مهرجان كلاويز الدولي: جسر تواصل بين الثقافات



فاطمة بن محمود

(ثقافات)



في مدينة السليمانية بكوردستان العراق إنتظم مهرجان كلاويز الأدبي في دورته 18 تحت شعار ” شنكال و كوباني .. متراس المقاومة و أفق الحرية “، يبدو من خلال هذا الشعار إنفتاح الأدب على ساحة القتال التي تشهد مقاومة شرسة من الجانب الكردي للدفاع عن مدنهم من خطر الداعش المتطرّف و التي برزت فيها المرأة المقاتلة كعنصر قوة أثار إعجاب العالم.
ما يميّز هذا المهرجان أنه كان في ثلاث نسخ إذ جمع في برنامجه نسخة كوردية و أخرى عربية و ثالثة فارسية مع ترجمة فورية خاصة للمداخلات النقدية و نقاشها.. 
على هامش المهرجان كان الإنفتاح على الفنون التشكيلية من خلال معرض الفنان الإيطالي نيستوري برناردي إضافة الى إفتتاح معرض كبير للكتاب في قاعة فسيحة جدا بفندق سليمانية بالاص القريب جدا من مركز كلاويز أين تقام فعاليات المهرجان .
المداخلات النقدية في النسخة العربية كانت عديدة من بينها مداخلة للروائي برهان شاوي كانت عن علاقة الشعر بالرواية و هجرة الشعراء الى الرواية من خلال نماذج عالمية و عربية أما محاضرة الروائي اللّيبي محمد الأصفر فكانت بعنوان ” النازحون داخل الوطن ” و قدمت فاطمة بن محمود مقاربة بعنوان ” الخصوصية والكونية – شيركو بيكاس نموذجا”.
في الجلسة المسائية قدّم الروائي الكوردي جان دوست مداخلة عن ” كوباني .. سيرة مدينة “… حصص النقاش الخاصة بالمداخلات النقدية كانت ثرية و أثارت اشكاليات عديدة أدبية في مجملها تتعلق بالحدود الفاصلة بين الشعر و الرواية وبين الشعرية و الشاعرية و بين الكونية و العولمة و قد واكب هذه الفعاليات الكثير من المبدعين الكورد من الروائيين و القصاصين و الشعراء والنقّاد مثل سامي داود و لطف هملت و جلال زنكباري..
رافقت فعاليات المهرجان متابعات إعلامية لافتة حرفيا تلفزيونية و اذاعية و صحفية و بأعداد كثيرة لعلها تشير الى تطور التجربة الاعلامية و تنوعها دعّمها حضور إعلاميين كرد بارزين مثل الاعلامي الشاعر سالار تاوكوزي و جمال أحمد جميل.
تزامنت فعاليات مهرجان كلاويز الدولي بالاحتفاء باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة و قد تم دعوة المفكرة المصرية الدكتورة نوال السعداوي من طرف أحد المقاهي الثقافية الشهيرة في المدينة و من ثمة تم برمجة رحلة الى مدينة حلبجة التي تمّ قصفها بالكيمياوي زمن حكم صدّام ذهب ضحيتها خمسة آلاف من سكان المدينة و تشوّه الكثير من الأهالي .. تم فيها زيارة متحف يخلّد المجزرة ومقبرة الشهداء و تسجيل كلمات للضيوف في سجّل المتحف إضافة إلى إلقاء بعض القصائد القصيرة من طرف الشاعرة فاطمة بن محمود. أهم ما يلفت الإنتباه في هذا المهرجان رغبة المشرفين عليه مثل ملاّ بختيار والباحث الأكاديمي نوزاد أحمد هو الإنفتاح على الثقافات المختلفة عربية و فارسية وأروبية و إعتمادها كمنطلق لإثراء التجارب الإبداعية و من ثمّة إنفتاح المشهد الكوردي على العالم لتقديم تجارب مبدعيه المختلفة في الشعر و السرد لذلك يبدو مهرجان كلاويز جسر تواصل بين الثقافات يؤسّس لكونية الإبداع الذي يؤمن بالإنسان و قيمه الجميلة بعيدا عن عقلية التناحر والهيمنة الثقافية.

* شاعرة وصحفية من تونس

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *