محمد هاشم عبد السلام
قدم الناقد السينمائي في مجلة “فارايتي” الأمريكية العريقة المتخصصة في السينما والمنوعات، جي ويسبيرج، استعراضاً مميزاً عن فيلم المخرجة الإماراتية نجوم الغانم “سماء قريبة”. وتالياً ترجمته:
يثبت فيلم “سماء قريبة”، الذي يتناول قضية تمكين المرأة، بما لا يدع مجالاً للشك، أنه ليس بمقدور أحد أن يُظهر ويُبرز جمال بلادها، أفضل من المخرجة الإماراتية الرائدة نجوم الغانم.
وبالإضافة إلى أن موضوعها هنا على قدر من القوة والروعة: فاطمة بنت علي الهاملي، المرأة الإماراتية الوحيدة التي تُشارك بجمالها في مسابقات الجمال أو الإبل، امرأة شجاعة لا تخشى شيئاً، ينطبق عليها مصطلح “النباهة”، بشخصيتها المتميزة تشق لنفسها طرقاً تكسر الأعراف، وبالرغم من ارتباطها ارتباطاً كاملاً بعادات وتقاليد أهلها وشعبها، فإنها تحاول أن تلقي حجراً في المياه الراكدة بدون إفساد للمياه.
وليس هناك شك في أن فوز الفيلم بجائزة مهرجان دبي العام الماضي، سيطلق هذا الفيلم في سماء المهرجان الدولية القادمة.
تنبع متعة الفيلم من المزج بين موضوع الكاريزمية والصور البصرية الشعرية، وكما هو الحال مع فيلميها السابقين “أمل” و”أصوات البحر”، تظهر الغانم وتبين مدى حساسيتها تجاه المناطق الرائعة بالصحراء حيث الرمال والسماء، إلى جانب إدراكها واعتزازها الفني بالعناصر الفريدة في ثقافتها.
وبالرغم من كونها تبدو على نحو شديد الصغر والضآلة، إلا إن الهاملي أكبر من الحياة، تصمم على دخول حيواناتها الجميلة التي تربيها وترعاها إلى عالم مسابقات الجمال بأبوظبي المقتصر بأكمله على الرجال، الجوائز ليست سيئة: مرة سيارة رانج روفر ومرة رولز رايس.
وبقدر ما كانت ترغب في الفوز، وهي بالفعل تريد حقاً أن تفوز، فإن معركة الهاملي الكبرى كانت متمثلة في نزولها إلى مضمار أو حلبة التسابق، فمنظمو المسابقة كانوا إما يستبعدون جمالها لأنها غير لائقة أو يتعاملون معها بقدر من التعالي والاستخفاف، هذا إلى جانب إبداء بعض المشاركين أو المتفرجين لانزعاجهم من رؤية امرأة تدخل مجال الرجال على مرأى من الجميع. لدرجة أن أحد أبنائها أعرب عن عدم ارتياحه للفكرة برمتها، لكن الآخر، الأكثر دعماً وتفهماً، يقول إن والدته تحاول أن تملأ الفراغ الذي نجم بعد ترملها.
والهاملي، التي تتسم بخفة الدم والمرح، والتي ولدت في الصحراء جنوبي أبوظبي، تظهر في كافة المناسبات أو المواقف الأخرى كامرأة على قدر واضح من التقدير والاحترام لتقاليدها، دائماً تضع وشاح الوجه الخفيف المسمى البرقع، لديها مساعد سوداني يتعامل مع أي مهام بدنية أخرى تخص الجمال، باستثناء، مثلاً، غسل شعر الجمال بالشامبو، كما أنها تفضل بيتها بالصحراء عن منزلها بالمدينة، وهي أيضاً من أنصار الترويج لمنتجات الجمال الشهية، من زبد حليب الإبل الطازج.
إن هذا المزيج الذي جمع بين الهاملي والغانم من المصادفات السعيدة والموفقة فعلاً، نظراً لأن العين الثرية والحساسة للمخرجة تجاه العالم من حولها جمعت بين الشعور بالاحترام تجاه ما هو غريب ومُسل وممتع.
وجاءت عدسة بنيامين بريتشارد سينمائية بامتياز وأيضاً مثيرة للعواطف والذكريات، مع إحساس مُرهف في التقاط الكادرات وتأطيرها، إلى جانب لقطاته الخلابة فوق الكثبان الرملية التي استحضرت عالماً غريباً لكنه مألوف، وحتى اللقطات المُنفذة بطريقة التصوير البطيء استُخدمت وجرى توظيفها على نحو يتسم بالحكمة والحصافة.
حتى الآن، عُرض الفيلم في مهرجان دبي السينمائي الدولي في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، وحاز على جائزة المُهر الطويل لأفضل فيلم غير روائي، كما شارك أيضاً في مسابقة مهرجان هونج كونج السينمائي. يبلغ زمن عرض الفيلم 85 دقيقة، وهو من تأليف وإنتاج وإخراج نجوم الغانم.
– موقع 24 الاخباري