المدينة التي نحبها


ماماس أمرير *
(ثقافات)

الهزيمةْ:
أنْ تَتَخلّى عَنْ حُلْمِكْ
تَحْمِلُ قُبّعَةً
وَبُنْدُقِيَةْ
وَتَخْتَرِعُ الحَرْبْ!

الألم يُدَرّبُ أصابِعهُ وَيَمْشي حَثيثاً
الألَمْ: هُوَ أنْ تَلْتَزِمَ الصَمْتْ
وَتَتَمَرّنَ عَلى قِطْعَةٍ موسيقِيّةٍ تُؤدي إلى الإنْتِحارْ

أسْماؤنا
لمْ تَكُنْ شَيْئاً مُهِماً
لمْ تَكُنْ يَوْماً تُشْبِهُنا

أسْماؤنا
تُشْبِهُ كَلْباً بوليسِياً يَحْرُسُنا
بِإيعازٍ مِنَ الآخَرينْ

المَدينَةُ التي نُحبُّها
رَتّبَتْ أحْزانَ اللهْ؛
في القَصيدَةِ تَغاضَتْ عَنْ أسْماءِ الفُقَراءِ
والمُعْتَقَلينْ

حينَ تُدَخّنْ،
تَوَرّطُ هَذا العالَمْ
تُمَرّرُ أسْماءَ المُعْتَقَلينْ
بَيْنَ نَهْدَيْها
وتُعِدُّ لِلعَشاءِ الأخيرْ
فِكْرَةً جَديدَةْ

لا تَجْزَعوا عِنْدَ سَماعِ
هَزيمَ ريحِها

صَوْتُها ألَمٌ عَتيقْ: رائِحَةَ الحُبّ وَالسِجْنْ

حينَ تَبْكي السَماءُ
يَنْتَشي الرَبّ
وَتَتَحَرّرُ المَدينَةُ
منْ قَصائدِها

جَسَدُها مِساحَةٌ مُثيرَةٌ
لِلغِوايَةْ

مَنْ يَذْكُرُ هَمْسَ حَنينِها
وأغْنِيةَ النَوارسِ
المُشَفّرةْ!

ما زالَ مَضْيَقُ البَحْرِ يَبْكي؟
إنَهُ فَمُها الشَهِيْ
إنّهُ صَغيرٌ
بِحَجْمِ قَبْرٍ صَغيرْ

يَبْتَلِعُ أحْلامَ
العابِرينْ ويَسْرِقُ أصْواتَهُمْ

انْظُروا لعَيْنَيْها
تُشْبِهُ قَصيدَةَ حُبٍّ
بِرائِحَةِ الكَسْتَناءْ

مارَأيُكُمْ في الحُبْ؟
كَبيرٌ كَهَذا البَحْرْ
مُرْعِبٌ كَهَذهِ المُحيطاتْ
وَحَزينٌ
كَقَلْبِ هَذِهِ المَدينَةْ

ما يَنْقُصُ هذا الحُبّ:
قِطْعَةَ قُماشْ
وريشَةَ رسّامٍ؛
وشاعِر مُكْتَئِبْ!

لِنَبْدَأُ جَميعاً، بِتَغْييرِ أسْمائِنا
نَتْرُكُ المَدينَة الشَهِيّةْ
تَغْفو
لتَنْسى قَليلاً
أسْماءَنا
وتَتَلمّسُ نَهْدَيْها
في راحَةٍ كامِلةْ

سَتَعْترفُ بِأنّنا أتْعَبْنا
ذاكِرَتِها

سَماؤها العابِسَةْ
سَتُخْبِرُها
فيما بَعْدْ
عَنْ بَقِيةِ الحِكايَةْ

عَنْ زُجاجاتِ عِطْرٍ
تُذَكّرُنا بِفَشَلِ الحُبْ

عن حَقائِبِنا
تَنْتَظِرُ عَلى رَصيفِ المحَطّاتْ
عَنْ امْتِداداتٍ تَرْبِطُنا
بِالحُزْنْ

عَنْ تَضاريسِها
المُسْتَباحةْ

عن الألمِ
يُفَجّرُ أحْشاءها
وأشْياءَ مُرْعِبَةْ

عَنْ أحْلامِ الضائِعينَ
في البَحْرْ
عنْ قَضايا تَسْتَسْلِمُ للغَيْبوبَةْ
عَنْ طوفانٍ مُرْعِبٍ
سيمُرَّ
مِنْ هُنا


* شاعرة من المغرب تعيش في الأردن

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *