*إبراهيم عادل زيد
إذا أردت أن تعرف خبرًا عن كتابٍ أو رواية وذهبت إلي محرك البحث الشهير “جوجل” وبحثت عنه ستجد عددًا من المقالات النقدية أو “العروض” التي تتناول الكتاب من وجهة نظر تبدو في الأعم الأغلب “حيادية”، إذ قلما يتناول النقاد والصحفيون الكتب بشكلٍ سلبي أو حتي إيجابي مبالغ فيه، أمّا مع ظهور “جود ريدز” واهتمام القرّاء العرب والشباب به، فقد تحوَّلت وتغيَّرت هذه الطريقة تمامًا وأصبح بإمكانك أن تجد الكتاب مصحوبًا بآراء القرّاء فيه التي ترفع كتابًا وتضع آخرين، ولن يعد أمامك إلا تقييم وجهة نظر كل رأي تبعًا لقراءاته المتعددة أو ربما معرفتك الشخصية به!
الكتاب من لحظة صدوره حتي الانتهاء منه
تختلف طريقة التعرف علي كل كتابٍ جديد كان أو قديم، تبعًا لقائمة أصدقائك علي “جود ريدز” والتي لاشك هي في تزايد مستمر وفقًا لنوع الكتب التي يقرؤونها واتفاقك أو اختلافك حول تقييمهم لكل كتاب، في البداية يحمل الكتاب ـ عادة ـ معلومات أساسية “غلاف الكتاب” وعدد صفحاته ودار النشر والنبذة التي تضعها الدار علي خلفية الكتاب لكي توضح للقارئ مادة الكتاب أو محتواه، بعد ذلك ينتقل الكتاب إلي قائمة (سوف أقرؤه ـ تو ريد) التي قد يبقي عليها أيامًا وربما شهورًا وأعوامًا، حتي ينتقل “بقدرة قادر” إلي (أقرأ حاليًا) وحينها يجب ألا تكتفي بتحديد الصفحات التي تصل إليها أثناء القراءة بل يفضَّل أن تضع مقطعًا أعجبك أو وصلت إليه عند كل مرة، وربما أضفته فيما بعد إلي “اقتباسات من الكتاب” حتي تنتهي من الكتاب فيقترح الموقع عليك أن تكتب عنه مراجعة/ تقييمًا، وإذا كان تقييمك له أكثر من 4 نجوم يقترح عليك أن ترشِّح الكتاب لأحد أصدقائك علي الموقع.
بالطبع لا ينتهي الأمر عند هذا الحد، فبعد كتابتك لمراجعة ربما تتلقي تعليقات من قرّاء آخرين يتفقون أو يختلفون معك فيما كتبت أو يشيدون بكتابتك أو يناقشونك فيه، أو تفاجأ بالكاتب نفسه يلومك علي ما كتبت إذا كنت قد انتقدت كتابته، أو يجمع لك أصدقاءه (حالة الكتاب الشباب) لكي يردوا عنه.
وقد اهتمت بعض المواقع العربية الثقافية مؤخرًا بالقراء علي جود ريدز فوجدناهم يفردون لهم زاوية في الصفحة مثلما فعلت مجلة (العربي الجديد) في باب “للقراء آراء” يستطلعون فيه ما كتبه القراء علي جود ريدز في رواية معينة، وكان لذلك أثر أيضًا في لفت الأنظار إلي الروايات المرشحة للبوكر وتقييم القراء لها من عدمه، بالإضافة إلي ذلك قام أحد الكتاب (وهو الروائي السوداني أمير تاج السر) بإضافة آراء قراء روايته (قلم زينب) إلي الغلاف الخلفي للرواية في لفتةٍ ذكية ومشجعة لهم ولآرائهم.
اختلاف لايفسد للود قضية!
بعد طول مكوث وقراءة علي “جود ريدز” تبدأ في تكوين ما أسميه “بأصدقاء القراءة” الذين قد تختلف آراؤك عن آرائهم، ولكنك تلتمس في كتابتهم وقراءاتهم للكتب ثقافة ووعيًا لايمكن إلا أن تحترمه، ينشأ عن هذه الصداقات أشياء طريفة بعد ذلك حيث يتعرّف القرّاء علي أذواق بعضهم وتفهم ذلك النوع من الاختلاف الذي يجعلك تتقبّل أن يرتفع البعض بكتابٍ ما إلي سماء النجوم الخمسة بينما لا تمنحه أنت أكثر من نجمة واحدة! وربما يحالفك الحظ للاشتراك في واحدة من صالونات القراءة الموجودة علي الموقع (مثل صالون الجمعة) و(صالون الأدب الروسي) حيث تجتمع آراء عدد من القراء علي قراءة كتابٍ معين ويشاركون بعضهم في قراءته والنقاش حوله لحظة بلحظة، وينتج عن هذه الصالونات نقاشات مثمرة وجميلة.
