ايزابيل الليندي: عندي قدم هنا وقدم أخرى في العالم الروحي


*ترجمة: احمد الزبيدي

عملت الكاتبة الأميركية التشيلية الأصل، ايزابيل الليندي كصحفية وكمذيعة قبل أن يجبرها الانقلاب العسكري في تشيلي 1973 على الفرار هي وعائلتها، وأخيرا استقرت في سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة.

 روايتها الأولى ذات النجاح المنقطع النظير(بيت الارواح) في 1982 تبدأ على شكل رسالة إلى جدها الميت،ومن بين التسعة عشر كتابا التي أصدرتها فقد كان هناك كتابا سيرة ذاتية مثل كتاب (باولا) و(وطني المخترع) ورواية من ثلاثة أجزاء للشباب البالغين،وآخر رواياتها بعنوان( دفتر مايا).

(دفتر مايا) هي رواية تتحدث عن نشأة (مايا)،وتروي طفولتها في كاليفورنيا ،سنوات مراهقتها المشاغبة،وهجرتها إلى الارخبيل النائي شيلوي ،ما الذي جذبك إلى هذا الموضوع؟
لقد كنت قد كتبت العديد من الملاحم والسير العائلية،والروايات التاريخية والسير الذاتية،ولذلك فهي امتداد لجميع كتاباتي الأخرى ،وعندما شرعت بكتابتها كان حفيدي السادس قد أصبح مراهقا وأدركت أن احفادي عرضة لعالم لم أعرفه أبدا،ومن خلال الانترنت سوف يصلون إلى الانحلال ،يشاهدون الأفلام الإباحية ،ويجربون العنف في الافلام وألعاب الفيديو،يبتاعون المخدرات والكحول،وبدراستي لعالمهم والمخاطر التي يواجهونها ،جاءتني فكرة القصة.
هل عانى أحد من احفادك نتيجة تلك المخاطر؟
أصغر حفيداتي لا تتوقف عن خوض المغامرات،ومن حسن الحظ انها لا زالت حية ،فقد كان يمكن أن يكون حالها مثل مايا ،وما حصل لمايا من أشياء كان يمكن ان يحصل لها ايضا،وأجزاء الرواية التي تتحدث عن عالم الجريمة والرذيلة والإدمان على المخدرات ،لها علاقة بحياتي أنا إلى حد كبير، بسبب ان لزوجي ويلي ثلاثة من الأبناء ،اثنان منهم لقوا حتفهم بسبب المخدرات ،والثالث أمضى نصف حياته في السجن وفي الاصلاحية.

ولكن مايا تمكنت أخيرا من الشفاء من الادمان على الكحول والمخدرات.
ولكنها عاشت جحيم المخدرات والتشرد لعدة اشهر، والحقيقة انها نجت على الأغلب بسبب ان انقاذها جرى بعد فترة قصيرة تقريببا من احتجازها ،ولو بقيت هناك مدة أطول فلا اعتقد انه كان بالمقدور انقاذها.
هل تقصدين ان هذه الرواية بمثابة جرس انذار؟
انا لم احاول ابدا ان ارسل رسائل من خلال كتبي،فهي عن تعايشي مع الشخصيات لمدة كافية تمكنني من الاصغاء اليهم وجعلهم يخبرونني قصصهم،احيانا اتمنى ان تكون نهاية الرواية نهاية سعيدة ولكن ذلك لا يحدث لان الشخصية او القصة تأخذني الى اتجاه اخر.
تبدو الكتابة عندك مثل مغامرة كما لو انك في قطار الملاهي المخيف.
تماما ، فانت لا تستطيع السيطرة عليه ، فانا لا استطيع السيطرة على حياة احفادي ،فكيف استطيع السيطرة على قصة؟ احيانا احاول ان افرض شيئا بالقوة،ولكن بعد ان اعمل واعمل في ذلك السياق ادرك انني اسبح ضد التيار ،لذلك فانا لا اصل الى ذلك الحد ابدا ،فانا مرغمة على ان ادع الفكرة السابقة كما هي وكما اعرفها واترك الشخصية هي التي تقرر .
لماذا تكشفين عن اسرار حياتك في كتاباتك؟
انا لا امانع ان اتحدث عن كل شيء لان ليس هناك شيء مميز حدث معي ،وانا اشعر ان بوحي باسراري يجعلني اقل حساسية،ما يجعلني حساسة هو احتفاظي بالاسرار ،وفي مشاركتها اشعر بالقوة ،بالتواصل،وتأتيني ردود افعال رائعة من القراء ،لانهم يشعرون ان حكاياتهم موجودة هناك ايضا. 
وهل اراؤهم مهمة عندك؟
نعم ، فعندي الاف الرسائل ،تعطيني معرفة كيف تم فهم وادراك كل كتاب من كتبي،غالبا ما اشعر انني اكتب حول ثيمة معينة ،ولكن بقراءتي الرسائل او مراجعات النقاد للكتاب ادرك ان كل شخص يرى الكتاب من زاوية مختلفة 
،وهذا ايضا يعتمد على البلد،فحين قمت بدعاية للكتاب في اسبانيا،فان الجميع ركز على الوقت الذي كانت تمضيه مايا في لاس فيغاس حيث المخدرات والبغاء والتشرد،لانها مشاكل معاصرة جدا في اسبانيا اليوم.
في العديد من رواياتك نرى للجانب الروحي من الحياة وزنا مساويا للاحداث الحقيقية ،ما الذي دفعك لفعل ذلك؟
لان حياتي تجري هكذا،فانا اضع قدما هنا واخرى في العالم الروحي ،فبيني وبين الوصول الى الواقع طبقات عديدة وكثيرة تخترق حياتي وكتاباتي بطريقة عادية جدا ،وانا حتى لا افكر بها ، في هذه الرواية تتمكن مايا من رؤية شبح جدها،وذلك لا يعني انني رأيت اشباحا في حياتي ،ولكني اعتقد ان هناك بعدا روحيا للواقع حيث توجد ابنتي باولا ،فرغم انها ماتت منذ اكثر من عشرين عاما ولكني اشعر انها حاضرة معي باستمرار.
أنتِ كاتبة غزيرة الإنتاج ولديك برنامج صارم في الكتابة ،ألا تشعرين أبدا بالتعب؟
لقد تجاوزت لتوي السبعين من العمر ، وأنا اشعر بالإرهاق الان، في السابق كنت أمتلك طاقة لا تنتهي، ولكني الان احتاج وقتا للراحة ،ولم أعد اكتب بغزارة كما كنت افعل من قبل ، فأنا لا استطيع اصدار كتاب في السنة ، فذلك يعد جنونا ، ولكن من ناحية أخرى فهذا هو الشيء الوحيد الذي اتمكن من فعله ،لأنني لا أعرف أن أفعل شيئا آخر وفي عمري هذا فأنا غير صالحة للعمل،فمن يعطيني وظيفة ؟ لا أحد.لذلك فأنا بحاجة إلى أن أكون نشطة وأن أواصل الكتابة.
_______
*المدى

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *