هاروكي موراكامي يبدأ بالتواصل إلكترونياً مع قرائه


بعد عقود من الكتابة توجته اسما ناجحا كروائي عالمي ما جعل منه، وهو الكاتب السريالي، كما أطلق عليه النقاد أن ينقل تجربته الروائية إلى شبكة الانترنت في موقع خاص له، سيطلقه قريبا يتلخص في تلقيه أسئلة قرائه والمعجبين به في كل شؤون كتابة القصة والرواية، وأخرى منوعة تخص الجانب الحياتي والشخصي له .

رحلة داخل حياته
وقبل أن نتعرف على أولى الأسئلة التي سوف تطرح عليه يأخذنا بيلينغ الصحفي في صحيفة “فاينانشال تايمز” في رحلة داخل حياة موراكامي الخاصة، وكيف يعيش يومه الذي يقول عنه أن هاروكي موراكامي يستيقظ في الساعة الرابعة فجرا، حيث يعمل لمدة خمس أو ست ساعات متواصلة يذهب بعدها إلى المسبح في الساعة العاشرة صباحا وقبل انتصاف النهار يجلس للغداء ثم يعود في الساعة الواحدة والنصف ظهرا ليستمع إلى الموسيقى، التي تكون عادة مؤلفة من الجاز أو الكلاسيكية التي يعشقها بعدها يعود للكتابة حتى التاسعة مساء، حيث يذهب إلى الفراش لينام مبكرا بعد تناول وجبة خفيفة هي عشاؤه اليومي كما يقول .
هذه بعض فترات الهدوء الروتينية له وهو يعيش عمليته الإبداعية، حيث يعشق الانفراد والهدوء والانجذاب إلى عالم آخر يعيشه داخل روحه الملتاعة نحو كل ما هو غريب في هذا الكون، قال لي ذات مرة قبل عقد من الزمن على الغداء في طوكيو:
“هناك طابق سفلي في منزلي، أحب دائما أن تكون إنارته خفيفة، فأنا أحب الظلام لأنه يشعرني بمتاهتي، وهي ما أحتاجها عندما أقوم بالكتابة أو الأخذ بقيلولتي في بعض الأحيان .
قليل الكلام
السيد موراكامي ليس ثرثارا بالضبط. انه يتجنب التورط مع جحافل من المشجعين له، قد يكونون بانتظاره خارج منزله، مفضلا التخفي، وهو يجوب الشوارع، حتى عندما يكون في طوكيو، متجنبا في الوقت نفسه التوقف فيها والدخول بمناقشات مع حشد من معجبيه من القراء، الذين يعتقدون بتكبره مع أنه بعيد عن هذا الاتهام، لأنه لا يريد أن يكون سببا في إثارة الشارع، حتى وهم يطلقون عليه غريب الأطوار، وأنه ليس يابانيا .
بينما يعد بقية من أعجب به وحتى النقاد أن الإفراج عن كل رواية جديدة له في اليابان هو حدث رئيس مهم والكثير، منهم يقفون خارج المتاجر بطوابير طويلة للحصول على نسخة منها، مع أن شهرته تلك لم تسمح له بالحصول على جوائز معروفة ومهمة هناك، كجائزة أكوتاجاوا وهي من أرفع الجوائز الأدبية المرموقة في اليابان، ولا على جائزة ناوكي للخيال الشعبي .
في العام 2013 قال انه تحدث في حفل أقيم في كيوتو حضره أكثر من 500 ألف من مشجعيه في أول ظهور علني له في اليابان قبل 18 عاما، فهو دائما ما يشعر بالخجل من الدعاية له ورفض مرة استخدام صورته في كتاب عن اليابان وطلب من ناشره إزالته .
الآن وبعد نجاحاته المبهرة في عالم الكتابة صرح فجأة لبعض ناشريه أنه يريد تبادل الرسائل مع قرائه من على موقعه على الانترنت أسماه – موراكامي سان لا Tokoro ” مكان السيد موراكامي ” داعيا جماهيره لكتابة كل ما يحيط بهم حتى شؤونهم العاطفية، القلق الوجودي، الموسيقى، رواياته، قصصه .
موراكامي في بداياته كان موسيقيا كتب ولحن أولى أغانيه هي ” أسمع غناء الرياح” التي حازت على شهرة واسعة ، بعدها قام بكتابة أولى قصصه التي نشرتها له مجلة Gunzo الأدبية ثم ما لبث أن قدم روايته الأولى “مطاردة الخراف البرية ” التي لاقت نجاحا كبيرا، لكن انطلاقته الحقيقية جاءت مع روايته الثانية “الخشب النرويجي “عن قصة حب فيها من الألم والحسرة تقع أحداثها في أعقاب حركة 1960 باع منها 4 ملايين نسخة وبعد اضطراره للهجرة إلى المملكة المتحدة عاد
بكل الزهو والفخر إلى بلده اليابان بعد تسع سنوات قضاها في منفاه الاضطراري .
 
نبذة تعريفية
ولد موراكامي في العام 1949، حيث نشأ وترعرع في مدينة كوبي التي تحوي على مينائها الشهير بالاسم وشهدت أولى معجزات الاقتصاد فيها، هو ابن كاهن بوذي وابنة تاجر من أوساكا، درس الأدب الياباني ثم سرعان ما تمرد على دراسته تلك حيث راح ينهل من الأدب الغربي، فقرأ بداية رايموند تشاندلر وجاك كيرواك وأثناء دراسته في طوكيو، التقى يوكو التي تزوجها من دون أن ينجب منها حتى الآن، سافر بعدها إلى الولايات المتحدة الأميركية لأغراض التدريس هناك في جامعاتها بما في ذلك جامعة هارفارد وبرنستون وبعد تسع سنوات عاد في العام 1995 ليجد المعجزة اليابانية التي ابتدأ مشوارها من كوبي تنهار بفعل الزلزال المدمر الذي ضربها وانهار بسببه معظم بنيتها التحتية وبعد شهرين من أداء طقوس عبادة يوم القيامة التي قام بها اليابانيون من أجل أرواح ضحايا الزلزال هاجم مترو طوكيو بالغاز القاتل ثلة من النازيين اليابانيين الجدد ما انعكست كل هذه الآلام على إبداعاته الكتابية لاحقا فجاءت أكثر قتامة من سابقاتها . وبالنظر لمواقفه العديدة التي تمس الحياة الإنسانية منها الداخلية والخارجية فقد تعرض لضغوط عديدة من قبل السلطات في اليابان لمنعه من الإدلاء بأي من التصريحات والفعاليات التي منها قبوله جائزة القدس العام 2009 لتعزيز الحرية الفردية وإلقاؤه خطابا مؤيدا للفلسطينيين وكذلك كتابته عن تجارة الخمور الرخيصة ومقارنته إياها بما هو موجود في اليابان والصين وكوريا الجنوبية .
عن / صحيفة فاينانشال تايمز/ الصباح الجديد

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *