مختارات من ” كتاب الحب “


محمد بنيس *



أنَــا لاَ أنَـــا

أنا الأندلُسيّ المقيمُ بين لذائذِ الوصْلِ 

وحَشرجاتِ البَـيْنْ

أنا الظاهريُّ 

القرطبيُّ 

الهاجرُ لكلّ وزارةٍ وسُلطانْ

أنا الذي رُبّيتُ بينَ حُجُور النسَاءِ

بينَ أيْديهنّ نشأتُ

وهنّ اللواتي علّمنني الشعرَ والخطّ والقرآنْ

ومنَ أسرارهنّ أعلمُ ما لا يكادُ يعْلمهُ غيْري

أنا الذي يقولُ: «الموتُ أسْهلُ من الفراقْ»

هذهِ شريعتي

أنْ أبوحَ لأهْلِ الصّبابةِ 

في بغدادَ وفاسَ 

وقُرطبةَ

والقيِروانْ

أنْ أصاحبَ الدّمعةَ إلى وَساوسِ حُرقتها

أنْ أباركَ وردةً بينَ معْشوقٍ وعاشقٍ

وأكتبَ لكْ 

عنْ هذه البذرةِ التي تكْفي

لكلّ من يكونْ

بينَ مَسالكِ السّمعِ والبصرْ

في حَضرةِ 

الجُنونْ

الحبّ نهرُ الأبدْ

لا شيْءَ غيرُ جداولَ 

تتوَاصلُ

في عَرائهَا 

هذا هُو الحبّ

أنا الذي يقولْ 

ألمثْلُ إلى مثلهِ يسْكنُ

المثلُ بمثله يَتصلُ

أنا الذي يقولْ

أجزاءُ النفوسِ تتجَانسُ

وفي الأندادِ 

التوافقُ

أنا الذي يقولْ 

جرّبتُ

وشاهدْتُ 

خذ بمَا علمتُ عنهنّ وعنّي

هُوَ الحبّ مزّاجُ النفوسِ المُتشابهَةْ

سرّ الطوقِ فيكْ

سرّ التبدّدِ

فيكْ

يا هذه النفسُ

ذاتُ العوالمِ الخفيفةْ

أنا الذي يقولْ

ما تمكّنَ من النفسِ لا يفنى إلا بالموْتِ

وأنتِ

طيري عالياً 

وَطيري

في فضاءِ الوشمِ

تقصّدي

نداءَ المَاءِ

أنتِ

بشهْوةٍ طوّقتُكِ أيتها الحَمامةْ

وأنتِ هكذا أيتها النّفسُ

غَمامَةٌ تدفعُهَا غمامَةْ

الحبّ شهْوتان

في أحشاءِ كل واحدٍ منا شهوةٌ

كنتَ رجلاً كنتِ امرأةْ

شهْوة لهَا الجُموحْ

ومصيرُنا شهوةٌ لا نتـقيـها

امرأةٌ تقولُ: شهوتكَ أنا أيّها الرجُلْ

رجلٌ يقول: شهوتُكِ أنا أيتهَا المرأةْ

ونحنُ معاً 

طائعانِ لحتْمكِ 

أيتها الشهْوةْ

يوسُفكِ هذا 

يا امرأةَ العَزيزْ

وصرختُكِ 

صرخاتُ كل امرأةْ

لا حَاصنَ لكنّ

هيتَ لكَ يا يوسفُ 

هيتَ لكْ

ونساءُ المدينةِ على مُتكئِهنّ

لكلّ واحدةٍ منهنّ

سكّينٌ 

فاظهرْ عليْهنّ يا يوسفُ

حاشى أن نرى إليْكَ 

بغير الشهْوةِ 

يَا يُوسفُ 

حَاشى

وأنا أرى إليْكنّ

تقطّعْنَ أيْديكنّ

ودَبيبُ 

الشهْوةِ يمْشي في كاملِ الجَسدْ

الحبّ هـَــوى

امرأةٌ أوْ رجلٌ

مَنْ أحسّ منهُما، في مكانٍ،

بغيرهِ 

نادَى على عيْنيْهِ أو شفتيْهْ

تقدّمْ يا نداءُ إليْهْ

رنيناً 

عطْراً 

كلماتٍ 

خالاً مُدمّى

فتحةَ أزرارٍ

ماءً على بَشرةٍ يفيضُ وينسابُ

تقدّمْ واسْكُبْ عليْهْ

مَوْقدَ الهوَى

واشْربْ ما تشاءْ

مِنْ سَلسبيلِ العُرْيِ ضاحكاً 

بينَ يديْهْ

رجلُ أو امرأةٌ 

وشمعدانٌ 

قطراتُ ضوْءٍ فاتكٍ

في 

أقصَى مَكانٍ

يا ذوْبَ الأنينِ

كوْكبْ 

جمْرتيْهْ

هيّـــأتُ

لكِ هيـأتُ ليلةً بحَنّائـها

هيأتُ شرفة تقربُني 

منْ رَياحينِ فاسْ

وقلتُ لوشمةٍ 

ترَقْرقي 

نديةً فوقَ هُبوبِ شوقهَا

لكِ هيّأتُ وردةً 

هيّأتُ موْجهَا 

ونُـثارهَا

وقلتُ لنعُومة تشْهقُ بيْـننا 

هيَ لكْ

شعْلةٌ أخرى لشفتيْكْ

لكِ هيّأتُ مسْكاً وعَنبراً ولُبانْ

مزجْتُ ملْمساً 

بمَلمسٍ

وقلتُ للشفقْ 

أخَا النبيذِ أنتَ أخي

طرْ بي إلى حيثُ يمْحُو المعَاني عشْقُ الأبدْ

الحُبّ آيـة

بعيْنيكَ اخْطفْ عيْنيْهَا 

وانْفردْ بهما 

في لؤلؤةِ السّكينةْ

بعيْنيْكِ احْرقي يديْهِ

وانْسَكبي قطرةً 

فقطرةً على شفتيْهِ

وبلّلي تُخومهُ 

بشهْوةٍ 

أمينة

عينايَ لي أبراجٌ

طاعةٌ 

إصغاءٌ 

حذرٌ 

تلذذٌ

وحيْراتُ طفلٍ أودعني حنِينَهْ


* شاعر وباحث من المغرب
( الاتحاد الثقافي )

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *