“بابا.. شو يعني فقير؟” قصة كتبتها طفلة لبنانية



بيروت- لم يعتد من يعرضون الكتب على الكتابة عن مثل هذا النوع من الكتب إلا أن هذه القصة ولدت من علاقة تبدو شديدة الحميمية بين أب وابنته البالغة من العمر سبعة أعوام سارا معا.. وشاهدا معا.. وشعرا معا.. وعملا معا.. فكانت هذه القصة. وربما كان لذلك جاذبية خاصة تأسر لب القارىء.

الأسلوب فيها غريب .. يسرق القارئ من انشغالاته إلى براءة مجردة ساحرة لا وزن فيها للزمان والمكان أو لتفاصيل الحياة المختلفة بأنوائها وأرزائها.
ترفض القصة الظل الكئيب وتتعامل معه بقلق مبدئي ثم بحركية فاعلة لا تخل ببراءة المنطق ونقائه.
وهي بذلك تتخذ البراءة والصدق منهجا للتعامل مع المصاعب مثلما فعل شاعر تونس الكبير أبي القاسم الشابي: “لا ألمح الظل الكئيب ولا أرى.. ما في قرار الهوة السوداء”.
خليل حرب صحفي متمرس من لبنان. جلس مع ابنته كندة وحاورها وصار صديقها الصدوق واحترم عقلها ومنطقها، وقرر أن تشاركه ابنته في إنتاج قصة من تجاربهما اليومية.. “بابا شو يعني فقير؟”.
القصة صغيرة للغاية تقع في 31 صفحة وصادرة بالقطع الكبير عن دار الحدائق ببيروت. وفيها رسوم لكندة.
يقول خليل في مقدمة القصة التي صدرت قبل أقل من شهرين: “ليس مشهدا عاديا أن ترى طفلتك تلتقي طفلا مثلها وهو يتسول. يجب ألا يكون حدثا عابرا. حصل ذلك قبل ثلاثة أعوام، ولم تكن المرة الأولى، لكن الموقف كان يومها مربكا لدرجة جعلت كندة ابنة السبع سنوات تنهال بالأسئلة”.
وربما كان طبيعيا أن يكون أول الأسئلة: “بابا.. شو يعني فقير”. قالها خليل وأضاف: “وحلمنا معا..”.
القصة اختارت أن يكون اسم بطلتها “مي”. والراوي هو الأب.
“مي تشغلها الأسئلة كثيرا.. حتى إن رفاقها وأقاربها يعرفون عنها هذا، ومرات ينادونها بـ”أم الأسئلة”.. وأسئلة مي ليست سهلة، فمرات تكون صعبة لدرجة الإحراج.. وتستمع بنظرة الدهشة التي ترتسم على وجهي أمها وأبيها وتتركهما في حالة من الحيرة والإرباك”. 
المفارقة/الشرارة التي رسمت طريق القصة هي منظر الطفل الفقير الذي يبيع العلكة، فرؤيته أصابت مي بصدمة عرفتها القصة بانها “مزيج من الخوف والشفقة”.
فعاجلت أبيها بأسئلة بريئة: “لماذا لم تطلب منه أمه الاستحمام قبل أن يخرج.. هل هو شرير؟”.
انشغلت مي به في ليلها ونهارها وقررت التحرك وعمل شيء.. بكل براءة.
القصة فيها حرص على أن يقرأها الصغار. فالأسلوب بسيط والكلمات مضبوطة بالشكل حتى يكون بمقدور من يحاولون أن يشقوا طريقهم في القراءة أن يفعلوا ذلك، وربما كانت تلك طريقة كندة في الكتابة.
ويلاحظ قارئ القصة أن الرسوم المصاحبة للنص فيها حيوية وكثير من الحب. ففيها من التفاصيل ما قد لا يكون متصلا بالمعنى الذي يتحدث عنه الكادر. فنجد وعاء للزرع تارة.. وأرضية مرسوم عليها قلب تارة أخرى أو جهاز كمبيوتر شاشته عليها زهرة، بل إن الملابس التي ترتديها الشخصيات باستثناء شخصية الفقير كانت مرسومة بألوان زاهية.
والخوض في التفاصيل يرسم على وجه القارئ ابتسامة ربما يكون مبعثها إعادة التعرف على تعقيدات الدنيا والحياة والمنطق بمنظور لم ينل منه الزمن وعلاته.. ببساطة تشبه بساطة السؤال “بابا.. شو يعني فقير؟”. 
_______
*رويترز

شاهد أيضاً

فصل من سيرة عبد الجبار الرفاعي

(ثقافات)                       الكاتب إنسان مُتبرع للبشرية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *