معرض بانجيا 2 / فن جديد من أفريقيا و أميركا اللاتينية


يبدو ان الإنتماء للمكان ليست له أهمية كبيرة في الفن في وقتنا الحاضر؛ فالتوجهات الجديدة في دكار يمكن إستيعابها في دالستون. بعد ان جاب العالم على مدى أكثر من ثلاثين عاما، لابد ان يكون جامع الأعمال الفنية تشارلز ساتشي أكثر إدراكا منا لهذا الأمر، ما يجعل القسم الثاني من معرضه للفن المعاصر – من قارتين – مثيرا للحيرة. 

العنوان يستحضر الصور التي عفا عليها الزمن لمستكشفين يرتدون خوذاً من الخوص، و يعيد الى ذاكرتنا القطع الأثرية النفيسة التي تثير الدهشة. الحقيقة هي ان معظم هؤلاء الفنانين على دراية جيدة بلغة الفن الدولي المعاصر الناجح . بعض هؤلاء الفنانين أنجز أعمالا يعود الفضل فيها الى ساتشي نفسه، فالمعرض الأول، مثلا، يتوافق مع الأسلوب الفني الكلاسيكي لساتشي المتمثل بأشياء صغيرة كثيرة مكررة في مساحة واسعة. في هذا الصدد، ملأ جين فرانسوا بوكلي، من مارتنيك، المعرض بمئات بل آلاف من الحقائب البلاستيكية الزرقاء بعضها منتفخ ليصنع نوعا من الفن التشكيلي الذي قد يجعل الزائر يفكر بالهدر و التبذير. 
فنانون آخرون – مثل أبوديا من ساحل العاج التي تعتبر لوحاته عن شخصيات واسعة العيون و بصلية الر أس لوحات قبلية مبالغ فيها – يحذرون من البحث عن سمات حسب الإنتماء أو العرق. المعرض يشجّع أيضا على قراءة الأعمال التجريدية للفنان فيدريكو هيريرا من كوستا ريكا على أنها ملونة بألوان إستوائية. 
بانجيا – في حال لم تعرف مكانها – هي الأحدث في سلسلة القارات العملاقة، كتلة من الأرض كانت قبل 270 مليون سنة تضم كل القارات المعروفة اليوم، أي العالم كله. تشكيلات ساتشي المختارة عشوائية بشكل مناسب. في الواقع ان المعرض ينجح أكثر عندما يتوقف الزائر ليحاول فهم اللوحات و الإستمتاع بها كما هي عليه – حقيبة مليئة بالمشتريات المختلطة الحديثة .
لحظات من الجمال و الفكاهة. اللوحات قوية جدا مثل لوحة ” هوريزونتي اون كالما ” للفنان أليدا سرفانتز الذي ولد في سان دييغو و ترعرع في مدينة تجوانا المكسيكية الحدودية و تدرب في إيطاليا، انه يحوّل الإنقسامات القائمة على العرق و الجنس و الطبقة و الثقافة الى تمثيل صامت معبّر لا ينتهي. لابد ان يستمتع الزائر بهذا المعرض أياً كان المكان الذي ينتمي اليه .
_____
*ترجمة المدى

شاهد أيضاً

العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات) “طربوش أبو عزمي العلي”:   العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية زياد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *