفكار وتشجيع التسامح، فالقراءة وقبل أن تكون مصدراً للمعرفة هي مصدر لتعزيز القيم والمبادئ النبيلة، وحكومة أبوظبي الرشيدة تُدرك هذا جيداً، فالمعرض عمره الآن 25 سنة في دولة عمرها 45 سنة، وهو أكبر دليل على أنه ومنذ انطلاقة الدولة كان هناك احتفاء بالثقافة، لإدراك قيادة الدولة أن الثقافة والقراءة والمعرفة تُنتج إنساناً أرقى، وحققوا بالفعل هذا الهدف”.
وتابع الشعالي “على الصعيد الشخصي شهادتي بالهيئة والمعرض مجروحة، فلدي 17 عملاً مدعوماً من قبل أبوظبي، ومشروع (كلمة) التابع للهيئة يتعامل معنا باحترافية عالية، وتعاونا معه في ترجمة 9 عناوين من اللغة الفرنسية إلى العربية، وهي لغة ليست ميسّرة في الخليج العربي، فوفّروا لنا المترجمين ودعموا الطباعة، كما ترجمنا 7 عناوين أخرى من الإنكليزية، وتواصل الدعم والتعاون”.
وبالنسبة للمعرض قال الشعالي: لابد من الإشارة إلى زيادة مساحة المعرض هذا العام بنسبة 20%، والأرقام تشهد على مدى توسع وتطور المشاركة في المعرض، وجميع زوار المعرض ورواده يتفاجؤون كل سنة بزيادة مساحته وعدد دور النشر المشاركة به، بالإضافة إلى الأنشطة الكثيرة جداً التي يرعاها المعرض بين أركانه، أنشطة أدبية وثقافية وفنية وأخرى للأطفال، فهنيئاً لنا هذا العرس الثقافي، ولابد أخيراً من الإشادة بتصميم المعرض والأجنحة وتوزيع المساحات وسهولة التنقل فيه وكثرة المرافق الخدمية وسرعة الوصول إلى المراف.
إلى ذلك، وعلى هامش المعرض وفي صلبه، يلتقي جمهور المعرض ورواده بعدد كبير من الكتّاب والمؤلفين والأدباء الإماراتيين، وينظم المعرض سلسلة من الندوات والأمسيات الأدبية والشعرية والحوارية، ويستضيف شخصيات عالمية ذائعة الصيت، غنيّة التجربة وبالغة التأثير.
ويُعدّ معرض أبوظبي الدولي للكتاب من أكثر معارض الكتب نمواً في المنطقة حيث تشهد الدورة الحالية تزايدا في مشاركات دور النشر بواقع 1181 دار نشر عربية ودولية.
ويضع المعرض نصب عينيه دعم الناشر والمؤلف العربي بشكل عام والإماراتي بشكل خاص من الناحية العملية والمهنية، ويعتبرها رسالة أساسية تتكامل مع أهداف المعرض وتطلعاته.
التخطيط لمعرض العام القادم يبدأ الآن
من جانب آخر أكد جمعة القبيسي المدير التنفيذي لدار الكتب في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ومدير معرض أبوظبي الدولي للكتاب، أن المعرض حقق العديد من الإنجازات طوال العقود الثلاثة الماضية، فقد أصبح محطة مهنية هامة لدور النشر في المنطقة والعالم، وهو أيضاً أحد أهم الأحداث الثقافية في الدولة والمنطقة، وبات يترقبه المثقفون ليشاركوا في الحوارات والندوات الفكرية.
واعتبر القبيسي أن للمعرض مساهمات واضحة في تكريس المهنية في عالم صناعة النشر محلياً واقليمياً، وقال “من المعروف أن معرض أبوظبي الدولي للكتاب ملتزم كلياً بحقوق النشر والمؤلف، ولا يقبل مشاركة الدور التي تخرق هذه الحقوق أو تعرض مواداً مقرصنة، حيث سبق لنا اغلاق الدور التي لم تلتزم بذلك وحرمناها من المشاركة، وقد ساعدت هذه السياسة على تحسين مستوى المعروض، وانتبهت دور النشر إلى أهمية الإلتزام بهذه الحقوق التي هي ضامن لحقوق جميع الأطراف بما فيهم دار النشر نفسها. أما على المستوى المحلي فنلاحظ اهتماماً مضاعفاً بصناعة النشر فقد بادر العديد من المثقفين إلى انشاء دور نشر خاصة، وتتميز أعمالهم بالجودة من ناحية العناوين المطروحة والمنتج نفسه”.
وأوضح القبيسي أن المعرض يدعم الناشرين بعدة وسائل، وقال:”يستفيد الناشرون المشاركون في المعرض من البرنامج المهني المصاحب للمعرض، والذي تطرح من خلاله العديد من القضايا التي تتعلق بصناعة النشر وتعرض فيه أحدث التقنيات التي توصل لها مطورو المهنة، ونظراً للإقبال الكبير على البرنامج فقد قمنا بتطويره هذا العام بحيث يتم منح شهادات للمشاركين تأكد حصولهم على خبرة كافية لبدء العمل في دار نشر أو تطوير العمل في دار نشر موجودة. ومن جهة أخرى هناك اقبال على منحة دعم الترجمة من وإلى اللغة العربية عبر برنامج “أضواء على حقوق النشر” والتي أصدر من خلالها منذ عام 2009 أكثر من 600 عنوان في مختلف المجالات، وكل هذا يساهم في تطوير صناعة الكتاب عموماً. ومن خلال علاقاتنا الوثيقة مع الناشرين نعمل على تطوير برامجنا بشكل مستمر”.
أما عن الدورة القادمة والتي تقام خلال الفترة من 27 إلى 3 أيار (مايو) 2016 فستشهد تطوراً نوعياً في التنظيم وفي مستوى البرنامج الثقافي، وقال القبيسي: لقد احتفلنا هذا العام بمرور خمسة وعشرين عاما على انطلاق معرض أبوظبي الدولي للكتاب، غير أن عمر المعرض يتجاوز هذه السنين فقد بدأ عام 1981 وتوقف بضع سنوات ومن ثم عاد وأصبح سنوياً، وطوال هذا الوقت تمكن المعرض من تأسيس خبرة ومرجعية متينة جعلت منه أكثر معارض الكتب نمواً في المنطقة، واستناداً على هذه الخبرات المتراكمة سيقدم المعرض السنة القادمة معرضاً أكثر رسوخاً من ناحية التقاليد المهنية، وسيكون تركيزنا أكثر على النشر الإلكتروني وتطوره وتقنياته الجديدة، ونوعية المطروح في النقاشات، خاصة مع اعلاننا ايطاليا ضيف شرف واتفاقنا مع السفارة الإيطالية في الدولة على تحضير برنامج نوعي، ومن جهة أخرى سنبدأ التحضير للبرنامج الثقافي والتخطيط لدورة العام القادم فور انتهاء المعرض الحالي.