” حدائق الشمس ” للشاعر التونسي شمس الدين العوني



( ثقافات )

   صدر للشاعر التونسي شمس الدين العوني مختارات شعرية بعنوان «حدائق الشمس» عن دار البدوي للنشر والتوزيع. وجاءت المجموعة في 160 صفحة من الحجم المتوسط وقد حلت على الغلاف لوحة للفنان التشكيلي علي الزنايدي. الدكتور محمد البدوي قدم للمجموعة من خلال نص مختصر أبرز فيه خصائص تجربة الشاعر شمس الدين العوني، من ذلك علاقته الجمالية والوجدانية بالمكان كمجال شعري، مشيراً الى حضوره عبر دلالات متعددة يجمع بينها ما هو شعري وإنساني. وأشار الدكتور حسين العوري في قراءته النقدية لتجربة الشاعر العوني الى لون الكتابة الشعرية التي تتسق مع الحداثة الشعرية التي عرفها المشهد الشعري العربي في ستينات القرن الماضي وأثر ذلك في قصائد الشاعر، وللإشارة فإن تجربة العوني قد لفتت اليها اهتمامات النقاد التونسيين والعرب ومنهم خصوصاً مصطفى المدايني ومحمد صالح بن عمر ومحمد البدوي وفوزية المزي والهادي خليل وحسين العوري وسنيا الشامخي وعبدالحميد شكيل من الجزائر وشاكر سيفو من العراق وجميل حمادة من فلسطين، وغيرهم.

وقال الناقد محمد صالح بن عمر في دراسة له بعنوان «الشعر والشاعر» عن تجربة العوني الشعرية «للذات الشّاعرة في هذه المجموعة حنين قويّ معلن إلى أمكنة معيّنة قد انطبعت صورها في ذاكرتها على نحو عميق، ومردّ هذا الحنين، في ما يبدو، إلى ما يحفّ بها من أجواء شاعريّة كثيفة تجاوب معها حسّ الشّاعر الفنّي، وهذه الأجواء قد لا ينتبه إليها الإنسان العاديّ. لكنّ الشّاعر بل الفنّان عامّة يرى فيها ما لا يراه الآخرون بفضل قدرته على تفجير الدلالات الموحية الكامنة في التفاصيل الصغيرة ثم التوسع فيها وتضخيمها بفعل كفايته التخيلية العالية، فإذا المكان الذي يزوره آلاف الأشخاص في اليوم دون أن يحرّك فيهم ساكناً يتحوّل عند الشاعر والفنان مطلقاً إلى عالم سحريّ يأخذ بالألباب ويأسر الأفئدة».

وقال الشاعر العوني في هذا المعنى «لم تكن الأمكنة مجرد تِعِلاّت لاكتمال المعنى بل أضفت على الكائنات ضرباً من أَسْطَرَة الأحوال». وهذا ما توحي به إليه دمشق إذ لاحت له «مفتوحة على الأبجديّة بكثير من الدّهشة.. متعة الصمت أمام ذهول الحالات». وأمّا بيروت فيلفته فيها «بهاء الرّوشة وهي ترقص في مياه الزينة وجمال زهرة الكريسمس المتوحّش أكثر من حرب أهليّة».

ويتراءى له «دم قصائد يحيى جابر وبول شاؤول وشوقي بزيغ، وعطور الماغوط الذي مرّ بها».

وأمّا إسطنبول فلم يستوقفه في إحدى ساحاتها الكبرى إلاّ عازف حوله أسرابٌ من الحمام فيتحوّل النغم الذي يصدره من مادة سمعيّة إلى مادة بصريّة ويكتسب بحكم الجوار القدرة على التّحليق، إذ قال العوني «اشتد العزف فرأيته يحلّق مع شعب من الحمام».


شاهد أيضاً

فصل من سيرة عبد الجبار الرفاعي

(ثقافات)                       الكاتب إنسان مُتبرع للبشرية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *