صموئيل شمعون … الطريق الطويل إلى هوليوود


أشرف أبو اليزيد
دأب صموئيل شمعون، ذلك الاسم الذي يعرفه الكتاب المشارقة والمغاربة، مثلما يعلمه المهتمون بالأدب العربي في الشمال والجنوب؛ دأب على أن يكون مُجدِّدًا.

فهذا الكاتب المهموم بكل شيء له طرف بالثقافة، كان مجدِّدا حين نشر بالمشاركة مع زوجته البريطانية مارجريت أوبانك، مجلة “بانيبال”، وهي المجلة التي أصدراها بالإنجليزية “لتروّج” للأدب العربي، وقد جاءت مثل مولود انتظره عشاق الثقافة العربية مطولا، وفرحتُ به ، كما فرح آخرون، وسعدتُ أنني كنتُ أول من كتب عن “بانيبال”، أثناء عملي بمجلة نزوى، في سلطنة عُمان.

لم تعد “بانيبال” بحاجة إلى تعريف، وهي التي تصدر ورقيا وإلكترونيا، وقد كبرت العصافير على أغصانها، وفرَّخت سلالات طارت إلى أشجار أخرى عبر بستان “بانيبال”.

هذا الفتى الآشوري، القادم من العراق، والمسافر بين عواصم العالم، يضعها في جيبه حينا، وحينا في قلبه، تسأله عن تونس فتعلم أنه أقام بها سنوات، وعن باريس فيخرج لك روايته “عراقي في باريس” الذي حلم بالسفر إلى هوليوود ليحقق “أحلاما” كسينمائي تمر عبر “كوابيس” المدن العربية ما بين عمان ودمشق وبيروت، تلك الأخيرة التي شهدت مشاركته بإعلام المقاومة الفلسطينية، ولا ينجو إلا بتأشيرة فرنسيّة بوصفه لاجئاً عراقياً في سنوات الحرب العراقيّة الإيرانيّة.

لم يصبح صموئيل شمعون هوليووديا، لكن حياته جديرة بفيلم تنتجه السينما العالمية، فهي لا تخبرك عن حياته قدر كشفها عن حيوات العرب، في الوطن المنفى، والمهجر الوطن.

وما هي مناسبة الكلام؟

إنه دأب المُجَدِّد مع مجلته الجديدة التي أهداني عددها الورقي الخامس حين التقينا في تونس قبل أيام، والتي أسماها “كيكا. مجلة الأدب العالمي” ، وقد خص بملفها الأكبر الأدب الياباني، ص ص 50 ـ 163، تفتتحه تانامي أويه بمقالها: الحوار مع الأدب العربي في اليابان، والتي عرضت فيه لمشاركة كاتبنا:

“أثارت كلمة الافتتاح التي ألقاها صموئيل شمعون جوًّا حماسيا لهذا الحدث برمته ، حيث ألقى في مقدمته الضوء على تجربته الشخصية في قراءة يوسف إدريس وطه حسين بصورة خاصة، مدخلة الجمهور إلى هذا العالم الكلاسيكي الحديث للأدب العربي. بعد إشارته إلى المصاعب التي واجهها حين مغادرته العراق، ثم اجتماعه بالأدباء العرب في باريس، قرأ مقطعا من روايته “عراقي في باريس”، ثم شرح كيف قام بتأسيس مجلة بانيبال التي بدأت معها حقبة جديدة في مشهد الأدب العربي المعاصر في العالم الناطق بالإنجليزية.

من اليسار: تانامي أويه و كاورو ياماموتو و ماساتسوغو أونو ويوكو تاوادا
من اليسار: تانامي أويه و كاورو ياماموتو و ماساتسوغو أونو ويوكو تاوادا

كتبت تانامي أويه هذه الافتتاحية باللغة الإنجليزية، ونشرت في مجلة “بانيبال” العدد 51، والترجمة العربية المنشورة في “كيكا” قامت بها الشاعرة الفلسطينية ريم غنايم.