”أبجد” للقرّاء العرب
منذ نحو 3 أعوام ظهر علي الساحة موقع عربي يوازي (بل وربما ينافس) “جود ريدز” مستفيدًا من تقنيات “فيس بوك” و”جود ريدز” في صنع موقع يجمع القرّاء العرب بشكل أساسي (رغم أن به نسخة إنجليزية) يحتوي مع الكتب والتقييم عليها، اقتراحات للقراءة ومقالا شهريا عن كتابٍ يعرضه أحد القراء، بالإضافة إلي “أبجديات” التي تقابل “الاستيتس” علي فيس بوك، ربما لم يجذب “الموقع العربي” قرّاء جود ريدز المحترفين، ولكنه بقي فرصة ووسيلة أخري لمشاركة القرّاء في الكتب وتبادل الآراء حولها، لاسيما الذين وجدوا صعوبة في التعامل مع جود ريدز.
قرّاء محترفون ودور نشر غير متهمة
حتي الآن لا يبدو اهتمام دور النشر بمواقع مثل “جود ريدز” و”أبجد” كبيرًا، إذ كثيرًا ما تجد الكتب الجديدة غير مضافة علي الموقع، وربما تضطر لإضافتها بنفسك، رغم أن إضافة الكتاب علي جود ريدز أو أبجد ليس أمرًا عسيرًا، ولكن يبدو أن هناك الكثير من دور النشر (لاسيما الكبيرة) لم تول الأمر اهتمامها بعد، فيبقي الأمر معتمدًا علي القراء المحترفين الذين يهتمون بكتابٍ ما ويسارعون بإضافته بل ربما وقراءته وترشيحه لأصدقائهم، بالإضافة إلي إنشاء مجموعات خاصة بكتب معينة مثل “إصدارات جديدة في معرض الكتاب) أو (الكتب الحائزة علي جائزة بوكر) أو سلاسل معينة مفضلة، هذا بالإضافة إلي أن كل قارئ يمكنه أن يقسم الكتب في مكتبته الخاصة بين كتب مفضلة أو كتب أدبية أو شعرية أو حتي كتب مملة وغيرها من التصنيفات، وهكذا يتبادل القراء الآراء والأفكار بين الكتب التي يقرؤونها أو يسمعون بها أو يعرفون معلومات عنها حتي وإن لم يقرؤوها .. باستمرار.
سجالات ممتدة
في ظني أن الكاتب الذكي علي جود ريدز هو الذي يتواجد ولكنه لا يفرض رأيه، أو يدخل في سجالات طويلة ممتدة مع القرّاء، يُفترض أن الموقع وضع خصيصًا لكي يضع كل قارئٍ رأيه وتقييمه (بالنجوم الخمسة الشهيرة) فيما يقرأ، وأنت مهما بلغت جودة ما تكتبه فلست بقادرٍ علي فرض رأيك وتقييمك علي قارئ لم يربطه بك إلا كتاب، وقد شهد “جود ريدز” في فترة من الفترات (وربما يشهد دائمًا) سجالات مطولة بين الكاتب صاحب العمل وقارئ أو عدد من القراء ينتقدون عمله ربما بسبب طريقتهم المستفزة في الكتابة وربما لأنهم يغيّرون ما اتفق عليه قراء آخرون، وربما لأنه يريد أن يوضح وجهة نظر أخري لم ينتبه إليها القارئ، ولكن تبقي السلطة في النهاية والقول الفصل للقارئ الذي قرأ الكتاب ولم يكتفِ بقراءته بل اجتهد لكي يكتب عنه تعليقًا طال أو قصر، لذلك ربما يلجأ بعض الكتّاب (لاسيما الشباب) إلي تحفيز أصدقائهم و”قرائهم” للمشاركة في “جود ريدز” وكتابة تعليقات مطوّلة عن كتبهم و”رفع تقييمها” إلي مستوي النجوم الخمسة، إلا أن ذلك الأمر لا يصمد طويلاً لاسيما أمام “القارئ المحترف” الذي يعرف الأشخاص الحقيقيين المشاركين بفعالية في الموقع من الآخرين الذين اشتركوا فقط لكي يكتبوا عن كتابِ وانصرفوا! بل ربما لجأت بعض دور النشر الحديثة إلي حث قرائها أيضًا للمشاركة في موقع “جود ريدز” ووضع تقييمات عالية لكتبهم مما يؤثر علي تلقي العمل، بل وربما يرفعه فجأة إلي مصاف “الأعلي مبيعًا”!
________
*أخبار الأدب