افتتاحية تانامي أويه تحدثت عن مشاركة الروائية والأكاديمية منى برنس والروائي راوي الحاج ، والكاتب محمد خشان، وحضرها من الجانب الياباني أكاديميون وباحثون منهم الكاتب الياباني الشاب ماساتسوغو أونو، الذي قرأ رواية “عراقي في باريس”، في ترجمتها الفرنسية، وأوصى بضرورة ترجمتها إلى اللغة اليابانية.

في المختارات تترجم ريم غنايم قصة قصيرة كتبها ماساتسوغو أونو تفوح منها البحر فيعالم الجزر المسمى “اليابان”، رغم أن جده، البطل في القصة، كان يخشى البحر حتى إنه ذهب يعمل في التلال ليبتعد أكبر قدر عن الموج الغادر، ومع ذلك فقد أصبح ذلك الجد، كما تكشف قصة ماساتسوغو أونو ، عوامة بحرية!

عن الألمانية تترجم سالمة صالح قصة يوكو تاوادا “وثنية في دير وثني”:

“رغم أن كلمة “ناسكة” لها رفعتها، إلا أنها بدت لذائقتي جافة وباردة جدا. لم تكن تناسب المرح واليقظة والعاطفة النسوية والفكاهة التي تمتعتُ بها في الدير. وعلى العكس تفتح كلمة “راهبة” الناضجة حقل مشاركة واسعا، لكن النساء في ديري لم يكن بالتأكيد راهبات. وهكذا كان علي أن أتخلى عن هذه الكلمة. أستخدم في السر في يومياتي كلمة “سيدة الدير” التي لم أجدها في قاموسي”

هذان النموذجان اللذان أشير إليها من منتخبات “كيكا” للأدب الياباني دالتان، وتذكرانني بعوالم آسيا حين بدأت قراءة الشعر الكوري، وسعادتي وأنا أترجم لشعرائه الكبار، مثل كو أون، وأو ـ تشو هيون، فهما، مع كوكبة ذلك الشعر والسرد في الشرق الأقصى يقدمان عوالم جديدة، مفاجئة، وآسرة. إنهما يلفتان الانتباه إلى الطبيعة، ويفتحان الأبواب أمام أكوان لا يحسبها المشرقي القديم موجودة!

إنها سرالة كيكا في هذا العدد / النموذج ، الذي قدم مع ماساتسوغو أونو ويوكو تاوادا قصص ياسوتاكا تستسوي ، شجرة الدابا دابا (ترجمة خالد الجبيلي)، ويوكيكو موتويا ، الكلاب، (ترجمة محمد حبيب)، وتومويوكي هوشينو ، امرأة من ورق (ترجمة سارة ح. عبد الحليم)، وتوشيكي أوكادا، الإفطار، (ترجمة إبراهيم جركس)، ومقطع من رواية تاغو طوكيو للكاتبة ريكا يوكوموري (ترجمة شارل شهوان)، قبل أن يختتم الملف بمقال يقدم ملامح عامة وتجربة شخصية لترجمة الأدب العربي المعاصر في اليابان ، قالت فيه كاورو ياماموتو:

“ثمة عوامل اجتماعية وسياسية واقتصادية عديدة كانت تكمن وراء هذا الاهتمام بالأدب العربي المعاصر. منها مثلا فكرة التضامن مع شعوب العالم الثالث، وتداعيات أزمة النفط ، وتصاعد الوعي بخطورة القضية الفلسطينية”.

عدا الملف قدمت “كيكا” رسالتها بأقلام حسين الموزاني، وبيار أوستير ورينيه كورونا (اللذين ترجمهما كاظم جهاد)، وجيريمي هارلي وآندريه نفيس ـ ساحلي …

كيكا، مجلة فصلية مستقلة، تعنى بشؤون الأدب في العالم، تحتفل بعد أيام بمرور عامين على تأسيسها (26 أبريل) وتصدر عن كيكا ميديا، لندن، للناشر والمحرر صموئيل شمعون، وهي شمعة ثقافية جديدة أضاءها نجمُنا على الطريق الطويل إلى هوليوود.

* آسيا إن

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *